وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس.(أرشبف)
وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس.(أرشبف)
الخميس 25 مايو 2017 / 16:48

مسؤولون أمريكيون.. قطر تموّل داعش والإخوان والقاعدة

استضافت "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، ومعهد "هدسون الأمريكي" و"مركز دراسات الأمن الالكتروني" في جامعة جورج واشنطن، ندوة بعنوان "قطر والجماعات العالمية التابعة للإخوان المسلمين: الإدارة الأمريكية الجديدة تنظر في سياسات جديدة" تحدث فيها سياسيون بارزون ومسؤولون سابقون في الإدارة الأمريكية وباحثون يهتمون بالجماعات الاسلامية عن تمويل قطر للجماعات الجهادية في المنطقة، وعلاقتها بتنظيم "الاخوان المسلمين" وإيوائها قادة لحركة "حماس".

أعتقد أن أهدافهم لم تتغير منذ نشأة التنظيم عام 1928، وهي إعادة الخلافة وتطبيق الشريعة، وهذا ما لا أعتبره أهدافاً معتدلة

وكان وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس أول المتحدثين، فسئل هل "الأخوان المسلمون" منظمة إرهابية، فقال: "قبل أحداث الربيع العربي، ومراحله الأولى في مصر، كان الإخوان يحبون تصوير أنفسهم بأنهم معتدلون ومؤمنون بعملية ديمقراطية منفتحة في مصر، ويسوقون بأنهم يريدون أن يكونوا جزءاً من العملية الديمقراطية، ولكن في اليوم الذي تسلموا فيه السلطة، بدا واضحاً أن الرئيس محمد مرسي ينوي أن يكون ديكتاتوراً، وأن الإخوان المسلمين يريدون تشكيل حكومة ديكتاتورية في مصر. ولم يمر وقت طويل حتى غيّروا الدستور لاعتماد الشريعة. فالمرة الوحيدة التي تمكنوا فيها من الوصول الى السلطة، انكشفت كل ادعاءاتهم بأنهم قوة معتدلة". ولفت إلى أن "حماس هي فرع للإخوان المسلمين، وتنظيم الاخوان تعتبر أساساً لكل من القاعدة وداعش...لذا يبدو لي أن من يشبه البطة ويمشي كالبطة هو بطة".
  
وعن الأهداف الطويلة الأمد لـ "الإخوان المسلمين"، قال: "أعتقد أن أهدافهم لم تتغير منذ نشأة التنظيم عام 1928، وهي إعادة الخلافة وتطبيق الشريعة، وهذا ما لا أعتبره أهدافاً معتدلة".

قطر
وعن قطر، قال: "عندما انضممت إلى حكومة بوش عام 2006، كانت العلاقة مع حكومة قطر ضعيفة جداً، ولم يكن أي مسؤول أمريكي بارز كان قد زار قطر منذ وقت طويل لأسباب عدة، فقطر كانت تعتبر داعماً لأعدائنا، والجنرال ابي زيد كان يعتقد أن الجزيرة تعمل ضد قواتنا وتؤمن معلومات لأعدائنا، وكان ثمة قلق من الجزيرة كونها تشكل منبراً للارهابيين وكانوا يشيدون بقتل جنود أمريكيين، ويمولون جماعات نعتبرها إشكالية.. كانت هناك أمور كثيرة مرتبطة بقطر، والدول المجاورة لها كانت تعتبرها دولة مارقة". لذا "أقنعت الرئيس بوش والوزيرة رايس بالسماح لي بالذهاب إلى قطر. وذهبت والتقيت الأمير.. وكانت لدي لائحة طويلة بأمور تقلق الإدارة، وقلت له إنه لا يمكننا إعادة العلاقات إلى التوازن قبل أن تبدأ بالتعامل مع هذه الأمور، وأستطيع أن أقر بأنه حصل شرح وافر، ولكننا لم نر تغييراً كبيراً".

وأقر بأنه "عندما كانت واشنطن تقول لهم إن هذه الحسابات تديرها حماس أَقفِلوها، كانوا يقفلونها، وعندما كنا نطلب منهم طرد شخص معين، كانوا يطردونه. ولكن لا أتذكر أنهم اتخذوا مبادرة ولاحقوا هذه الشبكات وحددوا أشخاصاً متورطين في هذه الشبكات...". ومع ذلك، أشار الى أن دولاً عدة في المنطقة قامت بذلك، قبل أن تتعرض هي نفسها لاعتداءات من تنظيمات ارهابية، "لذا على قطر أن تتوقف عن دعم هذه التنظيمات قبل أن تصير هي نفسها هدفاً لها".

