زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان. (أرشيف)
زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان. (أرشيف)
الأحد 23 أبريل 2017 / 15:01

كيف يؤثر الإرهاب على خيارات الناخبين في فرنسا؟

الهجوم الإرهابي الذي وقع في جادة الشانزليزيه وسط باريس يوم الخميس الماضي، قبل ثلاثة أيام من موعد الانتخابات الرئاسية التي تجرى اليوم، تصدر الصحف العالمية، والفرنسية خاصة، التي كتبت في عناوينها الرئيسية: "كيف سيؤثر مقتل شرطي على انتخابات الرئاسة الفرنسية؟" و"هل سيساعد الهجوم مارين لو بان للفوز بالرئاسة؟. ورجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن" الهجوم قد يدعم فرص لوبان في الفوز، لأنها الأقوى في الدعوة لحماية الحدود الفرنسية".

في ظل عدم اتخاذ ما بين 27 إلى 40 % من الناخبين لقرارهم النهائي، ومع استمرار خطر الإرهاب، فلربما تثبت لوبان لمنتقديها ولاستطلاعات الرأي، أن توقعاتهم خاطئة

وذكر كريشناديف كلامور محرر بارز لدى مجلة ذا أتلانتيك ببقاء حزب الجبهة الوطنية ولفترة طويلة، على هامش السياسات الفرنسية، وحيث حاولت زعيمته لوبان تلميع صورته بنفي عداءه للسامية، وبمهاجمة العولمة والحدود المفتوحة والتجارة الحرة، ما قربها من الوصول إلى كرسي الرئاسة في فرنسا. ومن المتوقع أن تكون واحداً من مرشحين يصلان إلى الجولة الثانية للانتخابات في مايو( أيار) المقبل.

مخاوف عامة
ويقول كلامور إن الناخبين في دول تعرضت لهجمات يضعون، عموماً، الإرهاب في مقدمة مخاوفهم. وبالفعل، وجد علماء سياسيون أن الإرهاب يفيد مرشحين محافظين أكثر ما يحققه لليبراليين.

وقال روب ويلر، أستاذ علم الاجتماع في كلية ستانفورد: "تحظى مواقف المحافظين بشأن قضايا عدة، كالأمن القومي والإنفاق العسكري والهجرة بشعبية أكبر خلال فترات يشتد فيها خطر الإرهاب. ويضاف إليه دعم ساسة محافظين لمواقف عسكرية خارجية، فيما يؤيد ليبراليون حلولاً ديبلوماسية".

استنتاج

ويلفت كلامور لكون تلك الآراء تصب في مصلحة لوبان، وتوحي بأنها ربما تتفوق على منافسها الوسطي، إيمانويل ماكرون. ولكن، بحسب الكاتب، تشير معظم نتائج انتخابات جرت عقب هجمات إرهابية، كما حصل في فرنسا في عام 2015، قبل شهر من انتخابات محلية، وفي عام 2012، قبل شهر من الانتخابات الرئاسية، أنه لم يكن لتلك الهجمات أثرها المباشر، بل عكست النتائج توقعات لاستطلاعات للرأي أجريت قبيل الهجمات. وخير مثال على ذلك، ما جرى في إسبانيا في عام 2004، حيث أجريت هناك انتخابات عامة بعد هجمات مدريد التي أودت بحياة 192 ضحية، وجرح أكثر من 2000 شخص. ورغم اتهام السلطات الإسبانية تنظيم القاعدة بتنفيذ الهجوم الإرهابي، إلا أن حزب يمين الوسط الشعبي( بي بي) الحاكم خسر الانتخابات لصالح الاشتراكيين من يسار الوسط. وكانت النتيجة كمفاجأة للبعض، لكنها كشفت عن معارضة شعبية لبعض سياسات حزب بي بي، كمشاركة إسبانيا في حرب العراق، فضلاً عن سوء أداء الحكومة طوال أربع سنوات. ومن هنا لم تتأثر الإرادة الشعبية بهجمات مدريد الإرهابية.

عوامل كامنة

يرى كلامور أن عدداُ من تلك العوامل الكامنة متوافرة حالياً في فرنسا، وحيث يسود استياء شعبي من الاشتراكيين بزعامة الرئيس فرانسوا هولاند، والذي لإدراكه لتلك الحقيقة، لم يترشح لفترة رئاسية ثانية. كما يشعر الفرنسيون باستياء حيال المحافظين من يمين الوسط، والذي تراجع ترتيب مرشحه، فرانسوا فيلون، إلى المرتبة الثالثة في الاستطلاعات، جراء فضيحة سياسية.

تراجع قيادة فرنسا
وبحسب الكاتب، يشعر أيضاً الفرنسيون بغضب بسبب اقيادة فرنسا للاتحاد الأوربي، حيث تتتولى ألمانيا تلك المكانة. وهناك استياء أيضاً حيال الهجرة واللاجئين، وحالة الاقتصاد، والبطالة، والقدرة الظاهرة للإرهابيين على ضرب فرنسا. وباختصار، وكما كتب روجر كوهين مؤخراً في صحيفة نيويورك تايمز: "منذ بعض الوقت، بدت فرنسا بلداً لا يشبه نفسه".

أداء مفاجئ
ويرجح كلامور أن لا يكون رئيس فرنسا المقبل من أحد الحزبين اللذين سيطرا على الحياة السياسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولربما، بحسب الكاتب، تحقق لوبان أداء مفاجئاً كما حقق أبوها في انتخابات عام 2002، وتصل إلى الجولة الثانية. ولكن معظم استطلاعات الرأي تظهر أنها ستهزم في نهاية المطاف، كما كان حال أبيها في مواجهة جاك شيراك.

ولكن في ظل عدم اتخاذ ما بين 27 إلى 40 % من الناخبين لقرارهم النهائي، ويبدو أنهم ساخطين على النظام القائم، ومع استمرار خطر الإرهاب، فلربما تثبت لوبان لمنتقديها ولاستطلاعات الرأي، أن توقعاتهم خاطئة.