الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الجمعة 26 مايو 2017 / 14:49

روحاني ليس معتدلاً.. فوزه مقلق

ناشد الباحث الإيراني بهنام بن تاليبلو، في مقال نشره موقع "ذا هيل" الأمريكي"، الولايات المتحدة توخي الحذر حيال إعادة انتخاب الرئيس حسن روحاني لولاية ثانية، مشيراً أن الأخير ليس "معتدلاً" كما يدعي، ومع انتهاء موسم الانتخابات سيعمد إلى ترسيخ أهداف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الداخل والخارج.

منذ عام 2013، يعمد روحاني وحكومته إلى استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتحسين صورة الدولة الرئيسية الراعية للإرهاب في العالم

ويشير تاليبلو، وهو محلل سياسي بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في 19 مايو (أيار) الجاري وشارك فيها ما يقرب من 70% من الناخبين الإيرانيين، يعود إلى تبنيه الماهر للخطاب الإصلاحي. وكان روحاني قد حصل على نسبة 57% من الأصوات (أكبر من النسبة التي حصل عليها في انتخابات عام 2013) واستطاع أن يتجاوز منافسه المحافظ إبراهيم رئيسي الذي كان يحظى بدعم الأجهزة الأمنية وأشيع على نطاق واسع أنه أبرز المرشحين لتولي منصب المرشد الأعلى خلفاً لخامنئي.

روحاني ليس معتدلاً
ويشدد الباحث على أن روحاني استفاد من كونه "معتدلاً" لدى بعض الجماهير المختارة في الغرب وإيران، ولكن الجدل المثار حول هذا "الاعتدال" المزعوم يغفل قضية بالغة الأهمية وتتمثل في أن روحاني ليس معتدلاً ولا حتى لغزاً غامضاً، وإنما هو ببساطة "شخص بيروقراطي يتمتع بكفاءة عالية في التركيز على المسائل الأمنية، إنه عدو من النوع الذي لم تعتد الولايات المتحدة التعامل معه في الشرق الأوسط".

ويرى الباحث أن الرئيس روحاني لا يختلف كثيراً عن سلفه محمود أحمد نجادي؛ إذ يتشارك معه في الاقتناعات نفسها إلى حد كبير بيد أن روحاني يتميز بأسلوبه البلاغي، وبالفعل حقق انجازات في الجولة الرئاسية الأولى تصب في مصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (النظام الإيراني)، الأمر الذي يفسر عدم تمسك المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن تكون نتائج الانتخابات لصالح رئيسي؛ وخاصة لأن روحاني يُعد بمثابة جندي ماهر ومخلص في تنفيذ أوامر خامنئي ولديه سجل حافل في هذا الشأن.

وعود روحاني
ويوضح الباحث أن روحاني، بدعم من الرئيس الراحل، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أعاد الإصلاحيين والمحرومين من الانتخابات إلى صناديق الاقتراع في عام 2013 لتحسين صورة النظام الإيراني على المستوى الدولي، ومع الأخذ في الاعتبار بأن انتخابات عام 2013 كانت أول انتخابات رئاسية منذ انتخابات 2009 التي أثارت نزاعاً على نطاق واسع وأعقبها قمع وحشي، فإنه يمكن القول إن ما فعله روحاني لم يكن إنجازاً صغيراً.
 وخلال حملته الانتخابية، وعد روحاني الشعب الإيراني "بإعادة الاحترام إلى جواز السفر الإيراني"، وكان اعتماده على الائتلاف نفسه من الإصلاحيين والتكنوقراطيين عاملاً أساسياً في فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي يعتبرها المسؤولون الإيرانيون دليلاً على شرعية الحكومة والشعبية المزعومة.

