الخميس 18 مايو 2017 / 16:38

عتاب يشق محاولته الأولى

ـ إلى قاسم حدّاد، فالقلعة الصديقة لا تتهاوى أبداً

مُتْعَبون في أسِرَتنا، مُتْعَبون في النص، مُتْعَبون في الصور والمكاتيب المتعثرة، مُتْعَبون على مائدة العائلة وفي الأوراق الثبوتية، مُتْعَبون في الصباح والوقت، مُتْعَبون من الأغاني المخبّأة لعودتهم، مُتْعَبون من الأحذيةِ الطيبة، مُتْعَبون في شفاهِ النوافذ والتلفت، مُتْعَبون من رشاقة الأمل، مُتْعَبون في كلِّ الأشياءِ التي تجهلهم وتحدث لنا.. مُتْعَبون في لوعة العاشقات حين لا تُقاسُ بحذرهم علينا، مُتْعَبون فيما مُتْنَاه من خفّةِ الكلام، ووصايا أن نكون كباراً في المحن، مُتْعَبون من وشكِ الوشك، من مماطلةِ النهاية.. مُتْعَبون من أسنِ الحزنِ في يدَيْ الأم، مُتْعَبون بوطنٍ نشيطِ اليأس، مُتْعَبون تحت سيفِ الحلول، مُتْعَبون فيما قطعناه مع آخرين، ومما فينا يحلمُ به آخرون، مُتْعَبون ببريق الوهمِ وخدعةِ السقف، مُتْعَبون في مللِ الصحاب من تكرارِنا، مُتْعَبون من زهرِ شرسِ المنال في دمنا.. نهرع يا الله إلى ما بقي لنا عندك، وبشرفِ انتخابنا للغصّة رغم بسالتنا، مُتْعَبون من وداعٍ مبهرٍ ـ في حقيبة العائدين ـ، مُتْعَبون إذ كنّا على شغفِ انهياراتٍ طويلة، مُتْعَبون حتى نُدركَ المطافَ الحليم بنا؛ مُتْعَبون في حيرتنا أمام حلق الفجيعة، وقليلون نحن عند وجاهةِ تمسّكهم بنا، مُتْعَبون من مديحِ شجاعتنا على البقاء، مُتْعَبون من عمرٍ سنواته لم تكن له، مُتْعَبون لهم، مُتْعَبون ألاّ "نصون وحدتهم"...

مُتْعَبون من البابِ في صخرة التعب، أوجدوا له عذر الغلق في بُعدِهم، والآن يقتسمون فيه صدرَ الترحاب..

مُتْعَبون في ثيابِ اللقاء، ومجتهدون فيما تسعاه الأيامُ المُرهَقَة من وعدِنا: ألاّ نخذلهم في الموت.