الإثنين 29 مايو 2017 / 09:29

كيف يمكن التعامل مع دولة غامضة؟!

سامي الريامي- الإمارات اليوم

لا أحد في الخليج يرغب في توتير العلاقة، وتصعيد الخلافات مع إيران، فهي في نهاية الأمر دولة جارة، والجغرافيا لن تتغير يوماً لتُلغي هذه الحقيقة، لكن الحقيقة الأخرى، التي يتغاضى عنها كثيرون، هي أن إيران لا تريد الاستقرار لدول مجلس التعاون.

إيران لا ترغب في وجودنا أصلاً كدول مستقلة آمنة مطمئنة، والتاريخ القريب، وليس البعيد، لا يستطيع إحصاء عدد المرات التي مدت فيها دول المجلس يدها للتقارب والتعايش مع إيران، إلا أن النظام الإيراني يقابل ذلك بمزيد من التعنت والتدخل في شؤون الدول الخليجية، بغرض تقويض استقرارها وأمنها، ويسعى فعلياً على الأرض لمحاصرة وتطويق دول المجلس، وتهديد أمنها من كل جانب.

إن تركيبة إيران تخالف تركيبة الدول المعتادة، ولا يمكن التعامل معها على اعتبار أنها دولة مؤسسات كالمتعارف عليه دولياً، ومن يتعرف إلى تركيبة النظام الإيراني يدرك حقيقة هذا الأمر، وهذا ما يجعل من الصعب على كثير من دول العالم، ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي، التعامل مع هذا الواقع.

فإيران منذ تفجر الثورة عام 1979 اقتسمت عملية صنع القرار بين طرفين، الأول يسعى إلى تصدير الثورة من خلال إيديولوجية اكتست طابعاً دينياً، وينفق الكثير من المال والوقت في سبيل زعزعة استقرار الدول وبالذات الجيران، والثاني يحاول إظهار وجه إيران المدني المتحضر، وهذا الفريق الذي يمثله الرئيس، ووزير الخارجية لا يمثل إلا نفسه، حيث إن عملية صنع القرار تبقى رهينة شخص واحد أو ربما أشخاص عدة أهمهم المرشد الأعلى خامنئي.

هناك في إيران منصب المرشد الأعلى، إلى جانب رئيس الجمهورية، وهناك مجلس رسمي للوزراء، ومجلس استشاري غير رسمي يقوم بمهام شبيهة، وهناك برلمان قائم تحت اسم مجلس الشورى، ولكن يمكن بكل سهولة إلغاء كل تشريعاته الصادرة بفتاوى من مكتب المرشد الأعلى!

كما أن هناك جيشاً تقليدياً في إيران مكوناً من قوات برية وبحرية وجوية، إلى جانب جيش آخر موازٍ تحت اسم قوات الحرس الثوري، بقوات برية وبحرية وجوية أيضاً، وحتى القضاء هناك نظامان متوازيان للعدالة والقضاء، أحدهما تحت إدارة المحاكم الحكومية، ونظام المحاكم الإسلامية يترأسه القضاة الدينيون!

إن صراع الأجهزة الذي تعانيه إيران ينعكس على سياستها الخارجية، حيث إن الحرس الثوري والباسيج والجيش تتصارع في ما بينها على كسب النفوذ، ويبدو أن هذا يروق للمرشد، حيث إنه يسخر كل هذه الصراعات لخدمته وإبقائه مسيطراً على تعطيل عملية صنع القرار.

وفِي ظل هيمنة المرشد وعجز الطبقة السياسية عن تحقيق أي إنجاز على الصعيدين الداخلي والخارجي، واستمرار صراع الأجهزة يبدو من المستحيل التعامل مع هذه الدولة؟!