الشرطة التركية تعتقل متظاهرين في اسطنبول.(أرشيف)
الشرطة التركية تعتقل متظاهرين في اسطنبول.(أرشيف)
الخميس 16 مارس 2017 / 14:37

تركيا أمة تحت الحصار.. تحديات وأزمات من كل حدب

24- زياد الأشقر

روى باتريك كينغسلي في صحيفة نيويورك تايمز أنه كان يهم للكتابة عن تركيا، البلد الذي يعاني توتراً بسبب الحرب، وتمرد الارهابيين، وأزمة لاجئين وحملة متصاعدة ضد المعارضين، وصلته من ديبلوماسيين أتراك علبة بغلاف مخملي وجد فيها حجراً رمادياً مع بطاقة تشرح أن هذا "رمز الوفاء التركي للديمقراطية".

تركيا عالقة في وسط التوترات المتصاعدة حول سوريا بين حلفائها في الناتو من جهة وروسيا من جهة أخرى. وهي ممزقة بنقاشاتها الداخلية حول دور الإسلام في المجتمع وحول تعزيز أردوغان قبضته على السلطة

وكان الحجر جزءاً من مبنى البرلمان التركي الذي قصفه الانقلابيون في الجيش الصيف الماضي. ومذذاك أطلقت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان حملة تطهير شملت عشرات الآلاف من المعارضين ومن مخططي الانقلاب، وسرح 130 ألف موظف حكومي أو علقت أعمالهم، وتم اعتقال أكثر من 45 ألف جندي وضابط شرطة ومدرس وسياسي وصحافي.

تحذير مبطن؟

ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، تساءل كينغسلي ما إذا كان الحجر هو تحذير بارع كي يتجنب الخروج عن السردية الحكومية في الدفاع عن الديمقراطية. لكن ذلك ليس ممكناً في بلد فيه العديد من الأجندات المزدحمة. وهذا المقال هو الأول ضمن سلسلة يحاول فيها إظهار الخيارات الصعبة التي على الناس اتخاذها فيما هم عالقون في الوسط.

وبالنسبة إليهم، فإن هذا ليس نقاشاً مجرداً. إنهم يقيمون في مكان حيث أن الخيارات اليومية وحتى المسائل المركزية للهوية، العلمانية أو التدين، تركي أو كردي، مواطن أو لاجئ، يمكن في أحيانٍ كثيرة تعريف الأشخاص على أساس أنهم موالون لأردوغان أو أنهم جزء من المعارضة غير الموثوقة.

تحديات وأزمات
وقال: "عشت في تركيا العام الماضي حين كنت أغطي مسألتي اللاجئين والهجرة. وفي تغطيتي الجديدة دُهشت بالتحديات الطويلة الأجل والأزمات التي تضافرت معاً في هذه اللحظة".

فالبلاد تقاتل على جبهتين ارهابيتين منفصلتين (واحدة يقودها الأكراد العلمانيون والأخرى يقودها متطرفو داعش)، كما أن هناك حربين بريتين (في جنوب شرق تركيا وفي شمال سوريا). وهي تستضيف من اللاجئين السوريين، 2,75 مليون منهم، أكثر من أي بلد آخر. وهي عالقة في وسط التوترات المتصاعدة حول سوريا بين حلفائها في الناتو من جهة وروسيا من جهة أخرى. وهي ممزقة بنقاشاتها الداخلية حول دور الإسلام في المجتمع وحول تعزيز أردوغان قبضته على السلطة.

مزيد من الصلاحيات
وفي أقل من شهر، سيترتب على الناخبين الأتراك الإجابة عن سؤال سيطرح عليهم في الاستفتاء عما إذا كانوا سيقبلون بتسليم أردوغان مزيداً من الصلاحيات. وفي بلد يختلف فيه المواطنون حتى حول معظم التفسيرات الأساسية لأفعال أردوغان- هل هو يدافع بقوة عن بلد تحت الحصار أو أنه يقوم بمناورة من أجل تعزيز قبضته على السطلة- فإن القرارات اليومية باتت على درجة من التعقيد، ومفعمة بالسياسة وبالأخطار المحتملة. فهل يتعين على مدرسة تكافح وسط عمليات التطهير التي تطاول المعلمين أن تبدي قلقها حيال تدمير النظام المدرسي وتخاطر تالياً بان تكون هي نفسها أيضاً عرضة للتطهير؟ وهل يمكن لزعيم محلي أن يوفق بين تضحيته للدفاع عن الديمقراطية خلال الانقلاب في الوقت الذي تقمع فيه الحكومة الحريات الديمقراطية؟ ولماذا يتعين على فتى سوري يبحث عن عمل، ألا يبلغ عن عنوان دائم له، خوفاً من تعرضه للاعتقال؟