صورة نشرتها مواقع لداعش لشاب فجر نفسه.(أرشيف)
صورة نشرتها مواقع لداعش لشاب فجر نفسه.(أرشيف)
الثلاثاء 2 مايو 2017 / 19:47

مدخل مختلف لتفكيك التطرف

تترك ثغرات التحليلات الراهنة للعمليات "الاستشهادية" وما يتم الكشف عنه من ظروف حياة "الاستشهاديين" حاجة للتفكير في توسيع زاوية قراءة المناخات التي تنمو فيها الظاهرة أو البحث عن زوايا أخرى على أمل ايجاد مخارج من دائرة التفكير الاخذة في الضيق

ثمة اختلالات تعتري محاولات تحليل أسباب ما بات يعرف بالهجمات "الاستشهادية" وموضعها في سياقات ظواهر الإرهاب والتطرف والتشدد في رفض الآخر.
معظم تناولات الظاهرة المقلقة لعالم القرن الحادي والعشرين تتركز حول إعادة فهم تطور تفسير القراءة الدينية والبحث عن أخطاء التأويلات التي تبرر الانتحار المسكون برغبة تجسيد الأوهام وتحويلها إلى واقع.

لاستمرار التركيز على هذه القراءات ومحاولة إيجاد تأويلات بديلة تحرم قتل النفس والأبرياء تداعيات من بينها استدعاء أفكار كانت تطرح في زمن سابق لفعل الانتحار المستند لتفسيرات دينية متطرفة وجدت في ثورة الاتصالات والتيه العولمي وسيلة للانتشار والتأثير.

إعادة كتابة التاريخ الإسلامي من منظور نقدي إحدى تجليات فعل الاستدعاء الناجم عن هذه القراءات لاسيما أن هناك تجارب لمفكرين مسلمين وعرب يمكن الحديث عنها بإسهاب لا يخلو من التراجيديا حين نأخذ في الاعتبار اغتيالهم قبل عقود، وفي هذا السياق يمكن الحديث عن قامات كقامة حسين مروة ومهدي عامل وفرج فودة وأخرى وضع أصحابها على قوائم التكفير مثل نصر حامد أبو زيد وسيد القمني.

لا يغيب عن هذه التجليات دعوات أطلقت في وقت مبكر ـ بعضها سبق ظهور تنظيمات مثل القاعدة وداعش ـ للقطع مع التراث باعتباره بوابة للخروج من حالة العقم الحضاري واستندت هذه الدعوات إلى تجربة الغرب في تجاوز معوقات نهوضه لكنها لم توضح كيفية بلوغ مثل هذا الهدف أو نقطة الانطلاق للوصول إليه أو وضع تصورات لتوازن الفرد دون تراثه مما أبقاها بعيدة عن الواقع .

تنطوي هذه المحاولات واستدعاءاتها على قدر لا بأس به من التنميط ولا يخلو الأمر من شبهات الوقوع في فخ تصورات الآخر الغربي لثقافات الشرق .
يساعد على تكريس هذا الاعتقاد حضور الفعل الانتحاري ـ الذي حرمه الإسلام السياسي في يوم من الأيام ـ في تجارب قوى علمانية سبقت ظهور جماعات الإسلام الجهادي.
ويجد التفكير في هذا المنحى والبحث عن مسارات مختلفة للتحليل بعض دوافعه في ما ينشر عن غياب السلوك الديني في الحياة الخاصة لـ"الاستشهاديين" ولا سيما القادمين من مجتمعات أوروبية ودلالاته التي لا تقف عند حدود الشيزوفرينيا.

في ذلك ما يحيل للانتقال إلى مراحل أكثر تقدماً لتحليل الظاهرة الاستشهادية والالتفات إلى عوامل أخرى ـ قد يكون لها الأثر الاكبر في الانزلاق إلى خيار الفعل الاستشهادي ـ من خلال توسيع هامش حضور العبثية والعدمية الناجمة عن إيغال القرن الواحد العشرين في العولمة وشعور الأجيال الجديدة في العالم الثالث بالتهميش وفقدان الهوية والقهر واللاجدوى.

تترك ثغرات التحليلات الراهنة للعمليات "الاستشهادية" وما يتم الكشف عنه من ظروف حياة "الاستشهاديين" وأسباب تحولهم إلى العنف ـ التي لم تكن منظورة من قبل ـ وعوامل أخرى مثل ميل المجتمعات الغربية للتطرف حاجة للتفكير في توسيع زاوية قراءة المناخات التي تنمو فيها الظاهرة أو البحث عن زوايا أخرى على أمل ايجاد مخارج من دائرة التفكير الاخذة في الضيق.