غلاف الكتاب (المصدر)
غلاف الكتاب (المصدر)
الأحد 5 مارس 2017 / 22:17

ترجمة عربية لنصوص ورسائل فرناندو بيسوا المكتوبة مباشرة بالإنجليزية

24 - بروكسيل - عماد فؤاد

في أكثر من 400 صفحة من القطع المتوسط، صدر حديثاً كتاب "فرناندو بيسوا، رسائل ونصوص" ترجمة وتحرير المصري وائل عشري، ومن إصدارات "الكتب خان" بالقاهرة، ويشكل الكتاب سفراً جديداً لأعمال شاعر البرتغال الكبير، حيث يتضمن ترجمات جديدة لعدد ضخم من الرسائل والنصوص والقصائد التي كتبها بيسوا مباشرة بالإنجليزية.

وتقول المزحة الشائعة إن أهم أربعة شعراء في التاريخ الأدبي الحديث للبرتغال هم فرناندو بيسوا، في إشارة إلى بيسوا ذاته بالإضافة إلى أنداده الشعراء الثلاثة الأكثر شهرة بين الأنداد، "ألبرتو كاييرو" و"ريكاردو رييس" و"ألبارو دي كامبوس"، غير أن عالم أنداد بيسوا أكثر اتساعاً من هذا الثلاثي الشعري، فهو يشمل عديداً من شخصيات أخرى، وقد أحصى بعض دارسيه 136 نداً، بعضها رئيسي وبعضها هامشي، تناولوا في كتاباتهم موضوعات مدهشة في تنوعها، شعراً ونثراً بالبرتغالية والإنجليزية والفرنسية، في النقد الأدبي والرأي السياسي، وفي الكتابة الساخرة والتحليل الاجتماعي وفي القصة القصيرة والرواية البوليسية والفلسفة.

وهذا ما يوضحه وائل عشري في مقدمته الضافية للكتاب بقوله: "لم ينته بيسوا تقريباً من أي مشروع كتابة بدأه أو خطط له، وأخذت كتاباته الشذرة كوسيط دائم، تحت أسماء عدة ولغات متعددة، لم تكن مجرد أسماء مستعارة، ولا شخصيات أدبية ابتكرها كي يُخفي هويته أو كي يعبر عن أفكار أو وجهات نظر، لم يرد، لأي سبب من الأسباب، أن ترتبط بشخصه واسمه، بالأحرى كان هؤلاء كُتاباً مستقلين عنه، يكتب عبرهم أو يكتبون عبره، لكل منهم رؤيته الخاصة للعالم وأسلوبه الأدبي وجمالياته، وأحياناً آراؤه السياسية والاجتماعية".


ويوضح وائل عشري لـ24: أن ترجمته الجديدة لنصوص ورسائل فرناندو بيسوا تمثل مفارقة، حيث من المتوقع "من أي كتاب أن يقدم اكتمالاً أو تجانساً ما، إلا أن مثل هذه التوقعات تبدو متعارضة جوهرياً مع اللا-مشروع الذي يمثله بيسوا، والذي ربما يكون أعظم إنجازاته".

ومنذ طفولته، يخبرنا بيسوا بأنه شعر بحاجة إلى التعامل مع إحساسه بالتوحد عبر ملء العالم الواقعي بشخصيات خيالية، ويكتب "منذ كنت طفلاً شعرت بالحاجة إلى توسيع العالم بشخصيات متخيلة، أحلام لي صيغت بعناية، متصورة بوضوح فوتوغرافي، وسبرت أغوارها حتى أعماق روحها".

وهكذا قبل أن يتعدى الخامسة من العمر، كان بيسوا قد اخترع شخصيتين، فقد كان طفلاً منعزلاً وراضياً بذلك، بل إن أحد محرري أعماله المعاصرين، وجد في أرشيفه عدداً من الجرائد المتخيلة التي بدأ في كتابتها وتصميمها بنفسه وهو في سن الثالثة عشرة.

ويشير وائل عشري في تقديمه للكتاب إلى أن هناك تعقيداً آخر يحيط بشخصية بيسوا، "فقد عبر عن أفكار وآراء اجتماعية وسياسية وفكرية، ليست تقدمية بالضرورة، ولا تستدعي سوى موقف نقدي، وفي أكثر من موضع أظهر تحيزاً ضد النساء، كما اهتم اهتماماً عميقاً بالتنجيم وكشف الطالع والجماعات السرية، وكان بيسوا يهتم دائماً بما وراء العقل، وبما يقع خلف التخوم التي ليس بوسع العقل أن يستكشفها".

الجدير بالذكر أن "أنطونيو فرناندو نوجيرا دي سيابرا بيسوا" ولد في العاصمة البرتغالية ليشبونة في 13 يونيو (حزيران) 1888، وتوفي في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1935، ويعتبر اليوم أكبر شعراء البرتغال قاطبة، له إسهاماته البارزة في النقد الأدبي والترجمة، ومن أشهر أعماله الشعرية كتاب "اللاطمأنينة"، وظهرت أولى قصائده في العام 1895، وكانت عبارة عن رباعية شعرية مهداة إلى أمه، ونُشرت أولى مقالاته النقدية للشعر البرتغالي في العام 1912، كما شارك في تأسيس مجلة أورفي سنة 1912، ونشر قصائد بالإنجليزية في العام 1918، كما ترجم بعض قصائد إدجار بو إلى البرتغالية سنة 1923.

وأما المترجم والقاص المصري وائل عشري، فقد ولد بالقاهرة في العام 1974، وتخرج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب سنة 1995، وحصل على الدكتوراة في الأدب العربي الحديث من جامعة نيويورك سنة 2009، وصدرت له مجموعة قصصية بعنوان "سأم نيويورك" عن دار شرقيات بالقاهرة في العام 2005، ومجموعة قصصية ثانية بعنوان "الإغراء قبل الأخير للسيد أندرسون" عن دار الكتب خان" بالقاهرة في 2013.