جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي.(أرشيف)
جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي.(أرشيف)
الخميس 11 مايو 2017 / 20:16

أبوظبي...الجمالُ عندما يتدفقُ شغفاً فيعانق الكون

أبوظبي الجميلة عاصمة تحتفي بالجمال في تجلياته جميعها

"لقد صار قلبي قابلاً كلّ صورةٍ، فمرعى لغزلانِ وديرٍ لرهبان. وبيت لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآن. أدينُ بدين الحب أنّى توجهت، ركائبه فالحبُّ ديني وإيماني".. هذه الكلمات التي تفيض بالحب والتسامح الكونيَّ للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربيّ وهو شخصية العام الفكرية لمعرض أبوظبي للكتاب هذا العام. وقد شَهِدَ المعرض تجلياتٍ جمالية وفكرية من وحي ابن عربيّ انتظمت في فعاليات استقطبت أسماء ثقافية متميزة.

لقد انتظم الجمال في فلسفات ونظريات بدءاً من الحقبة الفلسفية الإغريقية وصولاً إلى التنظير الفلسفي الحديث. وفي الفلسفة العربية الإسلامية يمثل إسهام المتصوفة نصيباً كبيراً من الفلسفات الجمالية الإسلامية التي رفدت من موارد متنوعة. ولاشكَّ أن الإنسان عندما تعتاد عيناه على رؤية الجمال فقط ينعكس ذلك عليه في شموليته وفي كليته، فيرى الجمال في كل شيء؛ لأنَّ عينيه ستقتنص هذا الجمال المخبوء في الأشياء اقتناصاً.

كانت زيارتي لأبوظبي هذه المرة مميّزة جداً واستثنائية؛ فقد كان لي شرف حضور حفل جائزة الشيخ زايد للكتاب والاحتفال بمرور عشر سنوات على انطلاق مشروع "كلمة للترجمة" الذي أعده أفضل مشاريع الترجمة على مستوى الوطن العربي، لأنَّ رؤية الترجمات استثنائية جداً وفيها اختلاف يميّزها عمّا عداها. وكان لي شرف اللقاء بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو القائد الكاريزمي الذي يمتازُ بقدر كبير من التواضع في تعامله مع المواطنين؛ لقد كان حريصاً على المجيء إلى رواد مجلسه بنفسه والسلام عليهم واحداً واحداً، ولا أنسى كلمته التي وجهّها إلى أعضاء الهيئة العلمية بجائزة الشيخ زايد من حديثه عن ضرورة إبداء الآراء للارتقاء بالجائزة، ضارباً على ذلك مثالاً بالماء نبع الحياة ..هذا الماء سيصبحُ مستنقعاً آسناً عندما يركد وسيكون جميلاً عندما يغادر حيّز السكون إلى الحركة..

أبوظبي الجميلة عاصمة تحتفي بالجمال في تجلياته جميعها. مع المساء يلوح جامع الشيخ زايد وهو يتلألأ بشغف الجمال فيتعانق هذا المنظر المبهر مع جسر الشيخ زايد، هذا الأيقونة المعمارية الفريدة في تصميمها وفي تعانق الرمال والبحر فيها..

أبوظبي التي أطلقت مبادرة جمالية وإبداعية كبرى هي "تخيّل أبوظبي" بما يفتح أبواب التخيّل من أوسع آفاقه لتخيّل هذه العاصمة الجميلة الجاذبة بعد سنوات من الآن، ولجعل مبادرات الابتكار قائمة على الشراكة مع المواطنين، بما يحقق أسلوب الحكم الرشيد في أجمل تجلياته.

أبوظبي الجميلة استقطبت ولاتزال تستقطب فعاليات نوعية كبرى وتؤسّس مشاريع ثقافية على قدر كبير من الأهمية، نظراً إلى الشراكات العالمية، جامعة السوربون وقرب افتتاح فرع لمتحف اللوفر الفرنسي فضلاً عن إنشاء عشرات المتاحف والاهتمام بتسجيل بعض المواقع والتراث المعنوي الإماراتي ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

أبوظبي الجميلة تتضافرُ مع أخواتها الإمارات الأخرى في صنع عوالم من الجمال والشغف والسعادة والطاقات الإيجابية والهوية الإماراتية المميزة. لقد قضيتُ بالفعل أياماً استثنائية في وطن استثنائي يصنع السعادة والشغف، أقولها من قلبي: شكراً يا الإمارات وحفظ الله قيادات الإمارات السياسية وشعبها الرائع.