من موقع الهجوم الإرهابي في مانشستر.(أرشيف)
من موقع الهجوم الإرهابي في مانشستر.(أرشيف)
الأربعاء 24 مايو 2017 / 19:15

هجوم مانشستر.. دليل على نوع جديد من الإرهاب

24- زياد الأشقر

كتب جورج كاسميريس في صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن من النتائج الغريبة لإرهاب القرن الحادي والعشرين، هو أنه نتيجة حنين إلى نوع قديم من الإرهاب، لافتاً إلى إن استبدال الإيديولوجية السياسية بالتعصب الديني قد أزال القيود الذاتية التي كانت تمنع العنف الإرهابي في الماضي.

من المهم التعامل مع جذور الأسباب لهذا النوع من الإرهاب عوض محاولة اللجوء ببساطة إلى إجراءات دفاعية ضده

وذكّر كاسميريس بأنه في السبعينيات والثمانينيات، كانت الجماعات الإرهابية تصدر بيانات تشرح فيها اجندتها السياسية. وكانت مطالبها واضحة واهدافها محددة ومفهومة. في تلك الأيام، انخرطت المجموعات الإرهابية، مثل الجيش الأحمر الألماني والأولوية الحمراء الإيطالية، في أعمال عنف منتقاة جداً. وبصرف النظر عن مدى راديكالية أو ثورية هذه المجموعات في إيديولوجياتها، فإن الغالبية منها كانت متحفظة في عملياتها، وتستخدم مخزوناً محدوداً جداً موجهاً ضد مجموعة ضيقة من الأهداف.

أفكار من القرون الوسطى
وفي تلك الفترة، كان الإرهابيون، بحسب مدير برنامج الصراع الأمني وشبه الوطني في معهد راند بريان جينكينز، يريدون "أن يراقب الناس أفعالهم وأن يصغي إليهم الكثيرون، وليس أن يُقتل الكثيرون". أما اليوم كما شاهدنا في مانشستر، فإن الأمور قد تغيرت "وصار لدينا أفراد متعصبون (يطلق عليهم اسم الذئاب المنفردة) وسلسلة من الشبكات المنفصلة يعتنق أعضاؤها الأفكار الدينية التي تعود إلى القرون الوسطى، ويحملون أسلحة حديثة مع مستوى من التعصب يعبر عن نفسه بشكل رئيسي في تفجيرات انتحارية ورغبة في استخدام العنف على نطاق واسع".

وقاحة
ورأى كاسميريس أنه ليس من الوقاحة افتراض أن الإرهابيين الإسلاميين سيحظون بانتباه عام أقل إذا حصروا خططهم القاتلة بالسياسيين والديبلوماسيين ورجال الشرطة والقضاة والجنود -كما فعلت التنظيمات الإيديولوجية والقومية-العرقية "التقليدية" التي هيمنت على مسرح الإرهاب بين عامي 1960 و1990.

ولفت إلى خطورة تهديد الإرهاب العشوائي، حتى ولو طوّر رجال الإستخبارات والشرطة عملهم، "لأن هؤلاء لن يكونوا معنا كل الوقت. ولهذا يصبح مهماً التعامل مع جذور الأسباب لهذا النوع من الإرهاب عوض محاولة اللجوء ببساطة إلى إجراءات دفاعية ضده". وركزت السياسات الغربية منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بشكل رئيسي على اعتقال أو قتل الجهاديين أكثر من محاولة العمل على الحوافز التي تحركهم، وعلى أسباب تلقيهم الدعم في بعض الأوساط على رغم أفعالهم الصادمة من الإرهاب.

ميل إلى التقليد
وأشار إلى أن المتطرفين السياسيين يميلون إلى تقليد بعضهم. وبعد هجمات باريس وبرلين، لذا كان السؤال أمام المملكة المتحدة متى، لا ما إذا كانت، ستواجه هذا النوع المماثل من الهجمات المدمرة والعشوائية.

وخلص إلى القول أن هذا النوع من الهجمات الإرهابية هو الأصعب لوقفه، ناهيك عن ردعه. لكن من المهم التذكر أن الكثير من هذه الهجمات لم يقع بسبب نقص إستراتيجية اليقظة والردع لدى قوات مكافحة الإرهاب. إن الهجوم الإرهابي الذي وقع أمس في مانشستر قد صدمنا جميعاً في حياتنا، لكن يجب ألا نسمح له بتسميمنا وإنقسامنا.