الرئيس التركي رجب طيب إأدوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب إأدوغان.(أرشيف)
الإثنين 24 أبريل 2017 / 15:13

حان الوقت لكي يعترف أردوغان أنه ليس ديمقراطياً

تعقيباً على نتائج الاستفتاء الأخير في تركيا حول التعديلات الدستورية، رأى المحلل السياسي نيك دانفورث بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن الوقت قد حان لكي يعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه ليس ديمقراطياً، مشيراً إلى أن اعترافه بالسلطوية ربما يصب في مصلحة تعزيز العلاقات التركية مع الولايات المتحدة، فضلاً عن إرثه الخاص.

ليس مؤكداً أن أردوغان، الذي يواجه أزمة اقتصادية متوقعة منذ وقت طويل إضافة إلى التمرد المستمر للأكراد، سيتمكن من تحقيق الاستقرار في تركيا

وعلى الرغم من طعن المعارضة التركية بنتائج الاستفتاء، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصل غداة الاستفتاء بأردوغان لتهنئته بالفوز ومناقشة الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي، وهو ما يصفه كاتب المقال بأنه أمر مألوف بالنسبة إلى واشنطن التي دائماً ما تضع مصالحها الإستراتيجية في مقدمة أولوياتها بدلاً من المثل الديمقراطية وقد خلقت الكثير من الحلفاء الاستبداديين في مراحل عديدة خلال نصف القرن الماضي، ومن أبرزهم تركيا. ولكن علاقة واشنطن مع تركيا بعد الاستفتاء الأخير تنطوي على شيء جديد، ربما يصل إلى "الخداع"؛ إذ إن أردوغان حليف "غير ديمقراطي" ولكنه يلتزم تماماً بخطابه الديمقراطي.

خطابات وهمية

وينوه الكاتب إلى أن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية قد حققا انتصارات متتالية في انتخابات حرة ونزيهة خلال السنوات الماضية، بيد أن أردوغان يبالغ كثيراً في نجاحه ويسرد تاريخه باعتباره علامة فارقة للتحول الثوري الحديث لتركيا إلى ديمقراطية كاملة. ويستنكر الكاتب إصرار أردوغان وحكومته على شرعية وديمقراطية العملية الانتخابية للاستفتاء الأخير رغم حملة القمع المستمرة والمنظمة التي شهدها العالم ضد المعارضة التركية في الفترة التي سبقت إجراء التصويت على الاستفتاء.

ويلفت الكاتب إلى أن ثمة أسباب تجعل مثل هذا النوع من الخطابات الوهمية التي ينتهجها أردوغان يؤثر سلباً على العلاقات الأمريكية التركية حتى مع حرص ترامب وأردوغان على التقارب؛ إذ تكمن المعضلة في ذلك أنه عندما يبدأ الصراع الحتمي بين الولايات المتحدة وتركيا حول الخلافات السياسية (كما كان يحدث عادة في الماضي)، فإن الخلاف الجوهري حول شرعية الديمقراطية في تركيا والتصورات المتباينة للواقع السياسي، ستقود إلى تصعيد هذه الخلافات العميقة وصعوبة حلها.

أردوغان والغرب
ويوضح الكاتب أن مبالغة الزعماء الأتراك في الحديث عن نهجهم الديمقراطي يجذب انتباه المراقبين الغربيين، ومن ثم فإن التركيز على الديمقراطية بدلاً من الأمن والاستقرار سيقود بلاشك إلى إثارة تيار من انتقادات وسائل الإعلام الأمريكية والكونغرس، ورداً على ذلك، سيكون أردوغان مجبراً، انطلاقاً من شرعيته الهشة، على الاستمرار في انتقاد الغرب، ومن شأن هذا التصعيد المتبادل أن يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار العلاقات بين الجانبين. وعلاوة على ذلك، اعتبرت الحكومة التركية خروج المتظاهرين لمعارضة نتائج الاستفتاء الأخير لصالح التعديلات الدستورية "استفزازاً أجنبياً".

ويقول الكاتب: "إلى حد كبير، يتحمل قادة الغرب درجات من الخطابات التحريضية بين الأصدقاء، ولكن عندما يصل الأمر إلى وصف السياسيين الأوروبيين بالنازيين والفاشيين واتهام الأمريكيين البارزين بمحاولة قتله، كما فعل أردوغان، فإن العلاقات الثنائية سوف تصل بصورة حتمية إلى مستوى من الارتباك الذي سيكون له تداعيات استراتيجية".

