باسل الأعرج.(أرشيف)
باسل الأعرج.(أرشيف)
الإثنين 13 مارس 2017 / 20:12

الأحد الأسود.. يوم عارنا في رام الله

ربما لا تعني الفضيحة شيئاً لسلطة التنسيق الأمني التي لا تقيم وزناً للموقف الشعبي ولا تعير اهتماماً لحالة الغليان التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة تحت حصار الشراكة الاحتلالية – السلطوية

"إذا أردت أن تكون مثقفاً فلا بد أن تقاوم الاحتلال، وإذا لم تقاوم فلا قيمة لك أو لثقافتك"، بهذه الكلمات الواضحة عبر الشهيد باسل الأعرج عن رؤيته لدور المثقف الفلسطيني. وقد كتب هذه الكلمات بأسلوبه الخاص قبل زمن من اغتياله بالرصاص الإسرائيلي في رام الله، وقبل زمن من الأحد الأسود يوم عار السلطة وشرطتها التي قمعت متظاهرين سلميين كانوا يحتجون على محاكمة الشهيد باسل بتهمة حمل السلاح في مواجهة الاحتلال.

رسالة الشهيد باسل الذي عرف سجون الاحتلال وسجون سلطة التنسيق الأمني في رام الله، وصلت إلينا جميعا، لكنها لم تصل إلى رئيس السلطة المنتهية ولايته وصلاحيته الوطنية، ولم تصل إلى مجموعة المصفقين الذين يحملون ألقاباً أكبر كثيراً من قيمهم، ولم تصل إلى قادة الفصائل وممثليها الذين يرتشون بالمخصصات المالية وجوازات السفر الدبلوماسية، ونزعم أيضاً أنها لم تصل إلى الخلية القيادية الفلسطينية التي شكلت غرفة عمليات لإنجاح مرشحها في "أراب آيدل".

لذا كان ما كان في رام الله، عندما تجاوز النظام حدود الوقاحة بإقامة محاكمة للشهيد وعدد من رفاقه بتهمة حمل السلاح، وتجاوز النظام وأدواته القمعية حدود العيب بقمع المحتجين على هذه المحاكمة وسحلهم في الشوارع والاعتداء بالضرب على والد الشهيد ومحتجين آخرين لم يفعلوا شيئاً غير الوقوف أمام مبنى محكمة العار.

كان يوم الأحد يوماً مشؤوماً في روزنامة الحدث الفلسطيني، لكنه على قسوته، كان يوماً كاشفاً للجميع، شعباً يرفض فساد السلطة ودورها الأمني في خدمة الاحتلال، وفصائل تقتات على فتات المنح والمعونات المقدمة لها على حساب خبز الناس، ومثقفين وكتاب فلسطينيين يسبحون بحمد الفساد تحت الشعار الثوري.

ربما لا تعني الفضيحة شيئاً لسلطة التنسيق الأمني التي لا تقيم وزناً للموقف الشعبي ولا تعير اهتماماً لحالة الغليان التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة تحت حصار الشراكة الاحتلالية – السلطوية. لكنها تعني الكثير للفلسطينيين في الضفة والقطاع ووراء الخط الأخضر وفي الشتات، لأنها كشفت بشكل نهائي نوايا السلطة القائمة والعقيدة القتالية لأجهزتها الأمنية والشرطية التي تمارس دوراً معيبا في خدمة الاحتلال وحماية قطعان مستوطنيه وتقمع الحراك الوطني في الداخل، وتذهب إلى استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين كما حدث في مخيم الدهيشة مساء الأحد.

تكشف الفضيحة أيضاً هزال الفصائل واستسلامها للأمر الواقع وانخراطها في مشروع استدامة الجمود واختصارها لدورها النضالي في البيانات والتصريحات المموهة. وهو واقع مخجل ينبغي أن يدفع الفلسطينيين إلى إعادة النظر في وضع منظمة التحرير بشكل عام.

مخجل ومخز ما حدث في رام الله يوم الأحد، وغير مقنعة رواية سلطة التنسيق الأمني وخطابها الممجوج حول "الحفاظ على ما بنيناه" وتبريرات ناطق الشرطة الذي لا نعرف باسم من ينطق حين ينطق زوراً وبهتاناً. أما قرار رئيس الحكومة بوقف رئيس شرطة رام عن العمل وإحالته إلى التحقيق فإنه يجيء لذر الرماد في العيون، خاصة وأن شرطي رام الله لم يختلف في أدائه عن شرطي نابلس في الاعتداء على مخيم بلاطة ولم يختلف عن شرطي بيت لحم الذي تحمس لإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في مخيم الدهيشة.

واقع الأمر أن سلطة التنسيق الأمني تكره السلاح الذي لم يحمله أبداً رئيسها "المناضل"، وهذا قد يكون مقبولاً لدى جموع الفلسطينيين شريطة عدم مطالبتهم في الوقت ذاته بأن يحبوا السلاح الإسرائيلي ويتعاونوا معه.