الدخات يتصاعد من قافلة عسكرية للنظام قصفتها مقاتلات أمريكية في جنوب سوريا. (أرشيف)
الدخات يتصاعد من قافلة عسكرية للنظام قصفتها مقاتلات أمريكية في جنوب سوريا. (أرشيف)
الخميس 25 مايو 2017 / 14:27

هل تسلك واشنطن وطهران مساراً تصادمياً في سوريا؟

شرح الصحافيان دان دو لوس وبول ماكليري كيف يمكن لواشنطن "أن تجد نفسها تحارب على جبهة ثانية" في سوريا، بسبب تصميم إيران وميليشياتها الشيعية على تقليص التأثير الأمريكي هناك. ولفتا النظر في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إلى أن واشنطن وطهران استطاعتا تفادي مواجهة مباشرة في العراق وسوريا إلى أن شنّ الأمريكيون ضربتهم الجوية الأولى على موكب يضمّ مقاتلين شيعة الأسبوع الماضي في سوريا.

يضيف الكاتبان عاملاً آخر قد يساهم في تزايد احتمالات الاصطدام بين الإيرانيين والأمريكيين، وهو تراجع سيطرة داعش على العديد من الأراضي وسعي قوى برية مختلفة لملء الفراغ.

في 18 مايو (أيار) هاجمت طائرة أف-16 قافلة من المقاتلين الشيعة لم تستجب للتحذيرات بالبقاء بعيدة عن قاعدة التنف القريبة من الحدود الأردنية والعراقية والتي تستخدمها قوات خاصة أمريكية وبريطانية لتدريب مقاتلين محليين يحاربون داعش. وبعد عدة أيام، عادت الميليشيات الشيعية إلى المنطقة فحلّقت الطائرات الحربية فوقها محذّرة إياها بالابتعاد. وتحدث مسؤول عسكري بارز للمجلّة بشرط عدم الكشف عن اسمه، مؤكداً أنّ ما جرى "لا يؤشر إلى تغيير في الاستراتيجية".

إيران قلقة
باستثناء ضربة التوماهوك الأمريكية على قاعدة الشعيرات، "اختارت إدارة ترامب ألا تدخل في مواجهة عسكرية مع الأسد أو رعاته الإيرانيين والروس كما كتب الصحافيان. وبدأ مقاتلون تدربهم أمريكا يحاصرون الرقة، ليتم التركيز بعد سقوطها على محافظة دير الزور ووادي الفرات. لكنّ إيران باتت قلقة من الحضور المتزايد للقوات الأمريكية الخاصة في جنوب سوريا ومن تقدم القوات الكردية والعربية في الشمال، خصوصاً أنها تسعى لإنشاء ممرّ يربطها بساحل المتوسط.

استدعاء آلاف المقاتلين الشيعة
ورداً على هذه الأحداث، نشرت طهران آلاف المقاتلين الشيعة من العراق وأفغانستان وأرسلت 3000 مقاتل من ميليشيا حزب الله إلى المنطقة الواقعة بين التنف ودير الزور وفقاً لوكالة فارس الإيرانية. وأضافت الوكالة بحسب الصحافيين، أنّ ذلك التحرك قد تم من أجل "تحضير الجيش السوري وحلفائه لإحباط المؤامرات الأمريكية في المنطقة وإقامة الأمن على طريق تدمر-بغداد". وأتى الخبر عن الوكالة قبل ساعات فقط على الهجوم الأمريكي. ثمّ تابع دو لوس وماكليري الكتابة عن إمكانية أن يخدم هذا التحرك في منع المقاتلين المدعومين من واشنطن من الانتقال إلى خارج التنف.

"مزيد من الصراع"
التوتر المتصاعد بين البلدين صادف كلاماً أقسى يوجهه ترامب لطهران مؤخراً. لكن البيت الأبيض ما زال يراجع السياسة الأمريكية تجاه إيران مع توجب تحديد أهدافه على الحدود السورية-العراقية. وهذا ما أكّده للمجلة نفسها السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد حين تحدث عن "عدم وضوح" تجاه ما إذا كانت الإدارة تتمتع ب "استراتيجية مفصلة" حول وجودها في شرق سوريا. وأضاف: "إذا لم تكن الإدارة حذرة، سيكون (الأمر عبارة عن) منحدر زلق. يبدو كأنّ هنالك احتمالاً لمزيد من الصراع". وقد أعطى ترامب جيشه صلاحية نشر حوالي 1000 جندي، معظمهم من القوات الخاصة – في سوريا منتشرين في المناطق الكردية الشمالية وقرب الرقة وفي التنف.

الميليشيات الشيعية مراقَبة
وكتب دو لوس وماكليري عن أنّ التحالف الدولي يبقي عينه على الميليشيات. وقال أحد المسؤولين في وزارة الدفاع للفورين بوليسي أنّ واشنطن تراقب توجه هذه الميليشيات إلى الشرق باتجاه دير الزور، حيث تحتفظ الحكومة السورية بمواقع عسكرية مهمة لكن معزولة. يتم تموين تلك القواعد جواً، وقد عُزِزت مؤخراً بحوالي ألف جندي سوري. ولطالما توقع الأمريكيون أن ينسحب داعش إلى وادي الفرات الذي يصل الرقة بالحدود العراقية، لذلك استهدف التحالف هذا الوادي لأشهر.

وما زال المقاتلون الشيعة موجودين في مناطق قريبة من التنف. "إذا استأنفوا التقدم، ستدافع قوات التحالف عن نفسها" كما قال الناطق باسم البنتاغون جيف دايفس للمراسلين يوم الثلاثاء. دو لوس وماكليري يعتقدان أنّ تحرّك النزاع باتجاه الوادي سيعاظم احتمال حدوث صراع غير قصدي في ميدان مكتظ بمختلف القوى المتصارعة. وفي سبتمبر(أيلول) الماضي، أصابت مقاتلة من قوات التحالف قاعدة عسكرية في شرق سوريا ما أوقع 60 قتيلاً بين صفوف جيش الأسد، الأمر الذي ألقى الضوء على مقدار ضبابية بعض الميادين العسكرية.