من المحادثات النووية بين إيران ومجموعة 5+1. (أرشيف)
من المحادثات النووية بين إيران ومجموعة 5+1. (أرشيف)
الأحد 28 مايو 2017 / 15:00

روحاني زعيم راديكالي بوجه جذاب..هكذا يتصدى له ترامب

وصف الباحث في "مجلس العلاقات الخارجية" راي تقية زيارة ترامب الأخيرة إلى الشرق الأوسط بال "مظفّرة" وبأنّه سيتمّ تذكرها مستقبلاً بكونها لم تغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة فحسب، بل ميزان القوى في المنطقة أيضاً.

على عكس أيزنهاور لم يملك أوباما "الخيال الفكري" لإدراك "طيش طريقه"

 وأشار تقية في مقال رأي له ضمن صحيفة "واشنطن أكزامينر" الأمريكية بداية إلى أنّ إيران وسعت سيطرتها حتى البحر المتوسط خلال السنوات الثماني الماضية. وحين مرّ الشرق الأوسط بإحدى مراحله الانتقالية الهشة، وقف الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما جانباً و"حاضَرَ" في إحدى المرات الدول العربية كي تتشارك المنطقة مع إيران.

لكن ترامب، وفي وقت قصير، اعترف بأنّ إيران تبقى السبب الأساسي للفوضى في المنطقة وبأن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب حلفائها. المنطقة اليوم بحسب تقية تشبه نفسها في خمسينات القرن الماضي، على مستوى الاستقطاب والضياع الأمريكي. ففي مرحلة ما بعد الاستقلال شهد الشرق الأوسط صعود جمهورية مصر الراديكالية تحت قيادة جمال عبد الناصر. وحاول الأخير أن يطرد القوى الغربية من المنطقة ويقوض حلفاءها الملكيين المحافظين.

الإقناع ... بالكذب
أطلق عبد الناصر شرارة القومية العربية وحجّم الحكومات المحافظة في سوريا والعراق وحصل على سلاح وفير من السوفيات. أمّا الأردن ولبنان فوقفا على شفير الانهيار في حين طالبت المملكة العربية السعودية واشنطن التدخل لتطويق الحرب الباردة في العالم العربي. لكن عبد الناصر تمكن من إقناع إدارة أيزنهاور بأنه منفتح على التعاون مع الأمريكيين وحتى على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. ومع ذلك، لم يكن أول زعيم راديكالي "يكذب" على الأمريكيين كما تابع تقية. وحين حاول الحلفاء الأقرب لأمريكا (بريطانيا، فرنسا وإسرائيل) أن يحلّوا الأمور بأيديهم عبر اجتياح مصر سنة 1956، وقف أيزنهاور مع عبد الناصر وأفشل الاجتياح.

"ندرة" أيزنهاور وانسحاب الأعداء

أيزنهاور كان رئيساً "نادراً" لأنّه تمتّع بالقدرة على إعادة قراءة افتراضاته وتعديل ديبلوماسيته، فاكتشف بعدها بقليل أنّ سياسة الرئيس المصري لم تؤمّن إلا توسيع نفوذ السوفيات في الشرق الأوسط. وفي حين بدت الدول العربية المحافظة أنها تخسر حربها الباردة مع عبد الناصر، تدخلت واشنطن. وذكّر تقية ب "عقيدة أيزنهاور" التي نسيها كثيرون والتي هدفت إلى إعادة ميزان القوى في المنطقة إلى سابق عهده. فنشرت واشنطن قواتها في لبنان لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان وساعدت الأردن والسعودية عسكرياً وشنّت حملة سرية ضد مصر. وعلم الرئيس الأمريكي حينها أن السبيل الوحيد لحماية المنطقة المقرّبة من الغرب هي في جعل أمريكا ناشطة في سياساتها. بعد هذه الأحداث أصبحت تحالفاتها ثابتة وانسحب أعداؤها.

أوباما بلا خيال فكري.. وطائش

يشرح تقية سياسات ترامب المتطورة بمقارنتها مع عقيدة أيزنهاور من حيث محاربتها للراديكالية والالتزامات التي تتعهد بها. المنطقة اليوم منقسمة كما كانت في الخمسينيات، لكن هذه المرة ضمن حدود طائفية. هنالك "زعيم راديكالي (بوجه) "جذاب" في إيران، حسن روحاني، قد تمكن من إقناع رئيس أمريكي "مشوش" بالوصول إلى اتفاق "يضع دولته على مسار ثابت (للوصول) إلى القنبلة فيما يملأ خزائنه". وعلى عكس أيزنهاور لم يملك أوباما "الخيال الفكري" لإدراك "طيش طريقه". ولم يقلب هذا المسار حتى بعدما بات واضحاً أنّ اتفاقه زاد من عدائية إيران تجاه المنطقة.

إطمئنان سعودي ... وإرباك إيراني
حين اجتاحت طهران المنطقة صارت متواطئة مع الأسد في جرائم الحرب التي ارتكبها وضغطت لتفادي أي وحدة يمكن للحكومات العراقية أن تسعى إليها. وفيما ظهر الحلفاء التقليديون لواشنطن محاصرين، تعلق مؤيدو أوباما في أحاديثهم بنقاط عفا عليها الزمن. خلال زيارته الأخيرة، أصرّ ترامب على أنه يمكن شن حرب ضدّ داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابيّة وفي نفس الوقت التصدي للهيمنة الفارسية. والمساعدة الأمريكية العسكرية الشاملة للسعوديين لم تطمئن المملكة فقط بل أربكت أيضاً طهران. "يبقى المسار المقبل خطراً. لكن الولايات المتحدة قد تكون قلبت الصفحة، حتى ولو هنالك الكثير لفعله بعد".