صورة تعبيرية.(أرشيف)
صورة تعبيرية.(أرشيف)
الأحد 19 مارس 2017 / 20:03

القراءة والقرائية: الهدف والوسيلة

الطلاب الذين درسوا في حقبة زمنية ليست ببعيدة، وكانوا يحفظون مصطلحي القراءة الصامتة والقراءة الجهرية، هم اليوم من يبحثون عن دورات تعلمهم القراءة السريعة والقراءة التصويرية والقراءة الذكية

يهتم الجميع بالقراءة، يتحدثون بقناعة أنها سبب نهضة، وطريق رقي، ومفتاح عوالم المعرفة. أشارك الجميع قناعاتهم، وأضيف أنها السبيل الأول والأفضل للتعلم.
حين نتحدث كتربويين عن التعلّم ونربطه بالقراءة نواجه باتهامات من مثل: إننا نقولب الطالب، أو نحاصره بالنص المصنوع، أو نجبره على اجترار معلومات، ثم نطلب منه أن يستظهرها لليلة الامتحان المرعب.

لم يعد أحد يفكر بهذه الطريقة. وحتى أكون دقيقاً، لم يعد الجميع يفكر بهذه الطريقة. فالميدان التربوي: وزارات التربية والتعليم، المؤسسات التعليمية، المدارس الخاصة، وحتى المعلمون والمعلمات بدؤوا يفكرون بأن تنمية مهارات الطالب في القراءة وفق معايير متسلسلة، ومن خلال سلاسل قرائية متدرجة تلامس احتياجات القارئ وتناسب قدراته أجدى، وأنفع من الاقتصار على الكتاب المدرسي.

الطلاب الذين درسوا في حقبة زمنية ليست ببعيدة، وكانوا يحفظون مصطلحي القراءة الصامتة والقراءة الجهرية، هم اليوم من يبحثون عن دورات تعلمهم القراءة السريعة والقراءة التصويرية والقراءة الذكية. حين ينخرطون في تلك الدورات يكتشفون أنهم لم يتعلموا القراءة كما ينبغي.

"يوسف سالم" درس في المرحلة الابتدائية والإعدادية في الفترة من 1984 – 1991 ولم يصل للمرحلة الثانوية، يقول: "كانت فترة القراءة الصامتة بالنسبة لي فترة راحة من أي جهد عقلي، كان المعلم يطالبنا بالصمت، كان الأمر سهلا. حين ينتهي وقت القراءة الصامتة يسأل سؤالاً يجيب عليه أحد الطلاب، ثم ننتقل للقراءة الجهرية".

"سعيد غانم" درس جميع مراحل التعليم العام والجامعي، أصبح موظفاً ورئيس قسم، وحين طلب منه أن يلقي كلمة في احتفال المؤسسة قال: "مستحيل، أنا في حياتي لم أتكلم في الإذاعة المدرسية"، ثم فكر قليلاً وأضاف: "أنا أصلاً لا أتذكر أنه أتى دوري في القراءة الجهرية في الصف، كان الأمر يتوقف دائماً بعد الطالب رقم 5". يوسف وسعيد نموذجان معبران عن شريحة واسعة من الطلاب وليسا استثناء.

اليوم نتحدث عن القراءة ونخصص لها عاماً، وبعد أن انتهى العام أصبحنا نحتفي بشهر في كل عام. فجأة صار المجتمع كله مهتماً بالقراءة، ولا أقول قارئاً.
إن أجدر الناس اهتماما بالقراءة هم معلمو القرائية، فما أحوجنا إلى خبراء فيها، وما أحوجهم إلى أن يقودوا مسيرة القراءة.