مؤيدون لأردوغان في الاستفتاء يرفعون علامة رابعة الإخوانية(أرشيف)
مؤيدون لأردوغان في الاستفتاء يرفعون علامة رابعة الإخوانية(أرشيف)
الإثنين 17 أبريل 2017 / 20:06

نسب متناقصة في فوز أردوغان في الاقتراع الثالث عشر

نجح حزب أردوغان، الأحد، وللمرة الثالثة عشر، منذ 2002، في التقدم على الأحزاب المعارضة، في اقتراعات برلمانية وشعبية، بينها انتخابان رئاسيان أحدهما في البرلمان والآخر من الشعب مباشرة، وثلاثة بلدية، وخمسة انتخابات نيابية، بما فيها انتخابات الإعادة البرلمانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، واستفتاءان في عامي 2007 لتعديل مواد في الدستور كانت تحول دون محاكمة منفذي انقلاب سبتمبر (أيلول) 1980، وآخر في عام 2010 لتعديل دستوري يتيح انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب.

التفوق البسيط في استفتاء الأحد لأنصار تعديل الدستور للتحول إلى النظام الرئاسي بنسبة 51.41% من المصوتين يبقى مسألة ديموقراطية، فقد شارك في الاستفتاء 85.46% من الناخبين المسجلين، حسب وكالة الأناضول، أي 49 مليوناً و621 ألفاً و753 ناخباً من أصل 58 مليوناً و366 ألفاً و647 ناخباً مسجلين.

وتفوق عدد المؤيدين للتعديلات بحوالي 1.25 مليون صوت فقط (في انتظار النتائج الرسمية). ونظراً لهذا التقارب، وللعدد الكبير من الأصوات الملغاة (862 ألفاً و158 صوتاً)، سيثور الجدل والتشكيك حول النتائج من قبل "حزب الشعب الجمهوري" المعارض، الذي طالب رسمياً بإعادة فرز النتائج في بعض الولايات التي كان يظن أنها ميالة لرفض تعديل الدستور، بينما خرجت مظاهرة في منطقة كاديكوي في إسطنبول وصفت أردوغان بـ"السارق"، و"القاتل".

على كل حال، لن يبدأ العمل بالدستور الجديد قبل نهاية عام 2019، أي بعد الانتخابات النيابية المقبلة.

وتشير خريطة تركيا إلى أن الولايات كثيفة السكان صوتت ضد التعديل، بما فيها أنقرة، وإسطنبول، وأزمير، وأضنة.

جغرافياً، شكلت الولايات الرافضة لتعديل الدستور نطاقاً حول البلاد في الغرب كله، ومعظم الجنوب وقسم من الشرق، بينما صوتت جميع ولايات الشمال، والوسط، عدا إسكيشيهير، وأنقرة، لصالح التعديلات.

وبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في كل أنحاء تركيا 58 مليوناً و366 ألفاً و647 ناخباً مسجلاً. بينهم حوالي ثلاثة ملايين تركي يعيشون خارج تركيا أدلوا بأصواتهم مسبقاً قبل أكثر من أسبوع، وكانت نتائج تصويتهم 59.18% بالموافقة على التعديل، مقابل 40.82% ضد التعديل، بنسبة مشاركة بلغت 46.95%.

وصوتت 32 ولاية تركية بـ"لا"، بينما صوتت 49 ولاية بـ"نعم"، من بين الولايات التركية الـ81، لكن العدد الكبير للولايات القليلة السكان تغلب في النهاية على المدن الكبرى كثيفة السكان، على الرغم من أن خمس ولايات رافضة (إسطنبول 15 مليوناً، وأنقرة 5 مليوناً، وأزمير 3 مليون، وأضنة 2 مليون) تضم حوالي ثلث سكان تركيا المقدر بأكثر من 75 مليون نسمة عام 2015.

