السبت 13 مايو 2017 / 20:02

مثلث التسوية

ثلاثة أضلاع، إن اكتملت فذلك يعني أن التسوية التي كانت مستحيلة تصير ممكنة، الضلع الأول إسرائيل، والضلع الثاني الفلسطينيون، والضلع الثالث الإدارة الأمريكية.

فيما يتصل بإسرائيل، فلابد وأن يكون استعدادها للسلام مع الفلسطينيين قد نضج، وهذا ليس وارداً حتى الآن، وأن يكون تخليها عن شروطها التعجيزية قد تحقق فعلا، وأن تكون استجابتها للمساعي الأمريكية حقيقية وأكيدة.

وبالنسبة للفلسطينيين، الذين يتمتعون بدعم عربي أثبت قدرته في التأثير على ترامب، وجعله يتراجع عن مقولات الحملة لمصلحة فعل التسوية، ولكي يكون الضلع الفلسطيني فاعلاً فيما سيأتي من تطورات ومفاجآت، فلا مناص أمامه من إنهاء الانقسام والتوحد على استخدام الفرصة، ذلك أن فجوة في الضلع الفلسطيني ما تزال قائمة وبالإمكان تسميتها بفجوة غزة، ودون أن تسد هذه الفجوة فلن يكتمل الضلع ولن يكتمل المثلث.

أما الأمريكيون، الذين ليسوا مجرد الضلع الثالث وإنما هم في مكون كل الأضلاع، فشرط نجاحهم هو الدأب والتصميم وإلغاء المبدأ الذي حكم سلوكهم لسنوات طويلة في أمر المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وهو لا ضغط على إسرائيل وإنما إقناعها، لقد ثبت عملياً أن الأمريكيين لن يحققوا شيئاً ما داموا متمسكين بهذا المبدأ، ويضعونه أساساً لتحركهم.

دعونا نصدق أن ترمب يريد تدشين تاريخه السياسي، بتسوية نهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وربما يتوازى ذلك مع تطوير الحلف الأمريكي، الذي كان مائعاً مع السعودية ومصر ودول الخليج وكل الدول المسماة بدول الاعتدال، ولأن أمريكا إن لم تستطع بلورة تفاهم استراتيجي تكون إسرائيل عضواً فيه، فستظل سياستها الاستراتيجية في الشرق الأوسط ناقصة ومحدودة الفعالية، وتدرك أمريكا – ترامب، أن أمراً كهذا لا يمكن ان يعالج ويجد حلولاً فعالة إذا ما استمر في ممالأة إسرائيل، وإهمال الشرق العربي لإقامة علاقة علنية معها وهو حل القضية الفلسطينية بما يرضي أهلها أولاً.

سيكون هذا هو مجال الحركة في الفترة القادمة، ولأول مرة ربما يسمح الأمريكيون للعرب بأن يدخلوا إلى المعادلة بقوة الحاجة الأمريكية لهم، كان ذلك ممنوعاَ فيما ما مضى فدفع مشروع التسوية أثماناً باهظة من فشل محقق وتداعيات كارثية.

الجديد في تسوية ترامب المفترضة، هو إقحام العرب فيها، ولو عمل الرجل على هذه القاعدة بإخلاص ويقين، فستكون لتجربته نوعاُ من التوازن يحجم الغرور الإسرائيلي المستند للسلبية الامريكية، ويأخذ العرب دورهم المفقود وتأثيرهم الفعال في خلاصاتها.

والسؤال، هل سيمضي ترامب قدماً في انقلابه على نمطية الدور الأمريكي والاستئثار المزمن باللا حل أم يذعن لكوابح داخلية أمريكية وصهيونية، لم تفقد بعد إمكانيات الإعاقة والتخريب،هذا هو السؤال. لن نجيب عنه بمجرد قراءة المقدمات الأولية والاستنتاجات، بل لابد من مراقبة الفعل الأمريكي أكثر من مراقبة القول.

لن ننتظر طويلاً حتى نعرف، فإذا كانت المقدمات تأتينا عن بعد، وعبر تصريحات متناثرة، فإن ما يوفر مصداقيتها من عدمه، ما سينجم عن الزيارة التاريخية للمنطقة والتي ستبدأ بزيارة السند الأقوى للفلسطينيين "السعودية" حيث ثلاث قمم تتبنى القضية الفلسطينية كقضية مركزية، وبعدها ماذا سيقول ويعمل في إسرائيل، القابضة على الرهينة الفلسطينية، والتي تتأهب لاحياء اليوبيل الذهبي لما تسميه بنصر الأيام الستة وتوحيد القدس، تحت يافطة هشة.. العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل.

ذلك سيظهر جلياً بعد أيام قليلة، وسيساعدنا على الفهم أكثر صراحة ترامب واستعداده لقول ما كان لا يقال.