عراقي يدلي بصوته في انتخابات عامة.(أرشيف)
عراقي يدلي بصوته في انتخابات عامة.(أرشيف)
الثلاثاء 28 فبراير 2017 / 20:12

غنائم الانتخابات العراقية

تداعيات الصراع حول الاستحقاق الانتخابي تكشف عن حسابات متضاربة وأخرى متداخلة واصطفافات واستقطابات تتجاوز مشهد الإسلام السياسي الشيعي وتضعه أمام تحديات يضيق خياله بمحاولة إدراك أبعادها

يفتح اقتراب العد التنازلي للانتخابات المحلية العراقية هامشاً جديداً أمام إيغال أطراف الإسلام السياسي الشيعي، في تنميط ذهنية "الغزو" و"جني الغنائم" الناظمة لعلاقات المكونات السياسية.

من ناحيته، يرى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في انتخابات مجالس المحافظات المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل، فرصة لترتيبات تهيئ للحفاظ على كتلته "دولة القانون" وربما توسيع حضورها بالشكل الذي يعزز نفوذه وربما يعيده إلى سدة رئاسة الحكومة مما يدفعه لإلقاء ثقله من أجل إجرائها في موعدها. 

لقطع الطريق على المالكي يحاول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إدخال تغييرات تتجاوز الموعد إلى قانون الانتخابات وتركيبة المفوضية المتهمة بالانحياز للمالكي. محاولة رئيس الحكومة حيدر العبادي لملمة أطراف الخيوط المبعثرة لا تخفي رغبته في الاستفادة من صراع المالكي والصدر في تعزيز مواقعه داخل البيت الشيعي على أمل التجديد لولاية ثانية.

تداعيات الصراع حول الاستحقاق الانتخابي تكشف عن حسابات متضاربة وأخرى متداخلة واصطفافات واستقطابات تتجاوز مشهد الإسلام السياسي الشيعي، وتضعه أمام تحديات يضيق خياله بمحاولة إدراك أبعادها.

بين مضاعفات تطور صراعات قوى الإسلام السياسي الشيعي في العراق انقسام ما يعرف بـ "سنة العملية السياسية" بين الصدر والمالكي في تطور يكشف مدى عزلة السياسيين السنة عن قواعدهم المفترضة، وهشاشة بنية النظام السياسي العراقي وقابليته للانهيار في حال غياب الروافع الإقليمية والدولية التي حافظت على الحد الأدنى من تماسكه منذ الاحتلال الأمريكي وانهيار نظام صدام حسين.

تطال انعكاسات الصراع على الشارع العراقي الحراك المدني الذي أطلقته بعض الاأطراف العلمانية لتقليص نفوذ أحزاب الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي والحد من فسادها المالية مما يهدد بإسكات الأصوات المؤشرة على عوامل استعصاء الأزمة العراقية.

لا يخلو الأمر من قوة دفع إيرانية، بعضها مبني على متغيرات تجاذبات العلاقة مع الولايات المتحدة وقرب الفرقاء العراقيين من مراكز صنع القرار الإيراني، تظهر بوضوح في دعم طهران وتسليحها لطرف شيعي على حساب اخر وايجاد تشكيلات جديدة يمكن استخدامها عند الحاجة.

تفوق الدلالات التي يفضي إليها تعميق أزمة الإسلام السياسي الشيعي احتمالات التشابه مع الفشل الذي انتهى إليه نظيره السني في سنوات "الربيع العربي" لتكرس شكلاً جديداً من المواجهات البينية وتبرر تحذيرات "النهايات المظلمة" التي طفت على سطح مواجهات بغداد والتحشيدات الميليشوية في البصرة، مما يفتح المجال امام اعادة انتاج المعادلة الطائفية ويترك قناعة بعبثية المراهنة على نتائج الانتخابات المحلية والنيابية المقبلة وأوهام مساهمتها في ايجاد مخارج تحد من تفكيك مخلفات العملية السياسية.