قاعدة العديد
وسئل عما اذا كانت الولايات المتحدة تفكر في نقل "قاعدة العديد" من قطر للضغط عليها، فأجاب أن الامر معقّد، وخصوصاً أن قطر هي الدولة الوحيدة التي سمحت لنا بوضع قاذفات بي 52 في قواعدها، وقد نفذنا عمليات من هناك لعشرات السنوات، لذا الانتقال من هناك مكلف ومعقد. ولكنه أوضح أن ثمة طرقاً لتوجيه رسائل بأن "صبرنا بدأ ينفد نتيجة عدم اضافة أي قدرات للقاعدة هناك، وربما ببدء نقل بعض المعدات من هناك".

تغيير طبيعة العلاقات

وعما يتعين على الادارة الجديدة القيام به، قال إن "على الرئيس ترامب أن يرسل شخصاً الى قطر بعد عودته من رحلته، مع لائحة من المطالب والمخاوف للقطريين...على هذا المبعوث أن يقول للقطريين: عليكم التوقف عن دعم حماس والمنظمات الارهابية التي نحاول مهاجمتها، واذا لم تتوقفوا سنبدأ تغيير طبيعة علاقتنا معكم". وأضاف: "على الادارة أن تعاود الحوار الذي بدأته مع الامير السابق عام 2007.. وأن تقول للقطريين إن هذه لائحتنا، وهذه الامور التي نعرف أنكم تقومون بها...وعليكم وقفها وإذا لم توقفوها سنبدأ بتغيير علاقتنا، بما فيه نقل قاعدتنا". وفي رأيه أن الاتفاق الذي أمكن التوصل اليه في الرياض هو نقطة انطلاق ممتازة "لنحكم على الافعال مقارنة بالاقوال". وهل تعتقد أن قطر حليفة؟ يجيب: "بالتأكيد هي حليف عسكري، لقد نفذوا معنا غارات في ليبيا وسيروا دوريات جوية في عمليات ضد داعش".

 حماس والقاعدة وداعش 

من جهته، تحدث رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي إد رويس عن الاساليب التي تستخدمها "حماس" في نشاطاتها الارهابية، معتبراً أنها لا تختلف كثيراً عن "القاعدة" و"داعش". وسئل هل يوافق على وصف قطر بأنها دولة frenemy أي صديقة وعدوة، فأجاب أن قطر برأيه هي دولة تمول "القاعدة " و"داعش" و"حماس" و"الاخوان". وأضاف: "الأهم لماذا توفر قطر منبراً لطالبان التي تريد اطاحة الحكومة الشرعية". وإذ يلفت الى أن هناك دائماً احتمالاً لتغيير السلوك، رأى أنه عندما يكون السلوك خاطئاً في مسائل عدة والى هذه الدرجة، يجب أن يكون التغيير فورياً، وتغيير في المسار، لان العواقب تتعلق بخسارة أرواح بشرية في آسيا الوسطى والشرق الاوسط وأبعد. وأكد أن استضافة قطر اسوأ الأسوأ من قيادات حماس لا يمكن أن يكون جزءا من الحل، لذا "يجب ممارسة ضغط كبير عليها لتغيير سلوكها".

الربيع الإسلامي
ومن جهته، أورد جون هانا من مركز الدفاع عن الديموقراطيات سلسلة اتهامات لقطر، واصفاً الإمارة بأنها كانت دائماً رمزاً للأصدقاء المزدوجي الوجه، وخصوصاً للولايات المتحدة، كونها تستضيف من جهة المنشآت الأميركية الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، وتعتبر من جهة أخرى الداعم الأساسي، السياسي والمالي والعسكري والإيديولوجي من خلال قناة "الجزيرة"، لبعض القوى الأخطر والأكثر تشدداً في المنطقة.

وذهب هانا الى اتهام قطر بأنها القوة الخارجية التي تتحمل مسؤولية كبرى في تحويل الربيع العربي إلى ربيع إسلامي، مشيراً إلى أنها "مولت حكومة الإخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي في مصر. وبعد إطاحته عام 2014، نزلت بثقلها لنزع شرعية النظام العلماني لعبد الفتاح السيسي وزعزعة استقراره، بوضعها قناة "الجزيرة" ومنصات إعلامية أخرى تمولها في خدمة الإخوان المسلمين، مع استقبال معظم الزعماء المنفيين للتنظيم في الدوحة".

