الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.(أرشيف)
الجمعة 31 مارس 2017 / 15:02

تركيا ديكتاتورية مقنّعة بديمقراطية أطلسية

24- زياد الأشقر

عن محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحويل تركيا إلى ديكتاتورية وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، كتب إليوت أكرمان في مجلة فورين بوليسي، إنه في المسيرة نحو الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا في 16 أبريل (نيسان)، يقبع الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد صلاح الدين ديميرطاش في السجن بتهمة الإرهاب.

من أجل تقويض هذا الفوز الانتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي، لجأ إردوغان وحلفاؤه إلى العنف من أجل خلق الظروف الضرورية لتعزيز قبضتهم على السلطة

ومع إسكات دميرطاش فعلياً، اتجه نحو كتابة القصص القصيرة، التي كان آخرها "حلب اللحم المفروم"، حيث تقول إحدى شخصيات القصة: "أتعجب ما إذا كانت الحقيقة هي أن الموت هو المألوف، والطبيعي، ونحن الذين نجعل منه أمرأ مبالغاً فيه، ونجعله أمراً استثنائياً". ويضيف إنه من أجل فهم سياسات تركيا في الاستفتاء المقبل، يتعين على المرء فهم الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في العامين الماضيين، حيث كتب دميرطاش أن العنف هو الأمر الذي بات مألوفاً.

تقويض فوز الأكراد
وقال إن تركيا ابتليت بعدم الاستقرار منذ حقق دميرطاش وحزب الشعوب الديمقراطي فوزاً غير مسبوق في الانتخابات التي أجريت في يونيو (حزيران) 2015، متجاوزين نسبة العشرة في المئة من الأصوات الشعبية، التي سمحت لهم للمرة الأولى بتأليف كتلة حزبية في البرلمان، والتي أدت أيضاً إلى الهزيمة الأولى لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان منذ عام 2002. ومن أجل تقويض هذا الفوز الانتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي، لجأ أردوغان وحلفاؤه إلى العنف من أجل خلق الظروف الضرورية لتعزيز قبضتهم على السلطة. وفي الوقت عينه، لم تلتزم الولايات المتحدة وأوروبا الصمت فقط، بل كانتا متواطئتين.

إعادة كتابة الدستور
وذكّر أكرمان بأن إردوغان كان وصل إلى الرئاسة قبل عام فقط من انتخابات 2015، بعدما تولى منصب رئيس الوزراء لثلاث ولايات متتالية هي الحد الأقصى الذي يمكنه أن يبقى فيه في هذا المنصب بمقتضى القانون التركي. وكانت الرئاسة في ما مضى منصباً ذا دور محدود ورمزي بطبيعته. وعلى رغم ذلك، كان أردوغان قبل الانتخابات البرلمانية في يونيو (حزيران) 2015، يناور لتمديد ولايته في السلطة من طريق اعادة كتابة الدستور لإيجاد رئاسة تنفيذية يمكن أن تؤمن له البقاء في الحكم لمدة عقد على الأقل.

قلب النتائج
وفي تلك الانتخابات، عمد الأتراك الذين يعارضون تعزيز قبضة أردوغان على السلطة إلى تسجيل احتجاجهم عبر التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي، الذي كان إذا تخطى عتبة العشرة في المئة من الأصوات الشعبية في أنحاء تركيا، يمكن أن يسدوا الطريق أمام حزب العدالة والتنمية لتأليف حكومة غالبية وإرغامهم على تقاسم السلطة في حكومة إئتلافية. وهذا ما حصل فعلاً في تلك الانتخابات للمرة الأولى منذ عقد عندما لم يكن في استطاعة حزب العدالة والتنيمة تأليف حكومة بمفرده. وأخفق الحزب في التحالف مع أي حزب آخر، وتالياً تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن كان ذلك في حاجة إلى تغيير الظروف السياسية في داخل تركيا من أجل قلب النتائج لمصلحة حزب العدالة والتنمية.

استئناف الحرب على الأكراد
ولفت أكرمان إلى أن حزب العدالة والتنمية وجد الحل قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، من طريق استئناف الحرب ضد الأكراد، حارماً إياهم من الدعم الذي كانوا حصلوا عليه قبل اشهر بين الأتراك الذين صوتوا لمصحة حزب الشعوب الديمقراطي ليسجلوا احتجاجهم على تمسك إردوغان بالسلطة. ورداً على القتال في مدن ذات غالبية كردية مثل دياربكر وقيصرية التي أسفرت عن مقتل الكثير من الجنود الأتراك، وحملة من التفجيرات في أنقرة واسطنبول أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص، انتهى وقف لإطلاق النار كان سارياً منذ عامين مع حزب العمال الكردستاني والذي كان إردوغان قد ساهم في التوصل إليه وتوج انجازاته كرئيس للوزراء.

صمت أمريكي وأوروبي
وقال الباحث إن الولايات المتحدة التي كانت تدعم وقف النار، بقيت صامتة إلى حد كبير حيال تجدد الحرب. وكانت واشنطن تحاول في هذه الإثناء الحصول على موافقة إردوغان على استخدام قاعدة أنجيرليك في الحرب ضد داعش في سوريا والعراق. وأضاف إن إردوغان اشترى الصمت الأوروبي بالموافقة على اتفاق للهجرة يحد من تدفق ثلاثة ملايين لاجئ سوري يقيمون في تركيا إلى أوروبا.

واعتبر أن صمت الديمقراطيات الكبرى في العالم على انزلاق دولة ديمقراطية في الشرق الأوسط الى الحكم الإستبدادي كان فادحاً. .

وتساءل أكرمان عما عساه يكون رد الفعل لدى الأسرة الدولية إذا باتت تركيا دولة استبدادية. ومن الصعب ألا نسمع نبوءة ديميرطاش في القصة التي كتبها عن وقوع انفجار في حلب: "الناس يسارعون إلى أعمالهم ولم يكونوا سمعوا بالأخبار بعد. سيسمعون عنها قريباً ما يكفي. لكن معظمهم سيعتبره انفجاراً عادياً، لا يستحق حتى القراءة عنه".