من موقع التفجير في سانت بطرسبرج.(أرشيف)
من موقع التفجير في سانت بطرسبرج.(أرشيف)
الأربعاء 5 أبريل 2017 / 13:06

كيف صارت روسيا هدفاً أول للجهاديين؟

قد يعد التفجير الإرهابي الذي وقع يوم الإثنين الأخير في مدينة سانت بطرسبرج الروسية، بداية لموجة إرهابية جديدة، أو على الأقل هذا ما يراه كولين كلارك، عالم سياسي لدى مؤسسة راند، وزميل في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، ومؤلف كتاب" تمويل الإرهاب والعصيان والحرب غير النظامية".

أدت نشاطات روسية في الشرق الأوسط لاستعداء جهاديين متطرفين، ولكن عملياتها في مناطق مجاورة كانت أكثر استفزازية

ويعتقد كلارك في مقال نشر في مجلة بوليتيكو الأمريكية أنه ما زال من المبكر تأكيد مسؤولية جهة ما عن التفجير المذكور، ولكنه لن يكون مفاجئاً إذا تبين أن المسؤولين عنه إرهابيون دوليون.

العدو الأول
ويرجع سبب ذلك، برأي الكاتب، إلى كون روسيا حلت مكان أمريكا في مرتبة العدو الأول للقاعدة وداعش، وتنظيمات جهادية أخرى مدفوعة بإيديولوجية سلفية متطرفة، وذلك بسبب العمليات العسكرية الروسية الأخيرة في الشرق الأوسط، ومنها تصعيد تدخلها في سوريا، وتحركاتها باتجاه التدخل في لييبا، ولنشرها، قبل أيام، قوات خاصة في قاعدة جوية في مصر، وهو ما أثار غضب متشددين عبر العالم، ووضع روسيا على رأس قائمة أهداف الجهاديين. وإذا انهار داعش في سوريا، وحاول مقاتلون أجانب، بمن فيهم 2400 مقاتل روسي، العودة إلى أوطانهم، وتركيز أنظارهم على الكرملين، فقد تسوء الأوضاع بشدة بالنسبة لموسكو.

تهديدات
ويلفت كلارك لإعلان مجموعات إرهابية عن تبديل أولوياتها. فقد جاء في شريط فيديو أصدره داعش "عما قريب سيسيل بحر من الدماء". كما هدد مقاتل من داعش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصورة مباشرة، قائلاً إن تدخل روسيا في سوريا، وتحالفها المتنامي مع الرئيس السوري بشار الأسد، ومع إيران وميليشيا حزب الله في لبنان، يمثل أكبر برهان على أن موسكو داعم رئيسي لمحور شيعي ينمو عبر الشرق الأوسط. وتبنت قرابة 40 مجموعة سورية مسلحة نفس الرأي عندما قالت إن "أي احتلال لأرضنا الغالية يصبح هدفاً مشروعاً لنا".

قوة رئيسية
ويقول الكاتب إن روسيا لعبت دور القوة الرئيسية الداعمة لنظام الأسد. وقام تحالف سياسي وعسكري بين روسيا وإيران بسبب تعاون البلدين في مساعدة الأسد على استعادة جيوب سيطرت عليها قوات معارضة، ونفذت طائرات روسية غارات ضد متشددين، وكان آخرها في تدمر. ولكن، بحسب كلارك، كان للتعاون بين روسيا وقوى شيعية في المنطقة ثمنه. فقد أعلن داعش عن عزمه وقدرته على ضرب أهداف روسية. وادعى بأنه، بواسطة فرعه في شبه جزيرة سنياء، استطاع إسقاط طائرة روسية في 2015، بعدما أقلعت من مطار شرم الشيخ متجهة إلى سانت بطرسبرج.

استعداء
وبرأي الكاتب، أدت نشاطات روسية في الشرق الأوسط لاستعداء جهاديين متطرفين، ولكن عملياتها في مناطق مجاورة كانت أكثر استفزازية. فبالإضافة لمغامراتها العسكرية الجديدة داخل دول إسلامية، شن الجيش الروسي حملة وحشية ضد شبكة من المتشددين الإسلاميين بدءاً من أنغوشيا وصولاً لأوسيتيا في القوقاز.

ويلفت كلارك لقيام روسيا، منذ سنين، بمحاربة مجموعات متطرفة عدة، ولكن حالة العنف السياسي في القوقاز أدت لتحولات هامة، خلال العقود الأخيرة. ويعني ذلك التحول أن متشددين أصبحوا أقل استعداداً للمشاركة في مفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية من أي وقت مضى في تاريخ الصراع. وفي نفس الوقت، تحول مركز التمرد ضد روسيا من الشيشان إلى داغستان، حيث تسيطر حاكمية القوقاز التابعة لداعش على منطقتين رئيسيتين، فيما يسيطر تنظيم إمارة القوقاز، فرع القاعدة، على سهول شيركيسيا ونوغاي في قيرغيزستان.

تسريع التحولات
ويقول كلارك إن تدخل روسيا في سوريا أدى لتسريع تلك التحولات في منطقة القوقاز. ويشتد التنافس بين الكيانين الجهادين الرئيسيين، على تجنيد مقاتلين والسيطرة على موارد. ومع مغادرة جهاديين قوقاز ساحات المعارك في سوريا، سيتصاعد العنف عبر الشيشان، بعدما تزايد لتوه وبحدة عبر داغستان.