صورة مركية لأحمد الجربا مع مقاتلين مع قوات النخبة التي يتزعمها.(أرشيف)
صورة مركية لأحمد الجربا مع مقاتلين مع قوات النخبة التي يتزعمها.(أرشيف)
الثلاثاء 25 أبريل 2017 / 19:59

رهانات معركة الرقة تضمن ستاتيكو داعش

المرجح أن تدخل "النخبة" الرقة، بناء على تعهد أمريكي سابق يستبعد دخول قسد والأكراد إلى المدينة. هذا إن لم يتقادم الوعد الأمريكي، على عادة الأمريكان

تزامن التحضير لمعركة الرقة مع بدايات معركة الموصل، لكن التحشد الكبير هناك، واتفاق كل القوى الرسمية، والميليشيات، في العراق، على أن العدو الوحيد هو داعش، لا يتوافر حتى اليوم في الرقة.

ففي الرقة، "عاصمة داعش"، التي لا تقارن بالموصل بأهميتها الاستراتيجية، والتاريخية، يبدو أعداء داعش أعداء لبعضهم، فلا الأكراد يمكن أن يتفقوا مع الأتراك، ولا الروس مع الأمريكان، ولا النظام مع أي من هؤلاء، بمن فيهم إدارة بوتين، حتى يمكن القول إن ما تبقى من أهالي الرقة لا يتفقون على طريقة إدارة مدينتهم التي ستخرج من يد داعش خلال أسابيع، أو أشهر، لن تتعدى نهاية هذه السنة، وفقاً للمعطيات التي تصلنا من الأهالي على الأرض هناك.

من جهتهم، الأتراك يراهنون على عودة حظوتهم كحليف أطلسي موثوق. أما الأكراد فيأملون أن مئة سنة من خذلان القوى الغربية لقضيتهم لن يتكرر مرة أخرى. والعرب يتمنون أن تتوحد قواهم العسكرية والسياسية والاجتماعية لإمساك زمام الأمور على الأرض، وإعادة الحياة للمدينة المختطفة، تمهيداً لعودة أهاليها اللاجئين والنازحين.

بينما ينتظر النظام كسر الإرادة الروسية للإرادة الأمريكية، ليعود ويضم المدينة إلى سوريا الأمس، وإن كانت الرقة لم تنتم أبداً إلى سوريا النظام المفيدة، أو غير المفيدة.
الآن، القوى العسكرية العربية المتدخلة في معركة الرقة، من ناحية الشرق، هي "قوات النخبة"، بتوجيه ورضى أمريكي. لكن معظم عناصرها لا ينتمون إلى الرقة، بل إلى الحسكة التي ينحدر منها مؤسس هذه القوات، الرئيس السابق للائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، أحمد الجربا. وتضم هذه القوات ما بين 1500 عنصر، و3000. والرقم الأول هو الأكثر تداولاً.

والمهم في الأمر أن الثقة مفقودة بين هذه القوات و"قسد"، وإن كان الطرفان مدعومين أمريكياً، على حين لا يحظى "لواء تحرير الرقة" بمثل هذا الدعم الأمريكي، على الرغم من وجود اتصال بين القيادة السياسية للواء والأمريكان. مع ذلك، لا يجد اللواء من الدعم السياسي، أو العسكري، أو اللوجستي، ما يؤهله لخوض معركة في المستقبل القريب.

إذاً، فالمرجح أن تدخل "النخبة" الرقة، بناء على تعهد أمريكي سابق يستبعد دخول قسد والأكراد إلى المدينة. هذا إن لم يتقادم الوعد الأمريكي، على عادة الأمريكان.
وحول اللغط المثار عن "مجلس محلي رقة"، حسب اللسان الكردي الأعجمي، كتابة وقراءة، ووضع محمود شواخ البورسان رئيساً مشتركاً له، ففي الأمر مكيدة ما. فالود مفقود أصلاً بين "العرب المغمورين"، أو ما يُطلق عليه بعض الأكراد "الاستعمار الاستيطاني"، والأكراد، كون هؤلاء العرب انتقلوا إلى أرياف القامشلي في سبعينيات القرن الماضي. ورواية "البعث" الرسمية تقول إن هؤلاء مُنحوا أراضي تملكها الدولة السورية تعويضاً عن أراضيهم التي غمرتها بحيرة سد الفرات، بينما يدعي الأكراد أن الأرض انتُزعت من مالكيها الأكراد، وأُعطيت للعرب لإحداث خلل ديموغرافي في منطقة يدعي أكراد أنهم يشكلون غالبية السكان.

بالطبع، هذه المسألة شائكة، وأجزاء الحقيقة فيها من التشتت بحيث يصعب الوصل بينها. ومادام في الأمر سياسة من الطرفين، ستظل هذه المسألة أرضاً خصبة لتزوير الحقائق، في حالة السلم، ولتجاذب القوة في حالة الحرب التي تعيشها المنطقة منذ منتصف 2013، خاصة بعد أن قدم الأكراد أنفسهم كطرف موثوق أمريكياً لمقاتلة داعش، وبعد أن أثبت العرب عجزهم الراسخ عن الفعل والعمل المشترك، على مستوى منطقة الجزيرة، بل وعلى مستوى سوريا.

التقدم البطيء لـ"قسد"، بدعم جوي أمريكي خاصة، ترافق مع محاولة تطويق الرقة من الشمال والشرق والغرب، بينما تتصل أراضي التنظيم بريفي حمص وحماة. لكن معارك الكر والفر في الشرق والغرب لاتزال بعيدة عن مركز المحافظة، ما يرجح أن تبقى المعارك سجالاً بين الطرفين لأسابيع، أو أشهر، دون دليل على ترابط معركة الموصل المتواصلة مع معركة الرقة المؤجلة. فمعركة الموصل تبدو بلا سقف زمني، مثلها مثل معركة الرقة التي بدأت ولم تبدأ.

على الأرض، في غرب الرقة، وشمالها الغربي، تعمل قسد على إخلاء القرى والبلدات، ونقل الأهالي إلى مخيمات موقتة، خوفاً من كر داعش، ومن وقوع المدنيين في حقول الألغام التي تفتك كل يوم بعدد من المدنيين.

أيضاً، تبدو جهة الجنوب التي تطمئن إليها قسد، كون النظام يسيطر على مركزي حمص وحماة، طريقاً مفتوحة، بل طرقاً، لإمدادات داعش، ولغزواته الخاطفة.

والمفارقة هناك أن تلك البادية المترامية يسيطر عليها داعش، كما يسيطر على الطرق المؤدية إلى "مدن النظام"، فكيف تطمئن قسد، وكيف يطمئن النظام الأسدي، بل كيف تطمئن روسيا وأمريكا إلى ذلك إن لم تكونا ضالعتين في هذه الحركية الأقرب إلى الستاتيكو الداعشي الذي لا يهتم للتغيرات الآنية للخرائط!