الإثنين 20 مارس 2017 / 14:07

التعليم في الطفولة المبكرة.. كلمة السر لأجيال مبتكرة

24 - الشيماء خالد

تقول الخبيرة التربوية الأمريكية، سوزان ويلس، في كتابها "التعليم اليوم": "هناك معلمون ملهمون حول العالم، يكون لهم أكبر أثر وأكثره رسوخاً في عقول الطلاب، في مرحلة الطفولة بالذات، وهؤلاء المعلمون هم غالباً من أفراد الأسرة، والتربويون، أو غيرهم ممن يتعامل الطفل معهم في المرحلة بين العامين والخمس سنوات، خارج قاعات الدراسة والوصف التقليدي للمدرسة والمعلمين".

وتتفق ويلس مع الباحث الأمريكي في شؤون التعليم، ستيف سبانغلر، الذي يقول: "علينا إيلاء بالغ الأهمية للتعليم المبكر، وتذكر أن الطفولة المبكرة هي الفترة التي غالباً ما تحدد قدرات الطفل العقلية ومهاراته لمستقبله بالكامل".

وتتعاون ويلس مع سبانغلر في توعية الأهالي والمدربين والمعلمين المعنيين بالأطفال بأهمية هذه المرحلة، ويقومان معاً بإلقاء محاضرات ونشر مقالات في هذا الشأن.

لماذا يجب أن نهتم بالتعليم المبكر
ويقول سبانغلر: "بالنسبة للصغار في هذه السن، فإننا لن نحتاج لشرح أهمية البحث والاكتشاف، فذلك وضع طبيعي بالنسبة لهم، ذلك أنهم مجبولون على التساؤل والحركة وقلب كل حجر، وبالتالي فمهمتنا سهلة رغم جسامتها، كل ما علينا فعله هو التقاط طرف ما هو تلقائي وعفوي بالنسبة لهم، من خلال إدراك ما نسميه لعباً وتسلية".

ويشرح سبانغلر: "أعتبرها خرافة تلك القائلة أننا بحاجة لإقناع الصغار بأهمية العلوم وتخفيفها لهم، ففي الحقيقة العلوم ممتعة جداً بالسليقة بالنسبة لهم، كل ما علينا فعله تقديمها بطريقة صحيحة".

".حين يقول أحدهم أنه يكره العلوم فذلك حتماً وليد تجربة سيئة، في الطفولة، هذه الخبرة السلبية حيال الأمر في سن مبكرة هي ما جعلتهم يعرضون عن العلوم، لذا نحن بحاجة للعمل بحماس في المرحلة الدقيقة المتمثلة في الطفولة المبكرة لجعل حب الاكتشاف واللعب والسؤال أموراً مبتكرة وممتعة لأبعد حد".

ويشير خبراء مختصون بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة إلى الأثر المدهش في صقل معلومات الأطفال وآرائهم وقدراتهم حين نعتني بهذه المرحلة بالذات، وبحسب ويلس تشير بحوث هامة إلى أن الأطفال شكلوا آراء (سواء سلبية أو إيجابية)، حول العلوم مثلاً بمجرد اقترابهم من عمر 7 سنوات، وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق المسؤولين عن الأطفال في المرحلة السابقة للوصول لهذه النتيجة، وتشدد ويلس على أن وضع العلوم بالذات في قمة هرم الاهتمامات المتعلقة بالطفل، ليس خياراً، بل واجب ملح.

وتقول ويلس: "لدينا فرصة كأهل ومعلمين لخلق خبرة مذهلة ستحدد مصير الطلاب خلال كل حياتهم الدراسية، وبطبيعة الحال ما بعدها تقريباً".
وتضيف: "بإمكاننا خلق جيل من العلماء، بالاعتماد على التعليم المبكر، وتجري في أمريكا وكبرى دول العالم اليوم مناقشات على مستوى وطني للاهتمام بالأطفال في هذه السن، نحو اختيار الأمثل لهم في مجالات العلوم والهندسة".

ويشدد خبراء عالميون في التربية، على ضرورة وجود مبادرات مستمرة لتوجيه الأهالي لأهمية التعليم المبكر، ومزجه بالمرح والاحترام والمعرفة بمعناها العميق والمتنوع، وتجنب حشو المعلومات، بحسب سبانغلر.

النوابغ الصغار .. خطة طريق

وتشير ويلس لإمكانية تشكيل جيش من النوابغ والعباقرة والطلاب المميزين، بالاعتماد على التعليم المبكر، وتقول: "هذه كلمة السر الصحيحة نحو علماء ومهندسين ومفكرين قادرين على تغيير العالم، وتنمية أوطانهم وخدمة البشرية ككل، الأمر أشبه بخطة طريق".

بشكل أساسي علينا السعي لتعزيز اللعب المبتكر والغني للطفل نحو العلوم، بتعزيز مفهوم العالم الساحر الواعد المليء بالمفاجآت، وتشجيعهم على التقصي والرغبة في المعرفة، ويتم ذلك بإطلاق العنان لهم في التعبير، وعدم تجاهل أسئلتهم أو منعهم من مواضيع دون أخرى، واختيار الوقت المثالي لتوجيههم، والسعي دائماً لمساعدتهم على فهم الكيفية التي تسير بها الأمور، والعالم من حولهم".

وتشير ويلس لضرورة وضع ما يسهل على الأطفال الغوص في مواضيع مثل الفيزياء والبيولوجيا والكيمياء والرياضيات والأحياء وغيرها، دون تحيز أو شح في المعلومة وطرق تقديمها، باللعب والتجارب العلمية وغيرها مما يجعل المعرفة تتسرب لوعيهم دون أن يشعروا بحالة التلقين.

وتحذر ويلس من اعتماد مصطلحات صعبة لتعليم الطفل بشكل مباشر، ولكن في الوقت ذاته تنصح بتعريضه للغة بمختلف مستوياتها بشكل غير مباشر من خلال أفلام وموسيقى مختارة، وكتب متنوعة ومعززة بالصور والألوان، وايضاً تكرار المواضيع كلها عموماً بأشكال مختلفة.

ويؤكد سبانغلر على استغلال ميول الطفل التي تختلف من واحد لآخر في هذه العملية الهامة والحساسة في نفس الوقت كما يقول، ويضيف: "عليك اكتشاف ما يفضله الطفل، واستيعاب اختلافه عن الآخرين، لاستغلال ذلك بالشكل الأنسب في تعليمه، وفي هذا السن بالذات يجب الاهتمام بالتغذية وإحاطته بجو نفسي صحي، وإكسابه المعرفة بأنشطة متنوعة، وبالتأكيد ستفاجئنا النتائج الإيجابية العظيمة لهذه الرعاية، متمثلة في طلاب بقدرات تعليمية واجتماعية وإبداعية أكثر من ممتازة".