توتر العلاقات الأمريكية التركية

ويشير الكاتب إلى أن محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي شهدتها تركيا خلال شهر يوليو (تموز) كانت سبباً في حدوث صدع لا يزال يسمم العلاقات الأمريكية التركية؛ لاسيما أن العديد من المراقبين الأجانب اعتبروا عمليات التطهير الواسعة النطاق (التي انتهجتها تركيا عقب الانقلاب كضرورة للحفاظ على الحكومة الديمقراطية) خطوة خطيرة نحو الديكتاتورية. كما رفض الغرب قبول إدعاءات أردوغان بأن الحركة الموالية لرجل الدين فتح الله غولن (المقيم في الولايات المتحدة) هي التي دبرت هذا الانقلاب، وبات رفض الولايات المتحدة تسليم غولن لتركيا مصدر خطير لتوتر العلاقات الثنائية الأمريكية -التركية.

وعلاوة على ذلك، غضب الرأي العام التركي بشكل واضح من تعاون الولايات المتحدة مع المقاتلين الأكراد السوريين في الوقت الذي يقوم فيه أكراد حزب العمال الكردستاني التركي بشن هجمات إرهابية في إسطنبول وأنقرة، وللأسف فقدت الجهود التركية مصداقيتها، بحسب الكاتب، في نقل هذا الغضب وإثارة مثل هذه المخاوف المشروعة، حينما أخفقت في تقديم مبررات وتفسيرات مقبولة لتزايد اعتقال السياسيين الأكراد والأكاديميين المؤيدين للسلام في تركيا. ويقول الكاتب: "عندما يضطر المتحدثون الدبلوماسيون والإعلاميون الأتراك إلى نشر أكاذيب حول حالة الديمقراطية السائدة في البلاد، فإنه من غير المعقول إلقاء اللوم على تجاهل الولايات المتحدة للتهديد الإرهابي الذي تشهده تركيا".

رهان الاستقرار الاستبدادي

ويضيف الكاتب: "ولكن يبدو أن واشنطن مستعدة لقبول فكاهة خطاب أردوغان الديمقراطي في سبيل تجنب معالجة المخاوف التركية في سوريا، وربما تكون مكالمة ترامب لتهنئة أردوغان محاولة لاسترضاء الجانب التركي في هذا الشأن؛ لاسيما أن واشنطن تسير قدماً نحو مدينة الرقة السورية بالتعاون مع الأكراد. بيد أنه بعد تأييد الحكومة الأمريكية لأوراق اعتماد أردوغان الديمقراطية بهدف التعاون في السياسة الخارجية، فإن أي انتقادات سيتم توجيهها في وقت لاحق من الحكومة الأمريكية أو حتى الصحافة الأمريكية، سيتم النظر إليها باعتبارها تكتيكات مساومة بدلاً من انتقادات حقيقية. وإذا اختارت واشنطن استخدام مثل هذه الانتقادات بشكل فعال وحقيقي، وتذكرت فجأة أهمية الديمقراطية في أعقاب حدوث نزاع سياسي مستقبلاً، فإن خطاب أنقرة العدائي ضد الغرب سيتم تجديده".

ويختتم الكاتب أن حكومة أردوغان قد تجد مصادر أخرى للشرعية في واشنطن وداخل تركيا، ولكن ليس مؤكداً أن أردوغان، الذي يواجه أزمة اقتصادية متوقعة منذ وقت طويل إضافة إلى التمرد المستمر للأكراد، سيتمكن من تحقيق الاستقرار في تركيا. وستكون جميع الرهانات خاسرة إذا أخفق أردوغان حتى في تحقيق الاستقرار الاستبدادي الذي يتفاخر به الطغاة الديكتاتوريون، ولكن إذا نجح في هذه المهمة ربما يكون الوقت مناسب للولايات المتحدة لاستعادة العلاقات مع الحليف التركي؛ خاصة أن تركيا تحاول تقديم نفسها كحليف محتمل للولايات المتحدة (ولكن لم يحالفها النجاح حتى الآن) إذا تحركت الأخيرة في مواجهة إقليمية مع إيران.