الكرملين.(أرشيف)
الكرملين.(أرشيف)
الخميس 27 أبريل 2017 / 14:44

سؤال روسي مزعج يتحاشاه الأمريكيون

حين أشارت التحقيقات في الولايات المتحدة إلى تحضير مؤسسة بحثية روسية لمذكرتين تقدّمان الاستراتيجيات للكرملين كي يستطيع من خلالها التأثير على الانتخابات الأمريكية، ظهر انقسام على مستوى النقاش في صفوف الأمريكيين المتخصصين بالشؤون الروسيّة.

خلال السنة الماضية، مالت وسائل الإعلام الأمريكية لوصف آلاف الروس على أنهم "زملاء مقربون" من فلاديمير بوتين، خصوصاً إذا كان لأي واحد منهم اتصال مع أي شخص مرتبط بحملة ترامب حتى ولو من بعيد

هذه الملاحظة كانت للباحث نيكولا غفوسديف الذي فصّل في مقاله ضمن مؤسسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية طبيعة هذا الانقسام. الأوّل يحدّد نوعيّة العلاقة (تبعية أم مستقلّة) بين المؤسسة البحثية (معهد الدراسات الاستراتيجية) والحكومة الروسيّة. أمّا الموضوع الثاني فيرتبط بمدى تمتّع موسكو بحق التأثير على الانتخابات الأمريكية والحدود المقبولة لهكذا نشاط.

النقاشان مهمّان
يؤكد غفوسديف أنّ النقاشين مهمان. الأوّل من أجل معرفة من يملك النفوذ في "السياسة الروسية والسلوك الدولي". فخلال السنة الماضية، مالت وسائل الإعلام الأمريكية لوصف آلاف الروس على أنهم "زملاء مقربون" من فلاديمير بوتين، خصوصاً إذا كان لأي واحد منهم اتصال مع أي شخص مرتبط بحملة ترامب حتى ولو من بعيد. ولذلك، يتابع كاتب المقال، يصبح أصعب في بيئة كهذه أن يقود المرء تحاليل موضوعيّة عن هوية المستشارين الأساسيين، أو مكامن الثقل في السياسات الروسية. فعندما تُدمج هذه التحليلات مع جو عام يكون فيه أي روسي "من السفير في واشنطن إلى كبير الحاخامات في البلاد" متهماً بالعمالة المخابراتية "المتنكّرة"، يصبح من المستحيل تحديد منبع وآفاق التحديات أمام المصالح الأمريكية.

تغطية التغطية

النقاش الثاني مهم أيضاً، لأنه في عالم معولم يصير التمييز بين الإعلام المحلي والعالمي أكثر صعوبة يتابع غفوسديف. عندها، حين تضع دولة شبكاتها الإعلامية خصوصاً تلك التي تملكها أو تموّلها، أمام مهمة تأدية دور في الانتخابات الداخلية مع إعطاء منابر لشخصيات ثانوية أو عبر إطلاق معلومات مشكوك بصحتها، فإنّه يصبح بإمكانها أن تملك "تأثيراً أكبر من السابق". ويعطي كاتب المقال مثلاً عن ذلك: فحتى لو كان لعدد صغير من الأمريكيين أن يشاهد قناة "روسيا اليوم" أو يقرأوا ما تنشره وكالة "سبوتنيك" سينتهي الوضع بالوصول إلى قصص "إشكاليّة" في حين أنّ بقية وسائل الإعلام تكتفي ب "تغطية التغطية". من هنا، إنّ معلومات آتية من قرصنة اللجنة الوطنية الديموقراطية، عن صحة هيلاري كلينتون يمكن أن "تُحقن في مجرى دم وسائل الإعلام".

وجوب إطلاق نقاش صلب
ومع ذلك، أكانت مذكّرتا المؤسسة البحثية أرسِلتا إلى الكرملين كي يعمل بموجبها، أو كانتا مجرّد ركوب مسار عمل تمّ تحديده سلفاً، وجب على الانتخابات الرئاسية الأمريكية أن تطلق نقاشاً صلباً حول "حيوية وليونة" المؤسسات الأمريكية، يؤكّد غفوسديف. فقلة من الأشخاص فقط، أرادت أن تتطرّق إلى السؤال "المزعج" حول سبب فشل محاولات السوفيات للتأثير على السياسات الأمريكية، فيما عملية روسية بكلفة منخفضة نسبيّاً كان لها تأثير واضح على خيارات الناخب الأمريكي. فالفرضية التي تقول إنّ دونالد ترامب هو "المرشح السيبيري" هي "جيدة للغاية كي يتمّ تركها" حتى مع كون إدارة ترامب قصفت قاعدة عسكرية للأسد واستكملت نشر قوات لدول حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا. الإدارة الجديدة بحسب كاتب المقال عازمة على عدم فعل أي شيء يتمّ النظر إليه على أنّه مربح لموسكو.

مقاومة كبيرة

المفارقة بالنسبة إلى غفوسديف هو أنّ المذكّرتين صُمّمتا من أجل تقديم النصيحة إلى موسكو حول كيفية إيجاد شخص أكثر تعاطفاً مع الروس داخل البيت الأبيض. لكن الواقع يفيد أنّ ما حدث خلال الأشهر الأخيرة أظهر العكس. وحتى لو حاول ترامب إيجاد تسوية مع موسكو فسيواجه مقاومة كبيرة أكان من مجلس الأمن القومي أو من الكونغرس الأمريكي بحزبيه. إلّا في حال أرادت روسيا تغيير سياساتها "بالكامل" في الشرق الأوسط والدول المجاورة لها والشؤون الداخلية.

طالما بوتين في السلطة
ويكتب غفوسديف أنّه لا يستطيع رؤية ظروف يقبل فيها معظم السياسيين الأمريكيين بأي تحسين للعلاقة مع روسيا، في غياب أزمة أو كارثة كبيرة تجبران الدولتين على العمل معاً، طالما أنّ فلاديمير بوتين باقٍ في السلطة. "يتساءل المرء حول ما إذا كانت أي مؤسسة رأي أمريكية تحضّر مذكّرات بشأن الكيفية التي يمكن من خلالها أن يحدث أي انتقال في السياسات الروسيّة- وعمّا إذا كان لديها أي جمهور داخل إدارة ترامب".