الإثنين 29 مايو 2017 / 09:27

وحدة الصف الخليجي

د. عبدالله محمد الشيبة- الاتحاد

فوجئ المواطن في دول الخليج العربية والعالمين العربي والإسلامي، الأسبوع الماضي، بنشر وكالة أنباء قطر (قنا) ووسائل إعلامية قطرية عديدة لتصريحات رسمية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يضرب بها في أكثر من اتجاه. ولا يجد من يطلع عليها أي رابط منطقي أو تفسير عقلاني واضح ومقبول. فهو من جانب يندد بمن يرون وثبت لديهم بالدليل القاطع تمويل مالي واضح من قطر للجماعات الإرهابية. وفي الوقت نفسه لا ينكر وجود رؤوس الإرهاب من جماعة "الإخوان" بين الشعب القطري الشقيق، وهي الجماعة التي تم تصنيفها في العديد من الدول ضمن الجماعات الإرهابية.

ومن جانب آخر امتدح أمير قطر ما أسماه (دور إيران القوي في المنطقة لما تمثله من ثقل إقليمي وإسلامي لا يمكن تجاهله، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة)، فهل ما تقوم به إيران في العراق واليمن ودعمها العسكري للنظام السوري ضد شعبه، في الوقت الذي تقول فيه قطر إنها تقف مع الشعب السوري ضد إرهاب نظامه، وما تفعله إيران من دعم للتطرف الديني والمذهبي في مملكة البحرين ومناطق في شرق المملكة العربية السعودية، والاحتلال الإيراني لمنطقة الأحواز العربية، كل هذا من مظاهر "الدعم الإيراني للاستقرار في المنطقة؟".

ثم قال أمير قطر إن "حماس" هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وهو ما يعتبره البعض امتداداً لسياسة سلفه ووالده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق، والذي قام بزيارة قطاع غزة في أكتوبر 2012 عقب العدوان الإسرائيلي على القطاع، وكانت الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس دولة إلى القطاع منذ سيطرة حركة "حماس" عليه، وكان التفسير العربي والإسلامي والعالمي وقتها أن القيادة القطرية قد اختزلت القضية الفلسطينية بحركة "حماس" فقط، متجاهلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمعترف به دولياً.
وتطرق أمير قطر أيضاً إلى ما أسماه "دور المقاومة" الذي يقوم به "حزب الله"، وكأن ما تقوم به تلك الحركة الإرهابية من أنشطة ضد مصلحة الدولة اللبنانية ومن دعم للنظام السوري في ذبح وتشريد الشعب السوري يدخل ضمن تصنيف "المقاومة"!

ومن أخطر ما تطرق إليه أمير قطر هو احتضان بلاده لقاعدة طالعديد" الأميركية التي تمثل، حسب رأيه، "حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة". وهو بذلك يقول إن إيران ليست دولة معادية ولا تُمثل أي خطر أو تهديد لبلاده، وإن بعض دول مجلس التعاون الخليجي، هي سبب وجود القاعدة العسكرية لحماية الشعب القطري من إخوانه في دول المجلس.

آراء متضاربة ومتناقضة، في رأيي، ساقها أمير قطر في تصريحاته التي زعمت حكومته لاحقاً أنها قد تعرضت للتحريف والتشويه من خلال اختراق أمني إلكتروني لوسائل الإعلام القطرية. ولكن حتى لو سلمنا جدلاً بما صرحت به الحكومة القطرية، فهل احتضان قطر لجماعة "الإخوان" الإرهابية وتمويلها للإرهاب الذي يعصف بأمن واستقرار الدول العربية أيضاً قد تعرض للاختراق الأمني الإلكتروني؟ وهل ما دأبت عليه القيادة القطرية منذ سنوات على مخالفة العديد من توجهات وسياسات دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، والدول العربية بشكل عام، قد تعرض أيضاً للاختراق الأمني الإلكتروني؟

في اعتقادي أن القيادة القطرية في حاجة إلى إعادة دراسة أولوياتها، ووضع مصالحها مع دول مجلس التعاون الخليجي خاصة، والدول العربية عامة، فوق كل اعتبار، وذلك لهدفين رئيسيين. الأول تقوية وحدة الصف الخليجي، والثاني تجنيب الشعب القطري الشقيق ويلات ومخاطر الجماعات الإرهابية الموجودة بينهم، ولعل ما يحدث في بعض الدول الأوروبية منذ فترة من هجمات بوساطة جماعات إرهابية احتضنتها تلك الدول لأبرز مثال على ذلك.