هذه النتائج شبه النهائية طابقت توقعات مراكز استطلاع الرأي المستقلة التي أشارت إلى مرور التعديلات بنسبة ضمن نطاق (51 – 54)%. لكن التحليل الأولي للنتائج يعيدنا إلى الانتخابات النيابية في يونيو (حزيران) 2015، حيث فاز حزب أردوغان بنسبة 40.5% من الأصوات، فيما فاز حليفه في الاستفتاء، حزب الحركة القومية، بنسبة 16.1%. وعجز حينها "العدالة والتنمية" عن تشكيل ائتلاف بقيادته، فتمت إعادة الانتخابات في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، ففاز بالأغلبية المطلقة بنسبة 49.41% من الأصوات، بينما تراجعت أصوات "الحركة القومية" إلى 10.7%. ولذلك كانت بعض التوقعات تشير إلى نسبة تقترب من 60%.

ولأن الحزبين تحالفا لتمرير التعديلات، يمكن القول إن التحالف بينهما أكبر من تحالف "الضرورة"، ليس لأن النتيجة جاءت هزيلة، على الرغم من ديمقراطيتها، ودستوريتها، وليس لأن "العدالة والتنمية" لا يملك أغلبية برلمانية تمكنه من تعديل الدستور تحت قبة البرلمان، أو لأنه لا يستطيع الرهان على أنه سيتمكن من تحقيق ذلك في الانتخابات المقبلة في خريف 2019، بل لأن عدد مقاعده النيابية يتراجع من سنة انتخابية إلى أخرى، خاصة مع دخول "حزب الشعوب الديمقراطي" إلى البرلمان التركي في جولتي عام 2015، أي أن الحزب الكردي أخذ حصة كبيرة من مقاعد العدالة والتنمية، بينما حافظ حزب أتاتورك على مقاعده.

وأسباب تحالف "الحركة القومية"، الذي يعاني سياسياً، مثله مثل "الشعب الجمهوري"، واللذين يتفقان مع حزب أردوغان على الموقف من الأكراد، يمكن قراءتها في اتجاهين، إما أنه يبحث عن تحالف مديد مع أردوغان، ما يُرجح وجود صفقة بين الحزبين في مواجهة "الشعب الجمهوري"، والشعوب الديمقراطي" ستظهر في الانتخابات المقبلة، نيابية كانت، أو بلدية، أو أن في الأمر محاولة لتوريط "العدالة والتنمية"، خاصة أن جناحاً في "الحركة القومية" كان رافضاً صريحاً للتعديلات على الرغم من رأي رئيس الحزب، دولت بهجلي.

وهذا الانقسام قد يفسر أرقام النتائج الحالية، قياساً إلى انتخابات الإعادة البرلمانية الأخيرة، فالحساب الأولي كان يرجح أن تقترب النسبة من 60%، ما يعني أن محافظة "الحركة القومية" على أسوأ النتائج (11.39%) ستبقي لـ"العدالة والتنمية" 39.91%، أي نتيجة أسوأ حتى من النسبة التي حصل عليها في انتخابات يونيو (حزيران) 2015، التي أُعيدت في نوفمبر، كما ذكرنا.

كما تتيح الأرقام فرصة لتحليل النتائج على أساس أن فكرة النظام الرئاسي شكلت جبهة عريضة ضد الفكرة حتى من المؤيدين التقليديين للأحزاب الإسلامية، وربما من أنصار العدالة والتنمية أنفسهم، فموضوع الاستفتاء ليس خدماتياً كما في الانتخابات البلدية، وليس سياسياً كما في الانتخابات البرلمانية، بل قضية شكل حكم، أي تعديل جوهري في الدستور. ويرى المعارضون لهذا التغيير أن أسوأ حكم برلماني هو أفضل من أحسن حكم رئاسي. كما يعتقدون أن هذا النظام مفصل على قياس أردوغان، ليسيطر حزبه على الحياة السياسية للبلاد لأطول فترة ممكنة.

لكن عدد المقاعد النيابية لـ"العدالة والتنمية" في الانتخابات النيابية منذ 2002 يشير إلى 363 مقعداً، انخفضت إلى 341 في عام 2007، وإلى 327 في عام 2011، ثم إلى 258 في حزيران عام 2015، وفي انتخابات الإعادة ارتفعت إلى 317 مقعداً. ما يعني أن قوة حزب أردوغان تتآكل، لكن دون أن تتحول خسائره حتى اليوم إلى أرباح للأحزاب المعارضة.