مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد  (أرشيف)
مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد (أرشيف)
الأربعاء 19 أبريل 2017 / 18:21

اختبار صعب لعلاقة صندوق النقد الدولي بواشنطن في عهد ترامب

بعد 70 عاماً على تأسيسه بات صندوق النقد الدولي معتاداً على الأزمات المالية، وخطط المساعدة الدولية، لكن سيكون عليه مواجهة تحدٍ جديدٍ يتمثل في إدارة أمريكية جديدة، ومعارضة لرؤاه.

ونقاط الخلاف بين إدارة ترامب، والمؤسسة التي تضم في عضويتها 189 دولة وتعقد اجتماعاتها الربيعية الأسبوع القادم بواشنطن، كثيرة جداً.

تباين
ووعد ترامب بتليين الضوابط المالية التي اعتمدت في الولايات المتحدة إثر أزمة 2008.

في المقابل يؤكد صندوق النقد الدولي أن مثل هذا الإجراء "سيزيد من احتمال" إثارة عاصفة مالية في المستقبل.

كما أن صندوق النقد الدولي يُحذر من الأثر الاقتصادي للتغير المناخي.

في حين تنفي الإدارة الأمريكية صحة ذلك، وتُريد إعادة تنشيط صناعة الفحم الحجري، وتُهدد بالانسحاب من اتفاق باريس حول خفض الانبعاثات الملوثة.

غير أن أشد المسائل الخلافية بين الصندوق، وأهم دولة مساهمة فيه، تتمثل في ملف التجارة الدولية.

فمنذ عدة أشهر وأثناء الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية وحتى اليوم، ما انفك صندوق النقد الدولي يُحذر من "الانغلاق" الاقتصادي، والتضييق على الهجرة، و من شبح "حرب تجارية"، ويدافع عن العلاقات المتعددة الأطراف.

تشكيك
ويؤشر كل ذلك إلى تشكيك ضمني في أجندة ترامب الذي يهدد بنصب حواجز جمركية، والحد من الهجرة، ويُندد بالتبادل الحر الذي تدافع عنه منظمة التجارة العالمية، ووقع مرسوماً للتشجيع على شراء المنتجات الأمريكية للمشاريع الحكومية.

وبالرغم من الانتقادات المبطنة، أفلت صندوق النقد حتى الآن من عقاب الرئيس الأميريكي، لكن وزير التجارة الأمريكي فيلبور روس، لم يخف في مقابلة حديثة مع فايننشال تايمز نقده.

وقال "في كل مرة نقوم بشيء ما لندافع عن أنفسنا، يصفون ذلك بأنه نزعة حمائية، هذه تفاهات".

وتحض الولايات المتحدة صندوق النقد الدولي على مزيد من المراقبة لتدخلات الدول الأعضاء، في أسواق الصرف، وتصحيح عدم التوازن خصوصا التجاري الذي يؤثر على الولايات المتحدة مستهدفة خاصةً الصين، وألمانيا.

وقال الممثل الأمريكي السابق لدى صندوق النقد دوغلاس ريديكير "بوضوح تام عبر البعض في إدارة ترامب عن تشككهم التام إزاء تعددية الأطراف، وإذا انتصر خطهم، فان مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، ستعاني".

عهد أوباما
وتتعارض هذه الخصومة مع التناغم النسبي في سنوات عهد أوباما التي كان يجد فيها صندوق النقد آذاناً صاغيةً في البيت الأبيض حين يدعو إلى رفع الأجر الأدنى الأمريكي، ويُهاجم غياب المساواة، أو يدعو إلى تعزيز حضور الدول الناشئة.

وقال مساعد وزير المالية السابق المكلف بالقضايا الدولية ناتان شيتس "ستكون هناك توترات لكن ثقل الولايات المتحدة، لم يمنع صندوق النقد الدولي من التحدث بشكل مباشر وصريح عند تقييمه للإجراءات الأمريكية".

ويتمسك صندوق النقد الدولي حتى الآن بموقفه المناهض للنزعة الحمائية، لكنه يسعى أيضاً إلى التهدئة، مشيداً بخطة الاستثمارات الموعودة من ترامب، والتزامه بخفض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة.

وقالت مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد في مقابلة الثلاثاء إن" الرهان على إنعاش الميزانية، وإصلاح ضريبي أشاع تفاؤلاً".

وقبل تولي ترامب مهامه، رفعت مؤسستها بشكل واضح توقعاتها للنمو الأمريكي إلى 2.3% في 2017، وأبقت عليها في تقريرها الجديد الثلاثاء، رغم "الشكوك" الكبيرة في البرنامج الاقتصادي.

اختبار توازن
وفي الواقع فان صندوق النقد الدولي مجبر على خوض اختبار توازن، يتمثل في تأكيد استقلاليته، دون الخضوع لأكبر دولة مساهمة فيه.

ومع أن واشنطن تفتقر إلى الأدوات القانونية لقطع تمويل صندوق النقد، فإنه يُمكنها إزعاجه، وكبح تحول المؤسسة التي تسعى إلى الانفتاح على القضايا الإجتماعية، والبيئية ومنح مزيد من الوزن للصين، وروسيا.

ويؤكد شيتس أن "إدارة ترامب ستكون قادرة على التأثير في أجندة الصندوق".

كما يمكن أن يتأثر من ذلك الملف اليوناني الشائك،  إذ دعا الأوروبيون الصندوق إلى المشاركة في خطة المساعدة القائمة مع اليونان، لكن على الصندوق أن يُقنع الولايات المتحدة بضرورة تقديم مساعدة جديدة.

وتوقع شيتس "أن تكون الإدارة الأمريكية أكثر تردداً في دعم استخدام موارد صندوق النقد الدولي في اليونان".