الرئيس الإيراني حسن روحاني (أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني (أرشيف)
الأحد 14 مايو 2017 / 18:32

تقرير: روحاني يلوّح مجدداَ بورقة المستثمرين الأجانب

رحب الرئيس الإيراني حسن روحاني بمستثمرين من أنحاء العالم بحفاوة، في محاولة لتسليط الضوء على عوائد الاتفاق التاريخي الذي رُفعت بموجبه العقوبات عن طهران، وذلك قبل أن يخوض انتخابات الرئاسة المقررة هذا الأسبوع.

ولكن حتى الآن، اكتفى المسؤولون التنفيذيون الذين يتوافدون على طهران بالوعود دون تنفيذ.
 
دون فعل
وقال رئيس أنشطة الاستكشاف والإنتاج لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في توتال ستيفان ميشيل، في منتدي للنفط والغاز للاتحاد الأوروبي وإيران الشهر الماضي: "إذا اقتصر الأمر في نهاية المطاف على القول، دون فعل، فثمة مشكلة".

وأضاف على هامش المنتدى الذي استضافته وزارة الطاقة الإيرانية الشهر الماضي، وأشاد فيه المتحدث تلو الآخر باحتياطيات إيران الضخمة من النفط والغاز "نحاول أن نُنجح الأمر".

وكان متوقعا أن تكون توتال أول شركة أوروبية كبري تستثمر في إيران فعلياً بعد رفع العقوبات في صفقة بملياري دولار للمساعدة على تطوير المرحلة الحادية عشرة من حقل بارس الجنوبي، جزء أحد أكبر حقول الغاز في العالم.

وبعد  اتفاق روحاني مع القوى العالمية على تحجيم برنامج إيران النووي، مقابل رفع العقوبات، توصلت شركات الطاقة العالمية إلى أكثر من 12 اتفاقاً مع إيران العام الماضي، لإجراء دراسات على حقول نفط وغاز، لم يتحول أي منها إلى عقد استثمار.

لا يستحق العناء

وقرر مستثمر واحد على الأقل، أن الأمر لا يستحق العناء في الوقت الحالي، إذ قالت شركة شلومبرغر لخدمات حقول النفط الشهر الماضي، إنها ستنهي اتفاقاً لدراسة حقل نفطي.

وتُلقي حكومة روحاني مسؤولية فشلها في جذب المليارات من الخارج على الولايات المتحدة، الخصم اللدود لإيران، الذي طالما وصفته "بالشيطان الأكبر".

ويلزم الكونغرس الحكومة الأمريكية بتقديم إفادة رسمية كل 90 يوماً عن التزام إيران بالاتفاق النووي المبرم في 2015، أو فرض العقوبات من جديد.

وأبقت واشنطن على عدد من العقوبات المالية، ما يمنع البنوك الإيرانية من العودة للنظام المالي العالمي.

وسبق للرئيس دونالد ترامب وصف الاتفاق النووي، بأنه "أسوأ اتفاق يجري توقيعه" الأمر الذي يثير قلق الشركات من احتمال أن ينسحب منه بالكامل على نحو مفاجئ.

وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه للصحافيين في طهران في 29 أبريل (نيسان) شارحاً سبب غياب استثمارات شركات النفط الأوروبية حتى الآن "السبب الرئيسي هو القيود السياسة، والضغط على الشركات من جانب الولايات المتحدة، وأتمني ان يدعم الاتحاد الأوروبي الشركات".

مخاطر أخرى
يقول العاملون في إيران إنه يتعين عليهم إضافة بنود للعقود توضح إمكانية إلغاء أي اتفاق، إذا فرضت العقوبات من جديد.

وقال رجل أعمال في إيران: "جميع عقودنا لا تسمح بأي ثغرات، ضع نفسك مكان الإيرانيين، نقول لهم لنا الحق في الانسحاب خلال 24 ساعة، يُضفي ذلك ظلالاً من الشك علي علاقات معقدة بالفعل".

وطلبت شركات النفط استثناءات من واشنطن، لضمان الحماية أي استثمارات، إذا أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات في المستقبل.

وأشار ميشيل من توتال إلى أن انتظار هذا الاستثناء، هو أحد القضايا الرئيسية التي تؤدي لإحجام شركته عن الاستثمار.

