الخميس 23 فبراير 2017 / 14:08

ترامب يستعد للتدخل في سوريا.. وحظوظ نجاحه محدودة

"تُرى كيف سيحكم التاريخ على إرث أوباما في سوريا؟" تساؤل طرحه الكاتب والمحلل السياسي أدم جليفير في صحيفة "ذا هيل" الأمريكية الإلكترونية، مشيراً إلى أن التدخل العسكري الأمريكي لا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق النتائج المرجوة.

ثمة حدود للقوة الأمريكية وأن التدخل العسكري الأمريكي لا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق النتائج المرجوة

وبينما يترقب العالم معالم سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاء سوريا، أوردت تقارير أن البنتاغون ربما يقترح تكثيف تورط الولايات المتحدة وإرسال قوات برية أمريكية إلى هذا البلد.

وصمة عار
وبالعودة إلى الوراء، يرى الكاتب أنه من البديهي أن تعتبر مؤسسة السياسة الخارجية لواشنطن استجابة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للفوضى في سوريا "وصمة عار" دائمة في إرث الأخير، خاصة مع مقتل قرابة نصف مليون سوري منذ اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس السوري بشار الأسد في مارس (آذار) 2011، مع إلقاء النخبة المعنية بالسياسة الخارجية باللوم على أوباما بالتقاعس عن بذل المزيد من الجهد.

يقول الكاتب: "ولكن تُرى كيف سيحكم التاريخ على نهج أوباما في سوريا؟ فقد عمد أوباما، على عكس العديد من الحالات الأخرى التي شهدتها فترة رئاسته، إلى مخالفة قواعد اللعبة التي تمارسها واشنطن وحال دون تورط الولايات المتحدة في صراع آخر في الشرق الأوسط، بيد أن ذلك أسفر عن مجموعة من التداعيات غير المقصودة".

قواعد اللعبة

وخلال المقابلة التي أجراها العام الماضي مع مجلة "ذا أتلانتيك"، انتقد أوباما ما أطلق عليه "قواعد اللعبة" للسياسة الخارجية في واشنطن التي تميل إلى تحديد الاستجابات الأمريكية "بالتدخل العسكري". واعتمد أوباما على مجموعة بارزة من مستشاري السياسة الخارجية الليبراليين الذين كانوا يؤيدون نهج التدخل من أمثال هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية سابقاً، وسوزان رايس مستشارة الأمن القومي سابقاً، وسامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سابقاً، إذ كان لهن دور بارز في الضغط للتدخل الأمريكي في ليبيا خلال 2011، فضلاً عن حض الولايات المتحدة على التدخل بشكل أكبر في سوريا.

ومع ذلك، فإن الضغط على الولايات المتحدة لدعم المتظاهرين السوريين لم ينبع فقط من داخل إدارة أوباما، حيث أن غالبية مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن (سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين)، بحسب الكاتب، كانت تؤيد قيام الولايات المتحدة بجهد أكبر في سوريا. وبالفعل طالب أوباما بشار الأسد بالتنحي في 2011، ومع تزايد وحشية وتعقيدات الحرب الأهلية السورية، ازدادت بشكل ملحوظ الضغوط على الولايات المتحدة للتدخل في سوريا.

نهج أوباما
وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثيرين من منتقدي نهج أوباما في سوريا، برأي الكاتب، يبالغون في توقعاتهم بشأن قدرة الولايات المتحدة على تشكيل الأحداث في سوريا، وينقل عن جوش لانديس (أحد المحللين السياسيين الأمريكيين) قوله: "لا وسيلة كان من الممكن أن تستخدمها الولايات المتحدة لحل المعضلة السورية بأي شكل من الأشكال البناءة، ويمكن القول إن ما فعله أوباما بإبعادنا عن هذا الأمر يُعد بمثابة (نعمة)".

وينوه الكاتب إلى أن أوباما رضخ بعض الشيء للضغوط وطلب من الكونغرس في 2014 الموافقة على دعم الولايات المتحدة لتدريب المعارضة السورية، ولكن هذا البرنامج فشل بشكل ذريع، وكذلك لم تنجح الجهود الأمريكية في تسليح جماعات المعارضة، خاصة في ظل غياب قوات برية أمريكية، كما أن قوات المعارضة المعتدلة كانت تتألف من مواطنيين مدنيين يحاربون دولة مسلحة جيداً تدعمها روسيا وإيران وميليشيات حزب الله.

ويلفت لانديس إلى أن سبب إخفاق الولايات المتحدة في سوريا لا ينبع من عدم المحاولة، وإنما يعود إلى افتقار الجماعات المعتدلة المدعومة أمريكياً للكفاءة والشعبية، ولذلك حققت الجماعات المتطرفة الفوز في سوريا لأنها تعد مقاتلين مدربين جيداً ولديها رؤية إستراتيجية.

داعش وفراغ السلطة

ويخلص الكاتب إلى أن قيام الولايات المتحدة بمحاولات جادة لإسقاط نظام بشار الأسد كان من شأنه أن يسفر عن خلق فراغ هائل في السلطة في وقت كانت الميليشيات المتطرفة مثل داعش هي القوة الوحيدة الصاعدة القادرة على ملء ذلك الفراغ، ويعني ذلك سيطرتها على ترسانة الأسلحة الكيميائية وتهديد الشرق الأوسط بأكمله، وعلاوة على ذلك، فإنه حتى قبل اندلاع الحرب الأهلية، كانت المعارضة السورية ضعيفة ومنقسمة وميؤوساً منها، وأدت الصراعات الراهنة إلى تعميق تلك الانقسامات.

ويوضح الكاتب أن قرار أوباما التدخل العسكري في ليبيا عام 2011 يجسد فشله في تطبيق الدروس المستفادة من حرب العراق؛ فعلى الرغم من إسقاطه نظام معمر القذافي، باتت الأمور في البلاد أسوأ بكثير مما كانت عليه خلال فترة حكم الأخير. ولكن في ما يتعلق بسوريا، كان أوباما يعتقد أن عليه مسؤولية لضمان ألا تتعثر الولايات المتحدة في حرب أخرى في الشرق الأوسط.

المستنقع السوري

ويشير الكاتب إلى إخفاق مؤسسة السياسة الخارجية لواشنطن في إدراك درس مهم مفاده أن ثمة حدوداً للقوة الأمريكية وأن التدخل العسكري الأمريكي لا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق النتائج المرجوة، إنها النقطة الغائبة بشكل واضح لدى أولئك الذين يحضون باستمرار على مشاركة الجيش الأمريكي في حل جميع مشاكل العالم. ويختتم الكاتب قائلاً: "في ظل وعود الرئيس دونالد ترامب بتعزيز التعاون مع روسيا لمحاربة داعش، يمكننا فقط أن نأمل أن مثل هذا التحرك لا يقود إلى وقوع الولايات المتحدة في فخ المستنقع السوري".