السبت 29 أبريل 2017 / 20:16

ترامب يوحد الفلسطينيين والإسرائيليين في الخوف

أُعلن عن زيارة قريبة سيقوم بها دونالد ترمب للمنطقة، بما في ذلك إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية.

في إسرائيل بدأت أعراض الخوف من مفاجآته بالظهور، ذلك بعد شهر عسل متسرع، احتفل فيه اليمين الإسرائيلي بفوزه، وشرعوا في تسويقه لجمهورهم على أنه نسخة طبق الأصل عن نيفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان ونتانياهو.

كان ذلك بفعل أقواله في الحملة الانتخابية، وإظهاره استعدادات لم يجرؤ غيره على الإقدام عليها، مثل التغاضي حتى اللفظي عن الاستيطان، وكذلك تعهده الجازم بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وفوق ذلك ادعى اليمين الإسرائيلي أن الظروف مواتية لاعتراف أمريكا بضم الجولان السوري للدولة العبرية.

وقد توجت هذه الأمور بالاحتفال الأسطوري الحميم الذي أعده ترامب لنتانياهو وزوجته، حيث بدت الأمور من ألفها إلى يائها كما لو أن الطرفين يتصرفان كعائلة واحدة لا حواجز بين أعضائها، لا سياسية ولا اجتماعية ولا حتى دينية.

أمّا الفلسطينيون فقد خافوا كثيراً من ترمب، من أقواله اليقينية بنقل السفارة إلى القدس، ما يضرب بقوة عامود خيمتهم السياسية، ويقدم لإسرائيل اعترافاً غير مسبوق بالقدس عاصمة لها، ومما زاد المخاوف أقواله الملتبسة حول حل الدولتين، حيث فهم العالم أن الرجل تراجع عن الموقف الأمريكي التقليدي، وترك الأبواب مشرعة على بدائل كلها ستكون بالتحليل لمصلحة إسرائيل، وزاد من مخاوف الطبقة السياسية الفلسطينية كذلك تلكؤ ترامب في فتح خط مباشر مع محمود عباس، واكتفائه بإرسال مبعوثين ليسوا على مستوى عالٍ لمجاملة الفلسطينيين، ما أشعر صانع القرار الفلسطيني، بأنه فقد بقايا حظوة عند الإدارة الجديدة بعد سنة عسل مع جون كيري، وفرت للقضية الفلسطينية حضوراً مهماً دون أن توفر تقدماً نحو الحل، إلا أن الصورة تغيرت حين هاتف ترامب محمود عباس، ودعاه إلى البيت الأبيض، فتنفست الطبقة السياسية الفلسطينية الصعداء، وبدا كما لو أن قبضة سحرية انتشلتها من قاع بحر الإهمال والتجاهل.

حين أعلن عن مبادرة سياسية قد يطرحها ترمب، حلّ الخوف محل الابتهاج، فالإسرائيليون الذين ناموا على حرير استنتاجاتهم المتسرعة والمغالية، خافوا ولو من بند واحد تحمله المبادرة المتوقعة، ربما يطلب من إسرائيل ما امتنعت عن تقديمه في كل الجولات التفاوضية السابقة، ذلك أن إسرائيل أقامت بنياناً سياسياً تفاوضياً أساسه التشاور المسبق بينها وبين الإدارة في كل حرف وسطر يقدم كمقترحات أمريكية، فلو قالت إسرائيل نعم لما يحرجها، سيواجه رئيس حكومتها محظور انفراط عقد ائتلافه، ما يضطره إلى الدخول في ائتلاف جديد لا يلعب فيه بذاك القدر من الحرية التي يوفرها له ائتلافه الحالي، وإن قال لا لترمب، فقد يتعرض لغضب الأصدقاء بعد أن عانى الأمرين من غضب أسلافه المنزعجين من نتانياهو.

أمّا الفلسطينيون الذين ما زالت طبقتهم السياسية تشعر بالنشوة جراء الاتصال والدعوة والاستعداد للزيارة، فوفق خبرتهم بالأفكار الأمريكية، من خطة خارطة الطريق إلى مقترحات جون كيري "الصديق"، فهم يخافون من طلبات لا يستطيعون تلبيتها، فيصدمون ويفاجؤون، أما إذا لبوا ما يُطلب على كره منهم فسوف تكتمل الدائرة المغلقة حولهم، وهم الآن في وضع لا يحسدون عليه.

هذا هو الحال بعد المائة يوم الأولى في ولاية ترامب، وقبل تسع وعشرين يوما من زيارته المرتقبة التي لا يعرف أحد حتى الآن ماذا سيقول فيها وماذا سيفعل.