مساجد اسطنبول التاريخية على ضفاف البوسفور (أرشيف)
مساجد اسطنبول التاريخية على ضفاف البوسفور (أرشيف)
الثلاثاء 18 أبريل 2017 / 16:09

إنفوغراف 24: الوجه الآخر للكلفة الاقتصادية للاستفتاء رغم فوز أردوغان

24 - سليم ضيف الله

لم تقف خسائر تركيا بعد الاستفتاء والخلافات التي تسبب فيها، والجدل الذي رافقها، والانقسام الحاد في المشهد السياسي، بين مؤيد للتعديلات الدستورية ورافض لها، ولكنها تجاوزتها إلى خسائر أكبر، نظرياً على الأقل، بعد رفض مدن تعد من الأقطاب الصناعية والتجارية، والسياحية التصويت بنعم لصالح التعديلات الدستورية.

وبالنظر إلى النتائج المعلنة التي قسمت الداخل التركي، إلى معسكريين متساويين، يُمكن القول إن حزب العدالة والتنمية الحاكم، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فشلا في تأكيد تسيدهما المشهد السياسي التركي، إلا بين الجالية التركية في الخارج التي صوتت بنسبة 60% تقريباً لصالح التعديلات، ربما بفضل الحملة العنيفة التي سبقت الاستفتاء، والتجييش الكبير الذي رافقها.

وبعد ظهور بعض النتائج الجزئية يُمكن القول إن أردوغان وحزبه لم يحتفظا بالتأييد الكامل إلا في المناطق الريفية الكبرى، خاصة مدن وقرى ومحافظات الأناضول، في مقابل تكبد خسائر متفاوتة الحدة، في المدن التركية ذات الثقل السياسي، والاقتصادي، والمالي، والسياحي، والثقافي وفي مقدمتها إسطنبول معقل الرئيس رجب طيب إردوغان شخصياً، خاصةً في الأحياء الموالية لأردوغان شخصياً منذ وصوله إلى رئاسة العاصمة القديمة للامبراطورية العثمانية، مثل أحياء فاتح وأيوب، وحي أوسكودار، الذي يضم السكن العائلي الشخصي للرئيس التركي.

وبالنظر عن قرب إلى خريطة الخسائر "الجغرافية" تكشف النتائج انقسام تركيا أيضاً إلى شرق رافض للتعديلات بمدنه الكبرى، مثل إزمير، وأنطاليا، ومرسين، وأضنه، في غرب البلاد على السواحل المتوسطية والمناطق القريبة من الحدود التركية السورية.

وباحتساب الكثافة السكانية في هذه المدن الكبرى، يُمكن القول إن أكثر من 28 مليون تركي يعيشون في المدن التركية المذكورة، ينتمون إلى مدن صوتت ضد التعديلات الدستورية بنسب متفاوتة، من أصل 55 مليون تركي مسجلين على القائمات الانتخابية.

ولكن الخسائر التي تعرض لها المعسكر الداعي للتصويت بنعم لم تتوقف عند هذا الحد، بل شملت أيضاً النواحي الاقتصادية والمالية والسياحية التي تُمثلها محافظات ومدن في مثل ثقل المدن الكبرى، التي صوتت ضد التعديلات، المدن التي تُعادل حسب بعض التقارير ثُلث الثروات المالية، والسياحية، والصناعية، والثقافية للبلاد.

ولا يدخل في هذه التقديرات الحجم والثقل الكبير لأسطنبول ومنطقتها الكبرى، التي تُمثل حسب بعض التقديرات نصف الصادرات والواردات التركية، إلى جانب وزنها السياحي والتاريخي الكبير، وأنقرة التي تعتبر رغم هيمنة الطابع الريفي والفلاحي على أغلب مناطق هذا الإقليم، قطباً صناعياً مركزياً خاصةً في قطاعات البناء، والمنتجات الغذائية، والنسيج، والمعادن، والصناعات الدفاعية.

وبشكل أكثر تفصيلاً وحسب بعض الخبراء، قسمت نتائج الاستفتاء، تركيا بين معسكرين رئيسيين، الشرق المحافظ، الذي يغلب عليه الطابع الريفي والفلاحي، مع ما يُرافقه من تأييد للسلطة والأنظمة القائمة، مع بعض الاستثناءات مثل منطقة ديار بكر الكردية، والغرب العصري، الذي يضم أكبر عدد من العلمانيين، ونسبة أعلى من المتعلمين، والأكثر انفتاحاً على العالم الخارجي، بفضل السياحة والتجارة البحرية، مثل أنطاليا، وأضنة، وإزمير، واسطنبول، ووجود بنية تحتية أكثر تطوراً، من تراقيا القديمة غرباً إلى وسط البلاد في أنقرة.

(اضغط لتكبير الصورة)