جسر  وستمينستر حيث دهس مهاجم مدنيين.(أرشيف)
جسر وستمينستر حيث دهس مهاجم مدنيين.(أرشيف)
الجمعة 24 مارس 2017 / 20:03

العالم يحارب داعش ويهددها... والبعض يهدد بها

الإرهاب سلاح وناجع جدًا ويخيف كل الدول. ولكن يجب على من يحاول استخدامه أن يدرك أنه سلاح ضد الجميع

انعقدت الأسبوع الماضي قمة لمحاربة داعش، في واشنطن . وقبل التئامها قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر: "سيكون هنالك مباحثات موسعة تتعلق بالمضي قدماً، وسنتطلع، بالتحديد، إلى طرق لتكثيف الحملة الحالية (لمحاربة داعش)، والتي تتفق مع ما طرحه البيت الأبيض مقدماً من استراتيجية" وكان واضحًا أن الهدف هو نقاش خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للقضاء على تنظيم الدولة والخروج بخطوات عملية ضمن تعهدات أطلقها مسبقاً بجعل محاربة التنظيم أولوية. ولكن كان لداعش رسالة فجع بها العالم في لندن. فبين رسالتي الإرهاب ومحاربيه ماذا نقرأ؟

حسناً، دعونا نقرأ المشهد المعقد، بشكل أبسط، يجتمع العالم ليكافح داعش، فيقوم داعش بضرب واحدة من أهم المدن، وقبل ضربتها الإرهابية بساعات يقوم رئيس كبير بالتصريح بكل عنجهية إن "الأوروبيين في أنحاء العالم لن يتمكنوا من السير بأمان في الشوارع إذا استمر موقفهم الحالي". الرئيس المشار إليه هو بطل الإخونجية، وقطعاً لا يمكن الجزم بأنه كان يبشر بداعش، ولكن بالتأكيد كان لديه قاموس وافر يستطيع أن يختار عبارات أخرى غير تلك التي استخدمها أسامة بن لادن من قبل!

إذا كانت تركيا غاضبة من اتفاقها مع أوروبا، وأوروبا ترى في الدور الأردوغاني الجديد أمرًا مخيفًا، ويتسرب بين اللاجئين عشرات الإرهابيين، ولا أحد يستطيع أن يدقق، بل إن الجميع بدأ يضع أطروحته الخاصة التي تستخدم الإرهاب كعصا في يده، حتى لو لم يضطلع بالعمليات القذرة فهو لا يمانع من الاستفادة منها، إلى ماذا يقود هذا؟ إلى مصيبة وكارثة كبرى تدمر السلام العالمي وتحطم الثقة التي بين الدول الكبرى. هل هذا فقط؟

لا. هناك ما هو أكثر ضراوة وقسوة، هناك صورة أخرى. ففي الوقت الذي تتوزع فيه الجهود العالمية وتتكسر نصال المعسكرات التي تتسم بالعقلانية، فإن الإرهاب يعمل عمله، ويخطط خططه، ويستغل كل الثغرات الممكنة في جسم العالم المتحضر، ويغزوه من ثقوب تصنعها دول مشغولة ببطولات وهمية وتصريحات نارية واتهامات مجانية تستوردها من التاريخ.

التخطيط الذي تمت به كل عمليات داعش، التي نسميها ذئاب منفردة، كان تخطيطاً محكماً، ومستوى السرية كان عاليًا، ولا يمكن أن يفسر ذلك إلا بأن الإرهابيين يقومون بأعمالهم بتعاون كبير بين بعضهم البعض من مختلف الدول. وعلى النقيض فإن التحقيقيات المهلهلة والمعلومات المتفرقة التي تملكها الدول توضح بكل أسف القدر العالي من التباعد الأمني والعمل في جزر، يستفيد من ثغراتها داعش وغيرها.

الجهود الدولية المميزة التي تنعقد يجب أن نشيد بها، ونطالب أن تتطور لتضم ميثاقاً عالمياً يجعل الإرهاب مادة لا تقبل الخلاف حولها، وتجعلها بعيدة عن التلاعب السياسي، والخلافات السياسية، فالإرهاب ليس مضخة تغلقها الدولة الفلانية إن كانت علاقتها بجيرانها جيدة وتفتحها إن غضبت. صحيح أن الإرهاب سلاح وناجع جداً ويخيف كل الدول. ولكن يجب على من يحاول استخدامه أن يدرك أنه سلاح ضد الجميع.