الأحد 7 مايو 2017 / 20:33

الثالوث الإرهابي

لم تخرج أية جماعة سياسة أو إسلامية منذ القرن الماضي ودعت لإقامة دولة إسلامية، أو أن تقوم على الحكام وتثور ضدهم لتحقق حلمها وهي "إقامة دولة إسلامية" على حسب زعمهم، إلا جماعة الإخوان المسلمين، فهم أول من دعا لإقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية، والحقيقة فهم لم يسعوا إلى إقامة دولة إسلامية على غرار المملكة العربية السعودية، وغيرها من الدول الإسلامية التي تطبق الشريعة في جميع قوانينها، بل كان هدفهم إقامة "دولة حسن البنا" و"دولة سيد قطب"، وسعوا إلى الانقلابات والثورات ضد الحكام والقتل ليصلوا إلى مرادهم.

لم تفلح محاولاتهم رغم تكرارها على مر السنين، فقاموا باستعمال الثالوث، وهو مصطلح سياسي عندما تقوم جهة أو جماعة بدس طرف ثالث في الصراعات، وهذا ما قامت به جماعة الإخوان المسلمين في الثورة المصرية التي قامت على الرئيس السابق حسني مبارك، فهم استغلوا الطرف الثالث الشباب وصعدوا على أكتافهم ليصلوا إلى مبتغاهم: إقامة دولة الإخوان المسلمين، دولة حسن البنا وسيد قطب، الحلم الذي كان يراود رمزهم الأوحد.
لم يدم هذا الحلم طويلاً, فأتى خيرة رجال مصر وأيقظوهم من حلمهم وأرجعوهم إلى نقطة الصفر، ولكن ما لم يكن في الحسبان لدى الكثير من المحللين السياسيين بأن الإخوان كانت لهم خطة بديلة، فبدأوا بتجهيز لهذه الخطة عندما كانوا على سدة الحكم في مصر، فقاموا بدعم جبهة النصرة وحينها كانت تطلق على نفسها "دولة العراق"، وحصل الخلاف بينهم و بين المنتمين في جبهة النصرة وهم مجموعة كانت تنتمي إلى القاعدة، وبما أن الإخوان المسلمين كالحرباء يتلونون وقتما أرادوا ويلعقون أحذية من يريدون فقط ليحققوا حلمهم، وجدوا بأن القوة أصبحت لدى المنشقين عنهم ألا وهم داعش.
لا يجب على أي قارئ للوضع الميداني والسياسي أن لا يربط داعش بالإخوان المسلمين فهم من أنشأ داعش وهم من قاموا بتدريبهم وهم من قاموا بضخ أموال التبرعات لهم عندما كانوا في فيلقٍ واحد في جبهة النصرة.

ما يدعيه داعش من إقامة دولة الإسلام، هي نفس الأهداف لدى الاخوان المسلمين من حيث مبدأ إقامة الدولة والقتل والخروج على الحكام، وتاريخ الإخوان المسلمين حافل بالقتل والانقلاب وحلم إنشاء الدولة.

في 2014 لم يستطع زعيم الإخوان الروحي القرضاوي أن يخفي ما في صدره ليوصل رسالة خفية لأنصاره بأن داعش هم الإخوان المسلمون بعدما وجد الشارع الإخواني من الشباب لم يحبذ فكرة داعش، ولكن أراد أن يدس السم في العسل، ولكن لا يفهم رسائله إلا من ينعقون خلفه حيث قال "زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي كان في سن الشباب من الإخوان المسلمين ولكنه كان يميل إلى القيادة، وأغراه داعش بالقيادة بعد خروجه من السجن"، مشيرا إلى أن "هذه الجماعة انضم إليها أيضا مجندين، تحت ذريعة وزعم الجهاد في سبيل الله وقتال الكفار وأن الجنة مآلهم، ولكنهم الآن يكفرون المسلمين ويقتلون من أهل الذمة من لا يستحق القتل ويذبحون الأبرياء، وعلينا الآن أن نقاوم هذا الغلو والتطرف". لو تمعن القارئ في كلمات القرضاوي، لوجد أنه لم يذمهم إلا فيما قال إنه تطرف وغلو، فلم يجد أن ما يقومون به بعيد عن الإسلام أو حتى بالمصطلح الجديد الإرهاب، إذن أوصل القرضاوي رسالته لمناصريه بأن هذا الفكر هو فكر الإخوان المسلمين وأن زعيمهم هو تلميذنا.

الشواهد كثيرة على أن جماعة الإخوان المسلمين وداعش هم جماعة واحدة، في أغسطس 2014 قام رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بتكليف السفير البريطاني السابق بالسعودية، جون جنكيز، بإعداد تقرير كامل عن نشاط جماعة الإخوان، والذي كشف عن وجود روابط بين الجماعة والمتطرفين والمسلحين في الشرق الأوسط، إذن الشواهد كثيرة سواء تقارير أو تحاليل أو حتى أدلة عينية بأن داعش هو من الإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون من داعش.

المخطط الفعلي لداعش ليس إقامة دولة الإسلام كما يدعون، ولا حتى دولة العراق والشام، بل الحقيقة التي يجب على الجميع أن ينتبه لها أن المخطط هو إقامة دولة الإخوان الإرهابية بدمج القاعدة الإخوان داعش .