السبت 25 مارس 2017 / 20:03

مفاوضات بالعتاد الحي!

المتابعون لساحة المعارك المحتدمة في الشرق الأوسط تحت مسمى الربيع العربي، لاحظوا ارتفاع درجة حدة التدخل الإسرائيلي على الجبهة الشمالية.
كانت الذريعة التقليدية للتدخلات السابقة، ضرب قوافل السلاح المتجهة إلى حزب الله، وضرب نويات المفاعل النووي الكوري.

لم تكن إسرائيل تعلن صراحة عن عملياتها العسكرية على الأراضي السورية، إلا أنها كانت تعترف بقيامها بكل هذه العمليات ولكن بطريقتها الخاصة.

وخلال الأيام القليلة الماضية زادت إسرائيل من وتيرة تدخلاتها العسكرية، وارتفع صوتها في مجال مشاركة الكبار في تحديد مستقبل سوريا.

 الكبار متفقون على حصة إسرائيلية في حفلة تقسيم الغنائم، غير أن المشكلة ليست هنا .. ليست في مبدأ الحصول على حصة وإنما في حجمها. الحد الأقصى الذي تطالب به إسرائيل منذ اليوم، هو اعتراف رسمي أو حتى شبه رسمي بضم الجولان كحدود طبيعية وأمنية، وإن تعذر ذلك وهو متعذر بالفعل، فالمطلب التالي هو إخراج إيران ومليشياتها من الأراضي السورية جميعاً، وليس كما يُظَن الاكتفاء بضمانات تبرد منطقة الحدود مع سوريا بترتيبات تضمن ان لا تتعرض إسرائيل الى أي اعتداء، تماماً مثلما كان الوضع عليه قبل موجة الربيع العربي.

الأمريكيون الذين ما أسرع أن يعودوا إلى الميدان عبر البوابات الكثيرة المفتوحة لجميع من يرغب، يتفقون تماماً مع المطلب الرئيسي لإسرائيل، بل ويشاطرونها الجهد لضم أطراف وازنة أخرى مثل روسيا وتركيا، وبدأت تسريبات بتقدم في هذا الاتجاه بالظهور ولو بصوت خافت تشير إلى أن روسيا قد تفكر في الأمر.

وفي داخل إسرائيل يدور جدل صاخب حول الطريقة الأمثل التي يتعين على الدولة العبرية اتباعها لتحقيق هذا الهدف المعقد والصعب، ومن ضمن ما يقال في هذا المجال، هل بوسع إسرائيل توجيه ضربة جذرية لحزب الله في سياق إخراج إيران من اللعبة السورية، وفي حال تم قرار بذلك فقد بدأت منذ الان عملية إحصاء الخسائر.

إنها مفاوضات تحضيرية بالذخيرة الحية، وإذا كانت اللعبة في فصولها السابقة مسيطراً عليها، فإن تطوير المطالب الإسرائيلية والمخاوف الإيرانية من احتمال تواطؤ روسي مع الأمريكيين والإسرائيليين، قد يشعل عود الثقاب القريب جدا من برميل البارود.

القلق هنا مشروع تماماً، واحتمال الانفجار قريب أكثر مما نتصور، فالميدان غالباً ما يكون سيد الموقف وفوق خطط الساسة وصناع القرارات العليا، وعلى الساحة السورية كاد صاروخ متوسط الحداثة أن يجر إلى معارك أوسع، فما بالك لو شعر مستثمرو الحرب المكلفة في سورية، بأن حصتهم في حصاد الغنائم متواضعة ان لم تكن عكسية، فما دامت الحرب على أرض محروقة، فاحتمالات الميدان مفتوحة على الخطر، خصوصاً حال ظهور المزيد من تعثر العمل السياسي حد المراوحة في المكان ان لم يكن التراجع الى نقطة الصفر.

ماذا بوسع اللاعبين أن يفعلوا لتدارك هذا الاحتمال المرعب.. هذا ما لا نعرفه نحن المراقبون، والأدهى وأمر أن اللاعبين الكبار كذلك لا يعرفون.