في موقع هجوم مانشستر. (أرشيف)
في موقع هجوم مانشستر. (أرشيف)
الأحد 28 مايو 2017 / 15:04

القضاء البطيء على داعش يكلف العالم مزيداً من الضحايا والخسائر

رأى الكاتب ديفيد إغناثيوس، بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن هجوم مانشستر الذي ارتكبه أحد المجندين لتنظيم داعش الإرهابي من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى الإسراع بدحر التنظيم والاستيلاء على معاقله في مدينتي الموصل بالعراق والرقة بسوريا.

يحض إغناثيوس على الإسراع بشن معركة الرقة، وخاصة بعد أن رفضت إدارة ترامب الاحتجاجات التركية واختارت صراحة دعم وحدات حماية الشعب الكردية

 يلفت اغناثيوس إلى أنه ينبغي في الوقت نفسه التركيز على إجراء بعض المناقشات العاجلة بشأن إستراتيجيا ما بعد داعش لتحقيق الاستقرار في العراق وسوريا. وعلى الرغم من كل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القضاء على التنظيم الإرهابي، فإن معركة الرقة لا تزال مؤجلة؛ إذ يناقش صناع القرار الأمريكيون مدى جدوى الاعتماد على الميليشيات الكردية السورية (المعروفة باسم وحدات حماية الشعب الكردية) التي تعتبرها تركيا "جماعة إرهابية".

مؤامرات داعش
ويشير إغناثيوس إلى أن وحدات حماية الشعب الكردية والمقاتلين السنة المتحالفين معها يقفون على بعد أقل من 10 أميال من مدينة الرقة في انتظار القرار ببدء المعركة. وفي هذه الأثناء، يعكف الداعشيون على تدبير المؤامرات الإرهابية التي تصدر أوامر تنفيذها من عاصمة خلافتهم المزعومة في الرقة.

وبحسب ما ذكره مسؤولون أمريكيون قبل بضعة أسابيع، فإنهم كانوا على دراية بما لا يقل عن خمس عمليات إرهابية ينفذها داعش ضد أهداف في أوروبا، ولذلك يحض الحلفاء الأوروبيون الولايات المتحدة على إنهاء المهمة في الرقة في أقرب فرصة ممكنة.

رفض الاحتجاجات التركية
ويعتبر إغناثيوس أن التفجير المروع الذي شهدته إنجلترا في مانسشتر يُعد بمثابة تذكير بصعوبة احتواء مؤامرات داعش، كما أنه دليل على كلفة التردد في شن الضربات النهائية لدحر هذا التنظيم الإرهابي الذي يتراجع والذي دُمّرت خلافته المزعومة على أرض الواقع. بيد أن الخلافة الافتراضية لداعش ستظل باقية في الشبكة التي استقطبت سلمان العبيدي، الانتحاري الذي نفذ هجوم مانشستر، وغيرهم ممن يسعون إلى الانتقام.

ويحض إغناثيوس على الإسراع بشن معركة الرقة، وخاصة بعد أن رفضت إدارة ترامب الاحتجاجات التركية واختارت صراحة دعم وحدات حماية الشعب الكردية باعتبارها العمود الفقري في تحالف أوسع يُعرف باسم "قوات سوريا الديمقراطية"، وهم مقاتلون جيدون وملتزمون، كما رأى اغناثيوس خلال زيارته لهم في معسكر تدريب للقوات الخاصة بشمال سوريا منذ عام.

ويضيف اغناثيوس أن إدارة ترامب قد استمعت بصبر إلى الحجج التركية بشأن قوات بديلة تدعمها أنقرة، ولكن البنتاغون خلص إلى أن تلك القوات ليس لها وجود كبير في ساحة المعركة، وأن الولايات المتحدة كان عليها أن تختار بين الاعتماد على التحالف الذي يقوده الأكراد في استعادة الرقة أو إرسال آلاف الجنود الأمريكيين للقيام بهذة المهمة.

ويرى إغناثيوس أن البيت الأبيض كان على صواب في اختياره الاعتماد على الأكراد، ومن أجل تبديد المخاوف التركية أكدت الولايات المتحدة أن الوجود العسكري الكردي سوف يتضمن قوات من القبائل السنية التي جندّت حديثاً للمساعدة في إدارة الأمن في الرقة ودير الزور القريبة منها.

ما بعد داعش
ويقول إغناثيوس: "أوشكت اللعبة على الانتهاء أيضاً في الموصل؛ فبحسب القادة العسكريين لم يتبق سوى استعادة ما يقرب من 6% فقط من المدينة من قبضة داعش، وتتم مطاردة ما بين 500 إلى 700 مقاتل داعشي في المدينة القديمة غرب نهر دجلة".

وبمجرد تطهير الرقة والموصل، سيكون التحدي إعادة بناء المناطق السنية في سوريا والعراق وتوفير الأمن والحكم الحقيقي، وذلك للحؤؤول دون إعادة ظهور الجماعات المتطرفة سريعاً. وعلى الرغم من تداول صناع السياسة الأمريكيون لقضية كيفية الاستعداد لما بعد داعش منذ ثلاث سنوات، فإنه حتى الآن لا يوجد تخطيط جاد أو تمويل، ويقترح كاتب المقال أن يكون هذا الأمر أولوية عاجلة للولايات المتحدة وحلفائها السنة الرئيسيين.

الأكراد ..الورقة الرابحة
ويصف إغناثيوس الأكراد بأنهم "الورقة الرابحة" في العراق وسوريا؛ إذ يسيطر الأكراد السوريون فعلاً على الحكم في جيب عرقي يطلقون عليه اسم "روج آفا"، وربما يكون ذلك حافزاً للسنة السوريين لتشكيل حكومة قوية مماثلة في مناطقهم التي تم تحريرها، وفي الوقت نفسه أشار الأكراد العراقيون للمسؤولين الأمريكيين أنهم يخططون لإجراء استفتاء حول استقلال الأكراد قريبا، في أوائل سبتمبر (أيلول) المقبل على الأرجح.

ويشعر المسؤولون الأمريكيون بامتنان عميق تجاه الأكراد العراقيين الذي كانوا حلفاء موثوقاً بهم منذ أوائل التسعينيات، ولكن قد يشكل الاستفتاء على الاستقلال قضية خلاف محتملة، وربما يحاول المسؤولون الأمريكيون تأجيل القضية الكردية إلى ما بعد انتخابات المقاطعات العراقية المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل.

ويختتم إغناثيوس "يحتاج العراق وسوريا إلى إعادة تصور لتكونا دولتين كونفيديراليتين أكثر شمولية وتمنح الأقليات المشاركة في الحكم، ويكمن التحدي أمام صناع القرار في كيفية جعل مرحلة ما بعد داعش بمثابة طريق نحو التقدم بدلاً من الاستمرار في الكارثة الطائفية التي أصابت البلدين".