الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الثلاثاء 23 مايو 2017 / 20:05

ديمقراطية العمائم

أوهام السياسة الإيرانية التي استعادت حضورها مجدداً قوبلت بردود فعل غربية مبكرة كان أبرزها بقاء الخطاب السياسي الأمريكي المتشدد على حاله والبيان الذي أصدره 156 عضواً في البرلمان الأوروبي

مع اتساع هامش التفكير في جدوى التوجه إلى الصناديق، يتجاوز جدل الانتخابات الرئاسية الإيرانية إعادة إنتاج الأسئلة التقليدية حول تعقيدات التوازنات الداخلية لنظام الملالي وأثرها على استقراره.

تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي، أشارت إلى أن الإجراء الانتخابي بحد ذاته يصب في صالح الحكم، مما يعني أن وظيفة الانتخابات الرئاسية وغيرها لا تتجاوز في نظره محاولة التأكيد على شرعية النظام.

خلال حملته الانتخابية وبعد إعلان فوزه بولاية ثانية حرص حسن روحاني على تركيز خطابه حول شعارات الإصلاح التي ميزته عن منافسه الأبرز إبراهيم رئيسي.

ثقة المرشد في استقرار نظام الولي الفقيه والرئيس بـنجاح الإصلاحات الداخلية كانت مشوبة بقلق أشارت إليه وسائل اعلام رسمية لدى تطرقها لظهور صور زعيمة المعارضة مريم رجوي في الشوارع ونشاطات منظمة "مجاهدي خلق" التي تضمنت دعوة إلى المقاطعة وتنظيم احتجاجات.

أنشطة المعارضة المحظورة التي تدعو زعيمتها منذ سنوات إلى خيار ثالث ـ يتمثل في إجراء انتخابات تحت إشراف دولي ـ لم تكن وحدها التي أثارت الشكوك في الأفق الذي يراه خامنئي وروحاني ففي المشهد الإيراني ما يعزز اعتقاد التآكل الداخلي.

تهديدات خامنئي بـ "صفعة قاسية" لمن يحاول تغيير سلوك النظام من خلال الانتخابات وضعت علامة استفهام كبيرة حول سماح المرشد الاعلى بأي اصلاحات حقيقية قادرة على تنفيس الاحتقانات الداخلية مما يعني أن روحاني يجر الناخب الإيراني نحو السراب الذي وقف الإيرانيون على تخومه بعد فترتي حكم الرئيس محمد خاتمي المحظور ذكره في وسائل الاعلام الإيرانية.

والمناظرات الانتخابية التي سبقت التوجه للصناديق اثبتت أن روحاني لم يحقق خلال فترة رئاسته الأولى نجاحات تذكر في مواجهة التضخم والفساد وأعمال النهب والتهريب وتفاقم ظواهر الفقر والبطالة مما يشير إلى أن مراكز القوى والأنظمة المعمول بها لا تتيح تنفيذ اصلاحات الرئيس المنتخب لفترة رئاسية ثانية.

أمام الإخفاقات والعقبات التي تعترض اصلاحات داخلية تعيد تجديد حيوية النظام السياسي الإيراني وتطيل بقاءه تطفو على السطح أوهام استخدامات أخرى للانتخابات أبرزها توجيه رسائل الاعتدال للغرب الميال إلى تصعيد لهجته ضد السياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة.

أوهام السياسة الإيرانية التي استعادت حضورها مجدداً قوبلت بردود فعل غربية مبكرة كان أبرزها بقاء الخطاب السياسي الأمريكي المتشدد على حاله والبيان الذي أصدره 156 عضواً في البرلمان الأوروبي عشية توجه الناخبين الإيرانيين إلى الصناديق وتضمن تشكيكاً واضحاً بنزاهة الانتخابات في ظل ولاية الفقيه ومجلس صيانة الدستور.

في ذلك ما يمكن التعامل معه باعتباره بوادر إخفاق الانتخابات الرئاسية الأخيرة في التمهيد لإخراج النظام الذي يحكم البلاد منذ أربعة عقود من مأزقيه اللذين يزدادان حدة مع مرور الوقت.

معظم المؤشرات التي يمكن التقاطها من مناخات الانتخابات الرئاسية الإيرانية تتجه نحو تراجع فرص تبديد مخاوف المجتمع الدولي من السياسة التي تتبعها إيران في المنطقة وانحسار إمكانية تحقيق إصلاحات داخلية تعزز مواقع ما يعرف بالتيار المعتدل وتجدد حيوية النظام، مما يرجح اقتراب ملهاة ديمقراطية "العمائم" الشبيهة بـ "طبخة الحصى" من طريق مسدود يزيد من حالة الاحتقان ويهدد بتطورات دراماتيكية.