مؤتمر دعم الانتفاضة في طهران.(أرشيف)
مؤتمر دعم الانتفاضة في طهران.(أرشيف)
الجمعة 24 فبراير 2017 / 19:12

ثلاثة مؤتمرات لاغتيال م.ت.ف

الغيبوبة التي دخلتها منظمة التحرير عشية اتفاقيات اوسلو والتباس دورها وصلاحياتها وتداخل مهماتها مع السلطة في الضفة، سمحت بكل هذا ومنحت كل هذه المحاولات نوعاً من الشرعية

هناك ثلاثة مؤتمرات تحوم في فضاء المنطقة، وتتوزع بين "طهران" و "اسطنبول" وثمة نوايا متعثرة لمؤتمر/ اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني "الخالد" في "رام الله" بمن حضر.

تبدو فلسطين في المؤتمرات الثلاثة، بما فيها المتعثر الذي يشهق في غرف المقاطعة في حي "الإرسال" في رام الله، إعادة لتقسيم فلسطين بين قوى الإقليم ومروياتها المتناقضة، التي يمكن ترجمتها في توزيع قوى الصراع على الأرض.

فلسطين هي القناع هنا، صندوق التنكر، المرآة ، التعويذة التي ما زالت قادرة على العمل.

ذهب "الممانعون" إلى طهران للمرة السادسة في ست سنين متتابعة لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وأطرقوا رؤوسهم بتفهم عميق وهم يصغون لخطاب "المرشد"، المرشد الذي عادة لا يخطب في أي مكان، ولا يظهر إلا إذا دعت الحاجة، ولا يظهر للمشاة والمارة ويكتفي بصورته المعلقة في كل زاوية من حياة الشعب الإيراني وبيوت واحتفالات الميليشيات التي جرى تأليفها وإطلاقها في الإقليم، وعربات السلاح والعربات رباعية الدفع التي تذرع العراق وسوريا ولبنان واليمن على طول المنطقة وعرضها، وحيثما أمكن لفكرته الطائفية أن تصل.

المرشد الذي لا يمشي في الأسواق ولكن صورته تمشي ولا يتحدث مع الناس ولكن صورته تتحدث وتوحي وتشير وتلهم، كان حاضراً ومرئياً ومسموعاً في افتتاح "المؤتمر الساس لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني"، كان داخل القاعة هذه المرة هو وصورته معاً، وكانت كلماته بمثابة دليل ملهم أجمع المؤتمرون على حكمتها وشمولها، وتحولت إلى الوثيقة الأساسية التي سيهتدي بها التابعون حسب البيان الختامي الصادر عن أعمال المؤتمر.

لم يتردد المرشد في خطبته من توجيه النصح للفلسطينيين، نصيحة المتسلط التي تأتي محمولة على التهديد، تلك التي تتوزع بين خيارين.. إماّ وإماّ، إما أن تكونوا ضمن حلف المقاومة/الممانعة أو أن تواجهوا الاقتتال الداخلي، لم يأت الخطاب بأمثلة على ما يمكن أن يحدث لمخالفي النصيحة، رغم أنها متوفرة في أكثر من بلد مجاور.

غادر المرشد القاعة بعد الخطاب وترك صورته تحدق في الخطباء الذين تتابعوا على المنبر لثلاثة أيام كاملة، وكان من بينهم رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، الذي سيكون عليه توضيح فكرة ذهابه نفسها، ولن تكون كلمته، حمالة الأوجه، ومحاولة الرد الديبلوماسية التي تضمنتها كافية لتبريرمشاركته في مثل هذا التجمع.

"الإخوان المسلمون" سيذهبون إلى "اسطنبول" السبت 25 فبراير (شباط)، وسيطلقون اسم "المؤتمر الشعبي" على مؤتمرهم، وسيضعون الكوفيات السياحية، المصنوعة في "الصين" غالباً، حول أعناقهم، وسيأخذون معهم أدلة على شكل أشخاص متحمسين لاثبات أنهم يحكمون قطاع غزة"، وأنهم يسيطرون على مقدرات الناس هناك، وأن الشراكة مع "حلفاء" الممانعة الذين وصلوا الى طهران ليست سوى تفاصيل محسوبة. وسيواصلون نفي أن الغاية الأعمق من المؤتمر هي مواصلة الحفر تحت منظمة التحرير، بعد فشل اجتماعي بيروت وموسكو.

الشعار الذي يجتمع تحت عنوانه أكثر من ثلاثة آلاف شخصية سياسية وثقافية وأكاديمية من الشتات الفلسطيني لاستعادة المبادرة الوطنية في مناطق اللجوء، والذي سينتهي، كما أشار أحد المنظمين، إلى تشكيل مظلة عمل للتجمعات الفلسطينية في الشتات، يبدو مغرياً فعلاً، ويستند إلى أفكار عادلة وذات صدى عميق في الوجدان الفلسطيني والعربي، تماماً مثل عنوان "دعم الانتفاضة" للمرة السادسة في طهران، وعنوان "تحرير فلسطين" الذي تحول خلال عقود طويلة إلى مظلة لقمع الشعوب العربية ومبرراً "قومياً" للفساد وغياب التنمية ورداءة التعليم والصحة والاقتصاد، ومؤخراً السيطرة على قطاع غزة والتحكم بمقدرات مليوني فلسطيني وحصارهم، وتحطيم وسائل الحياة تحت شعار "المقاومة"، ولكنه، المؤتمر، يحمل في طياته وخلف "الغيرة الوطنية" اقتراحاً، كان دائماً حلم "جماعة الإخوان المسلمين"، الذي يقضي باحتلال منظمة التحرير سواء عبر اختراقها من الداخل أو من خلال بناء إطارات تمثيلية موازية.

الغيبوبة التي دخلتها منظمة التحرير عشية اتفاقيات اوسلو والتباس دورها وصلاحياتها وتداخل مهماتها مع السلطة في الضفة، سمحت بكل هذا ومنحت كل هذه المحاولات نوعاً من الشرعية، الشرعية التي يأتي بها غضب الناس ويأسهم، وهذا بالضبط ما سينجزه "المؤتمر الثالث"، اجتماع المجلس الوطني بمن حضر في رام الله، فيما لو عقد، الذي تسري الدعوة اليه مسرى المكيدة، مكيدة ستفضي الى الانتحار.