الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الأربعاء 22 مارس 2017 / 19:07

الجديد والقديم في الانتخابات الإيرانيّة

يتبدّى، بعد 38 سنة على قيام النظام الخمينيّ، أنّ إيران لا تزال تعيش مرحلة انتقاليّة تطال أسساً ومرتكزات عدّة

في مايو (أيار) المقبل ستتوجّه إيران إلى صناديق الاقتراع. لن يكون ثمّة جديد يميّز هذه الانتخابات عن سابقاتها لجهة قانون التصفية الصارم الذي يخضع له الترشّح، وتالياً دفتر الشروط المُلزمة التي يتصدّرها التسليم بـ "ولاية الفقيه".

مع ذلك، هناك جديد بعيد الأهميّة يتمثّل في عناصر ثلاثة:
العنصر الأوّل اسمه دونالد ترامب. ذاك أنّ الرئيس الأمريكيّ الذي لم يُخف عداءه للنظام الإيرانيّ، كما لم يُخف من قبل معارضته للاتّفاق النوويّ الغربيّ مع طهران، يُربك الحسابات الداخليّة لأهل السلطة في طهران. "المعتدلون" و"الإصلاحيّون"، وعلى رأسهم الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيّته محمّد جواد ظريف، متخوّفون من تصعيد أمريكيّ يُحمَّلون هم مسؤوليّته، وتتأدّى عنه إطاحتهم وإطاحة خطّهم. أمّا "الحرس الثوريّ" والدائرون في فلكه فيحبّذون مثل هذا التصعيد الذي يقوّي حجّتهم حيال حجج روحاني وظريف. ذاك أنّ الديبلوماسيّة – وفقاً لهم – لا مكان لها عند التعامل مع "الشيطان الأكبر"، فيما العلاج الأوحد مزيد من تجذير المواقف والمواجهات الميدانيّة.

أمّا العنصر الثاني فأنّها ستكون أوّل انتخابات تُجرى منذ الثورة الخمينيّة في 1979 يغيب عنها الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني. فرحيل رفسنجاني، مطالع هذا العام، حرم النظام من منصّة تحكيميّة كانت تمتصّ نزاعات الأجنحة والفِرق ذات المواقف والمصالح المتعارضة (وهذا علماً – وهي مفارقة لافتة جدّاً– أنّ هاشمي رفسنجاني لم يعد يستطيع في السنوات الأخيرة حماية أفراد أسرته أنفسهم).

وأمّا العنصر الثالث، الذي كثر في السنتين الأخيرتين تناوله في الإعلام الغربيّ، فيدور حول المرشد الأعلى علي خامنئي واحتمال رحيله. فعمر خامنئي يبلغ اليوم السابعة والسبعين، وقد دارت تكهّنات كثيرة في إيران وخارجها، حول وضعه الصحّيّ، كما ظهر من يصفه بالتردّي. فإذا غادر خامنئي عالمنا فجأة فيما القضايا الخلافيّة المعلّقة في بلده أكثر كثيراً من القضايا المحسومة والمتّفق عليها، بات من الطبيعيّ أن تحاط الانتخابات المقبلة بعلامات الاستفهام العديدة التي تمتدّ من السياسة الخارجيّة إلى الاقتصاد، ومن موقع "الحرس الثوريّ" إلى الشؤون الثقافيّة، ناهيك عن الصلة بحزب الله اللبنانيّ والميليشيات الشيعيّة في العراق.

والحال أنّ رحيل خامنئي، بعد رحيل رفسنجاني، يُنهي الجيل الأوّل للثورة الذي تتلمذ أفراده على آية الله الخميني ثمّ تولّوا المسؤوليّات المباشرة منذ انتصارها. فمحمود الطالقاني توفي بعد قيامها مباشرة، ومحمّد بهشتي قضى في انفجار شهير هزّ طهران عام 1981، وحسين علي منتظري، الذي عُيّن في البداية نائباً للخمينيّ، عُزل في 1989 قبل ان يُتوفّى في مدينة قم في 2009، ومهدي كرّوبي ومير حسين موسويّ اللذان تزعّما "الثورة الخضراء" في 2009، فيُرجّح أنّهما يقبعان مذّاك في الإقامة الجبريّة.

هكذا يتبدّى، بعد 38 سنة على قيام النظام الخمينيّ، أنّ إيران لا تزال تعيش مرحلة انتقاليّة تطال أسساً ومرتكزات عدّة. وهذا ما يمنح الانتخابات المقبلة أهميّة فائقة، خصوصاً مع تعاظم الدور الإقليميّ والإمبراطوريّ لإيران. ذاك أنّ المسافة بعيدة جدّاً بين واقع الحال السياسيّ والاقتصاديّ في الداخل وبين الحضور العسكريّ والسياسيّ في بلدان تمتدّ من سوريّا إلى اليمن، ومن العراق إلى لبنان. فهل ستتمكّن تلك الانتخابات، بالنتائج التي ستتمخّض عنها، من تقصير هذه المسافة، أم أنّها ستؤدّي إلى المزيد من إطالتها؟