ليبيا وسوريا
وفي أي حال، يضيف هانا أن العمل المدمر لقطر كان أكثر فظاعة في ليبيا وسوريا، وشمل لا المال والتحريض فحسب، وإنما أيضاً الأسلحة لكل أشكال الإسلاميين المتطرفين. وعلى رغم الجهود الأمريكية في كلا البلدين لتوجيه مساعدات شركائها إلى القوى الأكثر علمانية وبراغماتية، تجاهل القطريون باستمرار المخاوف الأمريكية، ووجهوا كميات كبيرة من الأسلحة إلى كثير من الميليشيات المتطرفة التي تثير قلقاً كبيراً لدى صناع السياسة الأمريكيين.

إهجمات 11 سبتمبر
ومع ذلك، يقول الباحث إن أياً من هذه السلوكيات هو ظاهرة حديثة، لافتاً إلى أنه في منتصف التسعينات "عندما كنت أعمل في فريق عمل وزير الخارجية وورن كريستوفر، أدركت الولايات المتحدة أن مسؤولين كباراً في حكومة قطر يؤوون على الأرجح جهادياً تورط في عملية فاشلة لتفجير طائرة مدنية في طريقها إلى الولايات المتحدة. ولكن بعدما طلب الأف بي آي من قطر تسليمها المشتبه فيه، اختفى. وكان ثمة اقتناع واسع بين المسؤولين الاستخباراتيين أن الإرهابي حصل على رعاية من مستويات عليا في الحكومة القطرية".
  
وقد أوضح مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي "أف بي آي" ذلك في رسالة إلى وزارة الخارجية القطرية، مشتكياً من أن الولايات المتحدة "تملك معلومات مقلقة" أن المشتبه فيه نجا مجدداً من مراقبة أجهزتكم الأمنية، وأنه أُخطر على ما يبدو باهتمام الأف بي آي به.

أما الجهادي فليس بحسب الباحث إلا خالد الشيخ محمد الذي يعتبر مخطط هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، في الولايات المتحدة. والجدير ذكره أن المسؤول القطري البارز الذي يعتقد أنه مسؤول عن إيواء محمد وحمايته شغل منصب وزير في حكومة قطر بلا اتقطاع حتى 2013، وكان مسؤولاً عن الاستخبارات الداخلية.

الجزيرة
ويضيف هانا معلومة شخصية أخرى عن قطر، مشيراً إلى أنه عام 2004، وبينما كان التمرد في العراق في ذروته، "كنت في فريق نائب الرئيس ديك تشيني لشؤون الأمن القومي. ومع أن الطيارين الأمريكيين كانوا ينفذون غارات ضد إرهابيين عراقيين انطلاقاً من قاعدة عيديد القطرية، كانت قناة الجزيرة تحرض بلا هوادة العالم العربي ضد القوات الأمريكية. وكانت تبث صوراً رهيبة عن قتلى من النساء والأطفال على نحو متواصل، مع تقارير عن جرائم حرب مفترضة ارتبطت في أذهان المشاهدين بما سمته الجزيرة الحرب الأمريكية على العراق".

تسجيلات بن لادن
وأورد أيضاً أن الجزيرة التي صارت بعد هجمات 11 سبتمبر (على نحو مشبوه) القناة المفضلة لتسجيلات بن لادن التي تدعو إلى الجهاد ضد أمريكا، أمضت السنوات الأسوأ من حرب العراق تسوّق للمتمردين.

ولاحظ أن المحللين الأمريكيين أحصوا مرات كثيرة كانت فيها كاميرات الجزيرة في الموقع نفسه لهجمات كبيرة على القوات الأمريكية، مؤكداً أن الأدلة الظرفية على تواطؤ بين الجزيرة وإرهابيين يستهدفون القوات الأمريكية، ثابتة ومقنعة.

ويؤكد هانا أن موقف الجزيرة اعتبراً مؤذياً جداً للجيش الأمريكي، حتى أن تشيني ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد شعرا بضرورة عقد اجتماع استثنائي في أبريل (نيسان) 2014، مع وزير الخارجية الزائر في حينه. وفي حينه أُبلغ الوزير رسالة واضحة مفادها أن الجزيرة تتسبب بمقتل أمريكيين في العراق، فإما أن تكبح قطر أكاذيب المحطة وتوقف تحريضها وتوددها للعدو، وإما ستضطر واشنطن لإعادة تقويم علاقاتها مع الدوحة.
ويشير هانا إلى أن الرسالة لفتت انتباه قطر، ولكن موقتاً، وسارعت الحكومة القطرية إلى الإعلان عن الحاجة إلى مهنية أكبر في القناة. وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت مع كثير من الضجة أنها تتبنى مدونة أخلاق جديدة. ولكن الأمر لم يستمر طويلاً.