السبت 22 أبريل 2017 / 22:31

شركاء المأزق

السجال الدائر بين فتح وحماس يتجاهل الحقيقة الوحيدة التي تجمع بين الجانبين، وهي أنهما في مأزق مشترك، يتعمق يوما بعد يوم، فمن جهة حماس تلوذ بسلاح المكابرة لعلها تخفف من وطأة الشعور بالمأزق، وابتعاد فرص الخروج منه.

أما فتح فتواجه ذات الموقف ولكن بأسلوب مختلف هذه المرة، وهو الضغط على جرح حماس برش الملح عليه، وأكثر ما يؤذي حماس من فتح، أنها ستسحب تمويل السلطة، بمعنى أنها ستوقف شريان الحياة التي يعيش عليها نظام حماس منذ الانقلاب حتى يومنا هذا.

مأزق حماس تواجهه على صعيد حكمها لغزة فالمال قليل أصلاً، والجمهور المحكوم في ضائقة خانقة، والحركة من غزة وإليها تتم عبر قنوات ضيقة للغاية وبتوقيتات وأعداد تكاد لا تذكر، ولخدمة مكابرة حماس يجري الحديث عن قدسية المقاومة وقوة التسليح، والقدرة على إلحاق الأذى بإسرائيل.

غير أن المواطن في غزة لم يعد يأكل ويشرب من هذا الكلام، ومن حقه أن يطلب أولاً تأمين أبسط أساسيات الحياة، ليؤخذ منه ما بعد ذلك تضحيات في سبيل القضية الوطنية، وكلما أثبتت حماس قدرة على المكابرة وصموداً حيال هذا الوضع، ابتعد أمل الناس بالخلاص فينطوون على قهرهم، ويتعودون على شظف العيش دون أن يصدقوا أن ما يكابدونه سيطرد إسرائيل من القدس.

أما فتح فمأزقها من نوع آخر.. فهي مطالبة منطقياً باستعادة غزة لتتخلص من الاتهام الموضوعي بضعف تمثيلها للشعب الفلسطيني، مثلما يشعر رئيسها الذي سيلتقي ترامب بعد أيام بأنه سيسأل عن غزة وموقعها من زعامته، وفاعلية تمثيل الشرعية التي يتمتع بها في قطاع غزة، وهذا يمكن تسميته بالمأزق الأولي، لأن ما سيليه أثناء لقاء ترامب وبعده طلبات لها أول وليس لها آخر.

أول الطلبات ينبغي تلبيتها فوراً لإثبات الجدارة في مجرد الجلوس مع نتانياهو وبدء المفاوضات، وآخرها يفضي إلى يقين أمريكي إسرائيلي مشترك بأن الحل العملي للنزاع يتلخص في حكم ذاتي زائد ودولة فلسطينية ناقصة، وهذا ما أعلنه صراحة بنيامين نتانياهو كسقف للتسوية التي ترضاها إسرائيل وتلتزم بها.

وبين الحكم الذاتي الزائد والدولة الناقصة فهنالك مئات الاشتراطات التفصيلية التي يتداخل فيها الزائد مع الناقص لتبدو محصلة المفاوضات غامضة حالها حال أوسلو.

المأزق على الجانب الفتحاوي والذي له اسم اصطلاحي "سلطة الضفة"، يبدو معقداً ولا فرص قوية للخروج منه، خصوصاً أن ترامب المقاول سيعتمد صيغة "إن لم توافقوا على ما أقول فلن أتحدث معكم ثانية" .

أما مأزق حماس المقابل، فعنوانه العملي انعدام الأفق فقد تستمر في حكم غزة على الطريقة الحالية شهوراً وربما سنوات، غير أن أقصى ما تستطيع الحصول عليه أن تبقى على قيد الحياة، وأن تواصل غزة التآكل والتذمر وسوء الحياة دون أمل بخلاص يرى في وقت قريب.

الذي نلاحظه الآن أن كل فريق يتعايش مع مأزقه وينظر للآخر بمنظار فهمه ومقاييسه للأمور، هكذا كان الأمر خلال عشر سنوات مضت ويبدو أنه سيظل حتى إشعار آخر.

قادة المأزق يملكون قدرات على مواصلة البقاء، أما الدافع الوحيد لفاتورة المأزق المشترك فهو المواطن الفلسطيني الذي يرتجي حداً أدنى من حياة عادية في غزة وحداً أدنى من حرية في الضفة.