رجال شرطة بريطانيون يفتشون شارعاً في مانشستر.(أرشيف)
رجال شرطة بريطانيون يفتشون شارعاً في مانشستر.(أرشيف)
الخميس 25 مايو 2017 / 14:26

الذراع الطويلة لداعش.. تهديد مستمر

رأى ثوماس جوسلين، باحث بارز لدى "مركز الدفاع عن الديمقراطيات"، ومحرر في مجلة "ذا ويكلي ستاندرد"، أن الانفجار الذي أصاب مدينة مانشستر يدل على أن لداعش أذرعاً طويلة يجدر مراقبتها لدرء خطرها.

ما زال داعش يحقق نجاحاً في إلهام إرهابيين داخل الولايات المتحدة وأوروبا، والذين يصفهم مسؤولو مكافحة الإرهاب بأنهم يتحركون عبر"الريموت كونترول"

وبعد أقل 24 ساعة على التفجير، أعلن داعش عن مسؤوليته عن التفجير، واصفاً الانتحاري( الذي لم يذكر اسمه في البيان)، بأنه "جندي" من جنود التنظيم.

هجمات سابقة
ويرى جوسلين أنه كان يخشى من وقوع هجوم بهذ الحجم داخل انجلترا. وكان أكبر حدث إرهابي أصاب البلاد وقع قبل أقل من 12 عاماً، عندما هاجمت مجموعة من انتحاري القاعدة شبكة النقل في لندن ما أدى لمقتل 52 شخصاً. كما وقعت هجمات جهادية متوسطة الحجم كتلك التي تمت أمام مبنى البرلمان البريطاني وأدت لمقتل عدة اشخاص. وقد ادعى أيضاً داعش مسؤوليته عن الحادث. لكن البريطانيين نجوا من عمليات أكبر بعدما تبين أن الشرطة البريطانية أحبطت عدداً من الخطط الإرهابية.

موجة من الخطط
ويشير جوسلين إلى أنه منذ إعلان أتباع البغدادي تسميته باسم "الخليفة إبراهيم"، واجهت أجهزة الاستخبارات البريطانية ومسؤولي مكافحة الإرهاب موجة من الخطط الإجرامية. وقد ازدادت التهديدات في عام 2015، عندما اكتشفت السلطات البريطانية أن عناصر لداعش يقيمون في الرقة بسوريا، كانوا يستخدمون تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه مجندين لهم في الداخل البريطاني.

وكان من أبرز أولئك المجندين عبر الإنترنت، رياض خان، شاب عمره 21 عاماً انضم إلى صفوف البغدادي في الرقة. وقد قتل خان في 21 أغسطس(آب)، 2015، في أول استهداف نفذته طائرة بريطانية مسيرة. وفي وقت لاحق، قالت لجنة الأمن والاستخبارات في مجلس العموم البريطاني إن التحقيقات التي تمت أثبتت صحة مبررات الهجوم بالطائرة المسيرة. وفي تقريرها النهائي، الصادر في إبريل( نيسان)، وصفت اللجنة خان بأنه "كان يمثل خطرأً كبيراً، حيث قام بتعليم أتباع داعش كيفية تركيب عبوات ناسفة، وساعدهم على اصطياد الأهداف".

آكاب
وقد تأثر خان سلفاً بتعاليم القاعدة في شبه الجزيرة العربية( آكاب)، الذي رفض الاعتراف بـ "خلافة داعش". وفي عام 2010، بدأ آكاب في استدراج مجندين في الغرب لتنفيذ هجمات على مواطنيهم باسم الجهاد. وقد حققت تلك الجهود بعض النجاح. وكان كلّ من مطلق النار في قاعدة فورت هود( نوفمبر/ تشرين الثاني، 2009) ومفجري ماراثون بوسطن( إبريل/نيسان 2013)، قد استوحوا خططهم من آكاب. وتشير تقارير أولية إلى أن القنبلة التي استخدمت في مانشستر تحمل بعض أوجه الشبه بتلك التي استخدمت في ماراثون بوسطن. وتلك القنابل، التي تعبأ بشظايا، صممت وفقاً لتصميم عرضه آكاب في أول أعداد مجلتها" إنسباير".

تطوير الفكرة
ويقول جوسلين إنه بالرغم من أن آكاب كان أول من سوق لفكرة الجهادي المنفرد، فقد سرق داعش الفكرة وطورها إلى مستوى جديد. وأشار تقرير البرلمان البريطاني إلى ما قاله خان من أن داعش "استخدم تلك المنهجية على مستوى مختلف".

وورد في ذات التقرير أن خان "كان عنصراٌ بارزاً في التخطيط لهجمات لصالح ما سمي بالخلافة، ومستخدماً بارعاً لوسائل التواصل الاجتماعي في حض أنصار داعش على تنفيذ هجمات، والتعرف على مجندين محتملين، وتشجيعهم وتقديم المساعدة اللازمة لتمكينهم من تنفيذ هجمات".

مستوى غير مسبوق

وقد وجد البرلمان البريطاني أن خان ومخططاً آخر لدى داعش، جنيد حسين، قاما بذلك النشاط بمستوى غير مسبوق، سواء في مدى التهديدات أوبعددها. وقد قاد التدقيق في حسابات حسين الرقمية لتمكين الإف بي آي في أمريكا من الكشف عن شركاء له.

ويلفت المحرر إلى أنه حتى بعد مقتل خان وحسين في ضربات بطائرات غير مأهولة في عام 2015، واصل داعش نشاطه في بريطانيا. ويشاع أن عدداً من الهجمات المخطط لها أحبطت في عام 2016. وكان بعض تلك الخطط صغيراً، ولكن كان يحتمل حصول أخرى فتاكة كهجوم مانشستر الأخير، إن لم يكن أسوأ منه.

وفي الوقت ذاته، ما زال داعش يحقق نجاحاً في إلهام إرهابيين داخل الولايات المتحدة وأوروبا، والذين يصفهم مسؤولو مكافحة الإرهاب بأنهم يتحركون عبر"الريموت كونترول"، أي أنهم ينفذون أوامر مخططين يقيمون في مناطق بعيدة، ويوجهونهم عبر النت.