منظمة دول أوبك (أرشيف)
منظمة دول أوبك (أرشيف)
الأحد 12 مارس 2017 / 18:11

تقرير محاولات منظمة أوبك لضمان السعر المثالي والعادل للنفط

كشف أسبوع سيرا، جميع التناقضات الجوهرية التي تشوب محاولة أوبك إعادة التوازن إلى سوق النفط، دون التسبب في طفرة النفط الصخري، أو التخلي عن حصة سوقية كبيرة للمنافسين.

واستهل مؤتمر قطاع النفط في هيوستون أعماله محتفياً بارتفاع الأسعار والتقدم صوب خفض المخزونات العالمية وتفاؤل بأفق منتجي النفط الصخري، لكنه اختتمها بأكبر تراجع يومي للأسعار في أكثر من عام، ومخاوف من استمرار مخزون النفط مرتفعاً، وتحذير من احتماا تسبب منتجي النفط الصخري في تراجع جديد، إذا زادوا الإنتاج بأسرع مما يجب.
 
وحدة الصف
كشف أعضاء أوبك بقيادة السعودية عن التزام شبه كامل بتخفيضات الإنتاج المعلنة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن الأداء يظل متفاوتاً داخل المنظمة.

مرة أخرى نفذت السعودية أكبر تخفيض لتعويض أثر الالتزام المتباين للأعضاء الآخرين، لتعود إلى دورها غير المحبب منتجاً مرناً.

لكن مسارعة أوبك إلى زيادة الإنتاج قبل بدء سريان الاتفاق في يناير (كانون الثاني) أبقت على تضخم سوق بالخام، الذي ما زال يظهر في الإحصاءات مع وصول الناقلات إلى أمريكا الشمالية وتفريغها.

وعبأت أوبك دعم 11 دولةً أخرى، لتوزيع عبء إعادة التوازن، وحماية حصتها السوقية، لكن امتثال الدول غير الأعضاء أقل بكثير.

واضطر أعضاء المنظمة إلى خفض أسعار بيع صادراتهم من الخام لحماية علاقاتهم الثمينة مع شركات التكرير الآسيوية.

وراكمت صناديق التحوط مستوىً قياسياً من مراكز المراهنة على ارتفاع الأسعار في العقود الآجلة للخام، وعقود الخيارات لتتجاوز 900 مليون برميل.

وتتوقع كل صناديق التحوط تقريباً تمديد تخفيضات إنتاج المنظمة، بعد موعد انتهائها في 30 يونيو (حزيران) لتقليص المخزونات.

ولكن أوبك والسعودية أمضتا أسبوع سيرا في تحذير منتجي النفط الصخري من زيادة الإنتاج لأكثر من اللازم، وافتراض تمديد تخفيضات الإنتاج تلقائياً.

وحذرت السعودية منتجي النفط الصخري بوضوح من أنها لن تخفض إنتاجها، ليزيدوا إنتاجهم.

ولكن الامتناع عن التمديد يعني زيادة إنتاج النفط العالمي بأكثر من مليون برميل يومياً، في مطلع يوليو (تموز) لتتهاوى أسعار النفط على الأرجح.

السعر المثالي
تريد أوبك رفع الأسعار وفي نفس الوقت حماية حصتها من السوق.

وتحاول المنظمة الوصول إلى السعر المثالي، المرتفع بما يكفي لتعزيز الإيرادات والإبقاء على رهانات صناديق التحوط على الصعود، ولكن ليس مرتفعاً إلى الدرجة التي توقد شرارة طفرة استخراج النفط الصخري من جديد.

المشكلة أن ذلك النطاق المثالي بالغ الضيق، ولايوجد على الإطلاق بصورة ترضي كل الأطراف المعنية التي تحاول أوبك حشدها داخل إطار عمل تعاوني.

سعر عادل
تُشير معظم التقديرات إلى أن سعر التعادل للنفط الصخري الذي يمكن مواصلة الإنتاج عنده يقع حالياً في حدود 50 أو 55 دولاراً للبرميل.

ومن المتوقع لأسعار في نطاق 60 أو 65 دولاراً أن تُسفر عن زيادة كبيرة في الإنتاج.

ولكن صناديق التحوط راكمت بالفعل مراكز قياسية، مراهنة على ارتفاع السوق في ظل أسعار بين 50 و55 دولاراً للبرميل من خام غرب تكساس الوسيط، وخام برنت، وتحتاج إلى فرصة صعود كبيرة، لتظل مُهتمةً.

واستعادة توازن السوق تستغرق وقتاً أطول من المتوقع كما أقر المسؤولون السعوديون في هيوستون الأسبوع الماضي.

اليد الخفية
تواجه أوبك، أو في الواقع تواجه السعودية، المعضلة التقليدية: فإما أن تركز على رفع الأسعار، أو حماية حصتها من السوق لكن ليس الاثنين معاً.

سيُسلط الضوء على تلك المعضلة خلال الشهرين القادمين عندما تقرر أوبك، تمديد العمل بتخفيضات إنتاجها بعد يونيو (حزيران) من عدمه، رغم الالتزام الضعيف من غير الأعضاء، وزيادة إنتاج النفط الصخري.

ولا تسيطر أوبك والسعودية إلا على جزء صغير من الإنتاج العالمي، ولا تستطيعان منع تطوير موارد النفط الإضافية خارج دول أوبك.

نظرياً وعملياً
نظرياً، يُمكن لأوبك جلب الاستقرار إلى الأسعار في نطاق ضيق بين 50 و60 دولاراً للبرميل، لكن ذلك سيتطلب براعةً استثنائيةً، وكثيراً من الحظ.

فالمحاولات السابقة للمحافظة على الأسعار داخل نطاق ضيق في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الماضي ثم في 2009 و2010، لم تكلل بالنجاح.

وجهود تحقيق الاستقرار في أسعار النفط لم تنجح لفترة طويلة قط لهذا السبب تحديداً، ومن غير المتوقع أن يختلف الأمر هذه المرة.

عملياً، تخضع السوق للأسعار، ما يُبقي نمو النفط الصخري منسجماً مع طلب المستهلكين.

هوت الأسعار هذا الأسبوع، لأن بعض المتعاملين على الأقل أعادوا النظر في رؤيتهم لفرص خفض مبكر في المخزونات وإعادة توازن سريعة.

وكان للمخاوف من الانتعاش السريع للإنتاج الصخري، واحتمال تجدد فائض الإنتاج أثر أيضاً.

وبالإضافة إلى تلك العوامل فإن تراكم المراكز الدائنة لصناديق التحوط، يُثير المخاوف من نقص السيولة في السوق عن تصفية كل تلك المراكز.

ورغم كل الحديث عن سياسات الإنتاج بين المشاركين في مؤتمر هيوستون، فإن الأسعار لا الاستراتيجيات، التي تحكم سوق النفط.