ويضيف الباحث أنه حتى قبل ولايته الأولى، كان روحاني حريصاً على البدء في وضع حجر الأساس لترسيخ النظام الإيراني. فعلى سبيل المثال، في إحدى المقابلات التي أجراها مع صحيفة إصلاحية بارزة عام 2011، تباهى روحاني بالنجاحات التي حققها عند التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على البرنامج النووي الإيراني خلال الفترة ما بين عامي 2003 و2005. وفي تلك المقابلة كشف روحاني أن الهدف النهائي للدبلوماسية النووية في طهران سوف يتحقق إذا أُزيل الملف النووي الإيراني من جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، كما أكد على هذا الهدف أيضاً أثناء حملته الانتخابية في عام 2013، وبموافقة خامنئي بدأ روحاني وفريقه العمل صوب تحقيق هذه المهمة.

صفقة النووي الإيراني
ويلفت الباحث إلى أن روحاني أحرز تقدماً في هذا الشأن؛ ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 توصلت إيران إلى اتفاق مؤقت مع مجموعو 5+1 يسمح لها بمواصلة تخصيب اليورانيوم على مستوى منخفض رغم العديد من قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى تعليق هذا الأمر. وفي شهر يوليو(تموز) 2015، وقعت صفقة النووي (وإن كانت معيبة) المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة والتي يتم بموجبها رفع العديد من العقوبات عن طهران. واستناداً إلى الجدول الزمني لتنفيذ الصفقة، من المقرر أن تنقضي القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم بحلول عام 2025، ومن ثم فإن مجلس الأمن الدولي لن يكون قادراً في ذلك الوقت على النظر في المسألة النووية الإيرانية، وسوف تتعامل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع هذا الملف باعتباره برنامجاً نووياً عادياً.

ومنذ إبرام الصفقة النووية، ساعد روحاني وفريقه على وضع وتنفيذ استراتيجية فائزة يؤيدها خامنئي (رغم شكوكه تجاه الغرب) وتتمثل في إتهام الولايات المتحدة بالإخفاق في تخفيف العقوبات عن طهران. ومن المؤكد أن هذا النهج سوف يستمر خلال الولاية الثانية لروحاني، إضافة إلى محاولات حكومة روحاني لإظهار أن إيران معتدلة لوقف الانتقادات الدولية المشروعة.

الدولة الراعية للإرهاب في العالم

وعلى الرغم من أن الرئيس الإيراني لا يتمتع بالسلطة القانونية للسيطرة على الملفات العسكرية والأمنية الأكثر حساسية في البلاد، فإن منصبه أساسي في نجاح أي حملة دبلوماسية عامة تقوم بها إيران. ومنذ عام 2013، يعمد روحاني وحكومته إلى استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتحسين صورة الدولة الرئيسية الراعية للإرهاب في العالم، ولكن هذا الأمر قد سمح لطهران، بحسب الباحث، بالانخراط في أنشطة زعزعة استقرار مثل نشر الميليشيات الشيعية في الصراع السوري وإطلاق ما يقرب من 14 صاروخاً باليستياً منذ منتصف عام 2015 من دون ردع دولي.
ويؤكد الباحث على أن روحاني سوف يواجه تحديات لن يكون قادراً على التعامل معها بمفرده، وفي مقدمها وعوده برفع العقوبات غير النووية عن إيران، وحتى يتحقق ذلك لابد من إجراء تحولات جذرية في سياسة إيران الخارجية والأمنية، وهي أمور يتم اتخاذ القرارات بشأنها بعيداً عن منصب الرئيس، وبغض النظر عن القرارات التي سيتم التوصل إليها في النهاية، فإن روحاني قد رفع سقف توقعات الإيرانيين الذين صوتوا لصالحه في الانتخابات الأخيرة.

ويخلص الباحث إلى أن إعادة انتخاب روحاني تبرهن أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تعتبر نفسها نظاماً ثورياً في بعض الأمور مثل الانتخابات الرئاسية، قد فضلت الركود بدلاً من التغيير، وخصوصاً لأن الحكومة في أوقات الانتخابات تتخلى عن قبضتها على المجتمع، ولكن الآن انتهى موسم الانتخابات وسيعمد روحاني وبقية النظام الإيراني إلى إعادة ترسيخ أهدافهم في الداخل والخارج، وعلى الأرجح أن الولايات المتحدة ستأسف، عاجلاً وليس آجلاً، لإعادة انتخاب روحاني.