مخيم عيم الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.(أرشيف*
مخيم عيم الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.(أرشيف*
الثلاثاء 7 مارس 2017 / 19:19

التفاف لبناني على المأزق الفلسطيني

بعض الحذر اللبناني بني على تفسيرات مفادها أن وراء الدعوة رغبة في استخدام الجيش لتصفية حسابات مع أطراف فلسطينية معارضة لم تتمكن سلطة رام الله من محاصرة حضورها بين اللاجئين

لامست دعوة دخول الجيش اللبناني لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من قصر بعبدا جوهر تفكير السياسيين اللبنانيين لكنها بقيت عاجزة عن الدخول في سياقات اهتماماتهم الراهنة.

حذر التعامل مع تفاصيل الوجود الفلسطيني في بلادها دفع الاطراف السياسية المؤثرة في القرار اللبناني إلى استحضار سريع لتفاصيل مبعثرة مثل أجزاء لعبة "الليغو" وتركيبها قبل اتباع خيار تجاهل الدعوة التي كان بامكانها إحداث ردود فعل مغايرة لو جاءت في ظروف مختلفة.

بين هذه التفاصيل التقاء السياسيين اللبنانيين عند قناعة بعجز الرئيس عباس عن اقناع المجموعات المسلحة بتسليم أسلحتها وإتاحة الدخول الآمن لقوات الجيش اللبناني إلى المخيمات، مما يثير مخاوف تكرار الأحداث التي جرت في مخيم نهر البارد قبل سنوات وأدت الى مقتل جنود لبنانيين.

بعض الحذر اللبناني بني على تفسيرات مفادها أن وراء الدعوة رغبة في استخدام الجيش لتصفية حسابات مع أطراف فلسطينية معارضة لم تتمكن سلطة رام الله من محاصرة حضورها بين اللاجئين. ومن أبجديات فهم السياسيين اللبنانيين لأوضاعهم الداخلية خضوع السلاح الفلسطيني في لبنان لمعادلات دولية وإقليمية تحول دون قدرة السلطة الفلسطينية على الوفاء بالتعهدات المفترض أن تقترن بالدعوة وتضمن نجاح خطوات التعاطي مع مضمونها.

في حالة التنظيمات الحليفة للنظام السوري وحزب الله يعد السلاح الفلسطيني خطاً أحمر من شأن الاقتراب منه إثارة تشنجات أطراف فاعلة في المشهد اللبناني وتوتير علاقتها بأخرى.
هشاشة الوضع الداخلي توحي بتعامل السياسيين اللبنانيين مع دعوة عباس باعتبارها "هدية مسمومة" فلم يغب عن أذهان الأطراف التي اعتادت اقتناص فرص التحذير من "الغرباء" و"الجزر الامنية" خشية أصحاب القرار من الإقدام على مغامرات تهدد الحد الادنى من التوافقات التي ساهمت في انتخاب رئيس للجمهورية.

يضاف إلى ذلك الاولويات الراهنة للأطراف السياسية اللبنانية المتمثل بعضها في انهاء الانقسام حول صيغة قانون الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها مع نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي.
وعزز التصعيد الذي جرى في مخيم عين الحلوة المعروف بعاصمة الشتات الاعتقاد بخطورة زج الجيش اللبناني مجدداً في مواجهة مع الجماعات المسلحة دون تسويات إقليمية للسلاح الفلسطيني مما أظهر وجاهة مخاوف النخب السياسية والحزبية اللبنانية من أخذ دعوة الرئيس عباس على محمل الجد.

حاجة سلطة رام الله إلى تعويم أزماتها الداخلية المغرية للاستثمار الإقليمي أدت إلى تجاهلها حسابات الربح والخسارة ـ وهي تعيد تسليط الأضواء على اللجوء الفلسطيني في لبنان ـ ولذلك لم تقف دلالات اخفاق دعوة الرئيس عباس عند حدود العجز عن إثارة اهتمام المشهد السياسي اللبناني ففي ثناياها ما يوحي بارتباك في قراءتها للمشهد السياسي نجم عن انعدام القدرة على التعامل مع المجتمع الدولي واتساع قاعدة المعارضة الفلسطينية في الداخل والشتات.