(أرشيف)
(أرشيف)
الأحد 28 مايو 2017 / 10:23

القذافي في قطر

الرياض - عبدالله بن بخيت

كل دولة تسعى للدفاع عن حدودها واستقلالها، قد تضطرها المصالح الاستراتيجية أن تمد أذرعها إلى مصادر الخطر في أماكن بعيدة، مصر تتدخل في ليبيا حماية لحدودها والحلف الأطلسي يحافظ على حدوده الجنوبية، وأمريكا دولة عظمى تريد العالم أن يسير وفقاً لمصالحها، تتواجد قطر اليوم في كل مشكلة وقضية في العالم الإسلامي، تدعم طرفاً ضد آخر، تكسب ود هذه الدولة وعداوة الأخرى، ما هي التهديدات التي تحيق بقطر أو ما هي المصالح القطرية التي تضطرها أن تخرج إلى العالم حاملة سيف النفط وقناة الجزيرة؟.

كل من يتابع السياسة يستطيع أن يشكّل تصوراً عن أي صراع، سيجد الأسباب التي دفعت الأطراف المشتبكة إلى الاشتباك والتقاتل، في كل مرة أسمع انغماس قطر في قضية دولية أسأل ما الذي يخص قطر في هذه القضية؟ أين تكمن مصالح قطر أو التهديدات التي يمكن أن تطالها، قطر حاضرة وبقوة في الأزمة الليبية والسورية واللبنانية والعراقية والسودانية والصومالية والأفغانية والتونسية إلخ، أي كانت النتائج التي تسفر عنها هذه الصراعات ما هي انعكاساتها على دولة قطر في حال غيابها عنها.

عندما تقرأ تدخلات الدول في القضية الليبية ستجد أن ثمة منطق ينتظم هذه التدخلات، الغرب له مصالح ومخاوف وأميركا كذلك وتركيا لا تريد أن تفلت منها المشروعات الكبرى التي ستحتاجها ليبيا بعد الاستقرار ولا يمكن أن تنفي حق مصر في التدخل في المسألة الليبية بحكم الجوار، يبقى السؤال ما المصالح والمخاوف التي ترعاها قطر في ليبيا، نفس السؤال: ما هي الدوافع السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية التي تفرض على دولة قطر أن تكون حاضرة في المسألة المصرية الداخلية أو في السودان أو في العراق أو في أفغانستان؟.

قطر دولة صغيرة هادئة تقع في مكان بعيد عن كل الصراعات، ومن أكثر الدول في العالم انسجاماً اجتماعياً وسياسياً وتتمتع بقلة سكان، لا يوجد أزمة واحدة في العالم تهدد أمن قطر أو تقترب من مصالحها، ما مصلحة قطر من الدخول في صراعات كبرى مليئة بالمخاطر، ما الذي يمكن أن تستفيده قطر من معاداة مصر على سبيل المثال أو إشعال فتنة مع دول الخليج أو أمريكا، ما الذي يمكن أن تخرج به قطر في نهاية الأمر من دعم الإخوان المسلمين والوقوف إلى جانبهم في مواجهة معظم دول المنطقة، ما الذي تجنيه قطر من صرف مليارات الدولارات على قناة بحجم الجزيرة؟.

سأذكركم بقصة القذافي بطل العروبة (الثاني) ومحرر أفريقيا وصاحب النظرية الثالثة، أعلن القذافي نفسه محرر العالم، ساند الحركات والتمردات في أفريقيا واليمن وتفجير الطائرات واختطافها، تحدى مصر وأمريكا وبلغ به الأمر أن صار يدعم الإرهابيين الايرلنديين في بريطانيا، لا يملك في كل هذه المعارك من سلاح سوى النفط والإعلاميين المأجورين، نفس السلوك القطري اليوم، سكت العالم حتى جاءت اللحظة التي ثار فيها رجلان في بنغازي، لم يجد القذافي من يدافع عنه حتى الصحف والقنوات التي كانت تعيش على تمويلاته نفضت يدها منه، انقضت عليه طائرات الحلف الأطلسي مجللة بتهليلات وتكبيرات كل من ارتزق من نفطه من كتاب وإعلاميين ودعاة دينيين بما فيهم الشيخ القرضاوي نفسه.