في روضة للأطفال.(أرشيف)
في روضة للأطفال.(أرشيف)
الأحد 9 أبريل 2017 / 20:05

ريجيو إميليا الإيطالية .. وصناعة العلامة الإماراتية

يغرس هذا المنهج النضج العقلي والخيال وحب الاستطلاع والتواصل وحسن التصرف في نفوس الأطفال

غير بعيد عن مدينة بولونيا الإيطالية، تقع مدينة ريجيو أميليا، وكلا المدينتين الإيطاليتين ترك بصمة في عالم الطفولة، فالأولى تنظم المعرض الأشهر والأكبر لكتاب الطفل وقد اختتم الأسبوع الماضي، والثانية خرج منها منهج متكامل في رياض الأطفال، يعتبر من أنجح المناهج التي لاقت شيوعاً وقبولاً وتركت أثراً في تربية الأطفال.

وبالتأكيد فإن ما يشيع بين التربويين من أن أفضل رياض الأطفال هي تلك التي تتبنى منهج ريجيو إميليا، هي وجهة نظر لا يمكن أن نتفق أو نختلف معها إلا بقدر اتفاق المهتمين بالسيارات واختلافهم على أفضلية الفيراري الإيطالية على سواها من السيارات.

فبعد أن نفض الإيطاليون أيديهم من غبار الحرب العالمية الثانية التفتوا إلى أطفالهم. مجموعة صغيرة من النسوة وضعن أحجار البناء من أنقاض البيوت المتهدمة، مجموعة أخرى من الرجال باعوا دبابة حربية وبعض العربات والجياد من بقايا الحرب، وبدأوا جميعا بإدارة المدارس دون اشتراطات مهنية للمعلمين سوى قدرتهم على التعامل مع الأطفال ومساعدتهم على إخراج الشحنات السلبية لديهم بعد الحرب ومساعدتهم على التعبير عن أنفسهم وحاجاتهم والمصاعب التي تحول دون النمو السليم والمتوازن.

التربوي والمفكر الإيطالي مالاجوزي كان حاضراً في هذه التجربة ورأى فيها خير تطبيق لأفكاره التي كانت تنادي بمجتمع تعليمي متحرر من سيطرة الكنيسة، وبإعداد معلمين مهتمين ببرامج الطفولة المبكرة، وبتوجيه الأطفال إلى التكفير الناقد والعمل الجماعي. ولا شك في أن توثيق مالاجوزي لهذه التجربة وتبنيه النظري لأفكارها التطبيقية ساهم في ارتباط اسمه بهذه التجربة ووقوفه في صف كبار المفكرين التربويين مثل: مونتيسوري وبياجيه وديوي.

يغرس هذا المنهج النضج العقلي والخيال وحب الاستطلاع والتواصل وحسن التصرف في نفوس الأطفال. الطفل هو محور هذا المنهج، ورغباته وميوله هي المحركة للأنشطة والخبرات التعليمية. والبيئة المدرسية ومحيط الروضة معلمة أخرى، وكما هم الإيطاليون دائما، فإن الطفل يتعلم الإحساس بجمال المكان مع معرفته بالمكان نفسه. ومن مبادئ هذا المنهج استثمار فنون الموسيقا والدراما والمسرح والتمثيل وفن تحريك الدمى وخيال الظل لغة رمزية من خلال تعبير الأطفال عما ينجزونه من أنشطة ومشاريع، والاستفادة من فن الرسم ليكون أداة لتطوير الجانب الاجتماعي واللغوي والإدركي لدى الطفل. حتى أن هذه المدارس سميت المدارس الفنية، أو مدارس تعليم الفن.

في هذا المنهج سجل موثق لكل طفل يوضح تطوره، ومشاريع طويلة الأمد تدعم تعلمه فردياً ومع أقرانه، والمعلمة ليست ملقنة بل هي باحثة، أما البيت والمدرسة فهما شريكان في عملية التعلم.

إن هذه الرؤية للنهوض وبناء الأمم من مرحلة رياض الأطفال هو الفكر الذي تعمل عليه المؤسسات التعليمية والاجتماعية في دولة الإمارات، ولعل برنامج الطفولة المبكرة الذي أطلقه سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وتنفذه مؤسسة التنمية الأسرية يحمل إرهاصاً لصناعة علامة جودة إماراتية في حقل التربية.