ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
السبت 20 مايو 2017 / 18:59

لماذا تقنع رؤية محمد بن زايد.. القادة؟

لا نستغرب حينما يقتنع الناس بالرؤية الإماراتية للأشياء، فهي رؤية لا تنبع من ضيق المصالح، ولا من اعتبارات اعتباطية، ولكنها تنبت نباتًا من تربة هذه البلاد

قبل أيام انشغلت وسائل الإعلام كلها، بسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، الذي اختتم زيارة استثنائية لواشنطن التقى فيها قيادات أمريكا من الصف الأول ممثلاً في الرئيس إلى الجهات الاستشارية والتشريعية الأخرى التي طلبت لقاء سموه، وقدمت الزيارة مثالاً للعلاقات المتينة بين الدولتين، وهي إن أضافت للعلاقة بين الدولتين جديدًا، إلا أنّها لم تقم بشيء أكثر من كونها بيّنت قيمة النظرة الاستراتيجية لدولة الإمارات بقيادة سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، وعمق ورسوخ ولي عهده الأمين.

لقد قاد سيدي صاحب سمو الشيخ محمد بن زايد العلاقات الخارجية والداخلية، اعتماداً على نظرة فلسفية عميقة، عمدت في الأول إلى تأسيس ثقة وطنية غالية، وانتماء معرفي بالتاريخ والأصول الضاربة في القدم، هذا الانتماء الذي يجعل البلاد غنية في نفوس أبنائها، وحصيلته هي سلوك مضطرد في رعاية النماء والتنمية والعمار، فسيدي ينظر إلى بلاده قبل عشرة آلاف عام ويشعر الجميع بالانتماء لتلك الحضارة الضاربة، مرورًا بكل الأزمنة، ولهذا فهو يتسق مع ذاته وتاريخه ومواطنيه. لقد بعث فينا جميعًا وفي شعوب المنطقة إحساسًا بالوطن، وهو إحساس أعمق من أي إحساس آخر، وانتماء لمسيرة الدولة هو أعمق من أي انتماء آخر، وولاء لما تمثله منظومة القيم الجديدة، التي يحملها برحمة الإسلام وبثقة العربي وبوفاء الإماراتي وإخلاصه، هذه المنظومة تجعل النظر إلى الخارج نظرًا سديدًا بثقة واطمئنان.

لذلك لا نستغرب حينما يقتنع الناس بالرؤية الإماراتية للأشياء، فهي رؤية لا تنبع من ضيق المصالح، ولا من اعتبارات اعتباطية، ولكنها تنبت نباتًا من تربة هذه البلاد، وتحمل في جوانبها مقدارًا كبيرًا من الرحمة والإخلاص لمبادئ أهل المنطقة، وترفض العنت والتعنت والتشدد والتشتت والاقتطاع الذي تعاني منه نظرة الآخرين. وهذه النظرة تتحوّل بالتقادم إلى رؤية راسخة، تعبر عنها مواقف لا تعرف التلون وكلمات لا تتغير، الأصل فيها أنها ابنة جغرافيا هذه البلاد وحصيلة معروف عملها، يحملها هذا الرجل العظيم. وهي نظرة تستصحب معها التجارب الإنسانية النافعة في أقصى الغرب وفي أقصى الشرق. مادامت تقدم للبشرية الخير، وتحفظ الاستقرار.

حينما كان الرئيس الأمريكي السابق يبشر بالربيع العربي وينشر الفوضى في المنطقة، لم تتوقف الإمارات عن إسداء النصح لمن سألها والعمل على إيقاف الفوضى والانتصار للاستقرار، وعملت مع محور الاعتدال العربي على بناء محورٍ عربي يستقل برؤاه، ورفعت من مستوى الوطنية في الدول العربية؛ وقدمت كثيرًا من الأفكار التي ربما لم ترق للسيد أوباما، ولكن التجربة جعلت أميركا تصطدم بحوائط الإرهاب المدعوم من الإخوان المسلمين من جهة والمتمثل في المليشيات الشيعية من جهةٍ أخرى. فصار من بعده يستمع إلى رؤية الخليج بأناة وصمت واعتبار.

يندر أن يجلس أيّ قائد أو مثقف مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد دون أن يخرج برؤية مشتركة، ولا تفسير لذلك سوى أنّ الرؤية التي استطاع صاحب السمو تحصيلها ليست نتاج مصلحة ضيقة ولا رغبة مرحلية وإنما هي رؤية شاملة وتستند إلى نداءات طبيعية تفرضها دورة التاريخ وحقيقة الأشياء ولا تقع في أوهام الإغراء، إنما تنتمي إلى التاريخ والحاضر والمستقبل.

سيذكر التاريخ دومًا حينما يغطي هذه المرحلة، أن محمد بن زايد استطاع أن يبعث ترياقًا لأدواء المنطقة بالنور والتنوير والرحمة والحكمة والأصالة المعاصرة والتعليم والقوات المسلحة القادرة على الدفاع عن المنطقة، وحينما يتحدث رجل بهذا القدر، حق على الجميع أن ينصتوا.