مشاكل داخلية

وفي أحاديثهم الخاصة يشير المسؤولون التنفيذيون إلى العديد من المخاطر غب إيران ذاتها، مثل غياب الشفافية، والنظم المصرفية الهزيلة، والتعقيدات الإدارية، واحتمال تهميش روحاني شخصياُ وفصيله البرغماتي، في الانتخابات المقبلة لصالح المتشددين المتشككين في تحركاته نحو الانفتاح.

وفضلاً عن إرجاء الصفقات في انتظار ضمانات واشنطن، تنتظر شركات النفط الكبرى، شروطاً تجارية أكثر إغراءً من طهران.

ولكن ذلك بدوره، ربما لا يتوقف على إعادة انتخاب روحاني فحسب، بل أيضاً على الفوز بتفويض حاسمٍ يُتيح له كبح جماح المتشددين.

متشددون
ويُواجه روحاني عدداً من المنافسين المتشددين في الجولة الأولي من الانتخابات في 19 مايو (أيار) وتجري الجولة الثانية بعد أسبوع، إذا لم يفز أي مرشح بأكثر من 50 % من أصوات الناخبين، الذين شاركوا في الانتخابات.

واستثمرت شركات مثل توتال، وإيني، في إيران في التسعينيات بموجب عقود قصيرة الأجل مدتها بين 3 و5 أعوام، لكن بشروط صعبة كبدت الشركات خسائر.

وتُعد حكومة روحاني إطار عمل جديد، يُطلق عليه عقد البترول الإيراني، ُيتيح للمستثمرين الأجانب تأسيس مشاريع مشتركة لمدة 25 عاماً، مع ضمانات أكبر باسترداد تكاليف الاستثمار.

ولكن لم يُقرّ أي من هذه العقود حتى اليوم، وانتقد برلمانيون، ومتشددون النموذج الجديد، ووصفوه بأنه محاولة لبيع الموارد بثمن بخس للغرب.

امبراطورية الحرس الثوري
ويتمتع كثيرون من معارضي روحاني بدعم الحرس الثوري، واسع النفوذ الذي يملك إمبراطورية أعمال، ولا يريد منافسة من مستثمرين غربيين.

وفوتت إيران الموعد النهائي لتوقيع أول عقد بما يزيد على عام، وتقول مصادر في القطاع في الغرب، إن جزءاً من التعقيدات يتعلق بالتوترات بين الإصلاحيين، و المتشددين.

وقال نائب رئيس إيني لابو بيستيلي للمشاركين في ندوة طهران: "ما زلنا ننتظر القرار النهائي، لندرس عقد البترول الإيراني الجديد وكيف سيطبق".

والعقبة الأكبر أمام المستثمرين الكبار، تتمثل في رفض بنوك غربية كبرى المخاطرة، في ظل القيود الأمريكية، واحتمال إعادة فرض العقوبات إذا انتهكت إيران الاتفاق.

وفي حين تقيم بنوك أصغر صلات، فإن الطريق ما زال طويلاً أمام إيران بالمعايير المالية الدولية.

وهناك أيضاً الاتفاق على آلية لفض المنازعات العقبة الأخرى أمام إبرام اتفاقات.

شركات آسيوية

وإذا ثبت أن قلقاً شديداً يساور الشركات الغربية، فإن إيران ستبحث عن استثمارات من أماكن أخرى، عبر شركات آسيوية وروسية، قد لاتملك التقنيات المتطورة مثل الشركات الغربية الكبرى، لكنها تبدو أقل قلقاً من المخاطر.

وأكثر من نصف الشركات التسع والعشرين التي سُمح لها بالمشاركة في العطاء الأول لمشاريع الغاز والنفط الإيرانية الذي طال انتظاره، من آسيا وروسيا.

وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي: "يمكنهم الحصول على حل رخيص من الصينيين، أو آخر جاهز من الروس، ليس حلاً طويل الأمد، لكن لعله كل ما بيدهم".

وقال الشريك في باريسا بيزنيس للاستشارات في إيران إبرا جوهري: "يملك الأوروبيون أحدث التكنولوجيا المتطورة، لكن هذا ليس كل شيء، بسبب المشاكل القانونية، والمالية، والسياسية التي تعترضهم".

وتابع: "لا نواجه هذه المشكلة مع المستثمرين الكوريين أو الصينيين".