الخميس 30 مارس 2017 / 15:11

العواصف في الأفق.. مقترحات لصمود الاتحاد الأوروبي

لا مفرّ أمام القارة العجوز من اعتماد نموذج جديد كي يتخطى الاتحاد الأوروبي جميع المشاكل التي يواجهها حالياً، كما تعتقد مجلة إيكونوميست البريطانيّة.

بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البركزيت)، ستُنتج منطقة اليورو وحدها حوالي 90% من الناتج المحلي

ورأت في البداية أنّ أوروبا ذات أنماط سرعة مختلفة وروابط متعددة ستكون أكثر من مشروع طموح، لكنّ مشاكل الاتحاد الآن تبدو عديدة وأكثر من كافية للقلق بشأنها، عوضاً عن البحث في هيكيلية جديدة له. في هذا السياق، تأتي الرسالة الأولى من بروكسيل ومن العواصم المحلية وهي تسأل عن إمكانية التعايش بين دول اليورو والدول التي لم تعتمد العملة الموحدة.

وقال مسؤول من باريس إنّه بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البركزيت)، ستُنتج منطقة اليورو وحدها حوالي 90% من الناتج المحلي. أمّا آخرون فقالوا إنّ جميع الدول غير العضو في تلك المنطقة ستنضم إليها خلال 5 سنوات باستثناء الدانمارك. وما يتمّ الحديث عنه من بحث عن شركاء قاريين جدد، قد لا يكون عملياً، إذ يدعو أحد المسؤولين الأوروبيين من برلين إلى "عدم الأخذ به جدياً".

أوروبا تضعف أمام أعين العالم
يركّز التوقع الأولي على أنّ الاتحاد سيضمّ أعضاء من منطقة اليورو ومن خارجها في السنوات المقبلة. وأزمة اللاجئين "لا تقلب مواطني أوروبا الوسطى إلى أوروبيين صالحين: عوضاً عن ذلك، بعضهم يهاجم المبادئ الأساسية للاتحاد". وعلى الرغم من أنّ البركزيت سيضرّ بريطانيا أكثر من الأوروبيين كما يبدو، إلّا أنّ قرار غالبية دولة كبيرة في الاتحاد بالتصويت لصالح المغادرة هو "اتهام كبير" للمنظمة بأكملها، منظمة "تضعف بشكل خطير أمام أعين العالم".

أوروبا المتصلّبة قد لا تصمد
تكتب الإيكونوميست أنّ أوروبا أكثر تمايزاً مبنية على فكرة هندسة متغيرة ومدى واسع من السرعات أو دوائر متحدة المركز ستكون طريقة جيدة للتخفيف من التوترات كما هو حاصل اليوم مع أوروبا المتصلّبة. في المركز، سيكون هنالك 19 عضواً من منطقة اليورو، يحتاجون إلى اندماج سياسي واقتصادي أعمق للنجاة. إلى جانبه سيضم الاتحاد أعضاء ليسوا من المنطقة المذكورة. في الواقع سيكون "مفيداً" بالنسبة للذين يرون أنّ عضوية اليورو كثيرة التطلّب أن ينتقلوا إلى التجمّع الثاني من دون تدمير العملة الموحدة. المرشح الأساسي لهذه الخطوة سيكون اليونان، لكن قد يبرز آخرون مستقبلاً بحسب المجلة.

مزيد من الدوائر

ويمكن أن تظهر دائرة ثالثة لا تريد الانضمام إلى الاتحاد، لكن سترغب بالاشتراك على قدر الإمكان بالسوق الموحدة. وسيتطلب ذلك المشاركة المادية في موازنة الاتحاد وإرادة واضحة بالالتزام بقواعد العمل وعلى رأسها القبول بحكم محكمة العدل الأوروبية. من بين المرشحين، النرويج وآيسلندا وليخشنشتاين، وربّما سويسرا التي قد تبني معه علاقة أكثر مرونة، مع إبقاء المجال مفتوحاً أمام دخول أعضاء آخرين. أمّا المجموعة الرابعة فيمكن أن تضمّ دولاً لا تريد القبول بقوانين بروكسيل لكنّها تريد اتفاق تجارة حرة عميق وشامل مع الاتحاد الأوروبي. ومن بين هؤلاء من قد يريد أن يكون مرتبطاً عن كثب من خلال عضوية مراقب أو ملحق بالاتحاد على مستوى السياسات الدفاعية والخارجية ومسائل الأمن الداخلي. أبرز مرشّح هنا سيكون بريطانيا لكن قد تبدي دول أخرى اهتمامها مثل بلدان البلقان الغربي وربّما أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وروسيا البيضاء.

أسباب جدية للمعارضة؟
هذه الهندسة المتغيّرة قد تطلق معارضة لعدّة أسباب من بينها أنّ الدول في المجموعات الأبعد عن المركز قد تشعر بأنها أعطيت موقعاً ذا درجة ثانية. لكن قد تكون هذه المخاوف غير مستندة إلى أرضية صلبة بحسب المجلة، خصوصاً أنّ دولاً عدة ستشعر بالارتياح إذا ابتعدت عن المجازفات التي تواجهها الدول التي يمكن أن تصنّف في عداد الدرجة الأولى، حتى ولو ضحّت ببعض التأثير على المستوى الخارجي.

نحو الانحلال؟
سبب ثانٍ قد يدعو إلى الخوف من هكذا فكرة، وهو معاكس للأوّل، يتجلى في أنّ عدم استعداد جميع الأعضاء على الاتفاق حول مبادئ مشتركة وهدف نهائي، قد يدفع النادي ببطء نحو الانحلال. ففي التفاوض حول البركزيت، تهدف بروكسيل إلى إلغاء فكرة إمكانية بريطانيا الوصول إلى السوق المشتركة لأنّ بروكسيل تعمل وفقاً لقاعدة إمّا كلّ شيء وإمّا لا شيء. فهي تتخوّف من أن تستفيد دولة معينة من المكاسب بدون الاستعداد لتحمّل المخاطر. ويرى البعض أنّ هذا يشبه دخول أشخاص إلى نوادي الغولف، ممّن هم غير منتمين إليها، ومحاولتهم تغيير قواعد اللعب داخلها. لكنّ المجلّة تؤكّد أنّ هذه المقارنة خاطئة لأنّ معظم هذه النوادي تضمّ أنواعاً مختلفة من العضوية. وتشير المجلّة ختاماً إلى أنّ مرونة الاتحاد قادرة على حمايته من العواصف السياسيّة كما تحمي المرونة نباتات القصب من العواصف الطبيعيّة.