شعار قناة الجزيرة القطرية.(أرشيف)
شعار قناة الجزيرة القطرية.(أرشيف)
الثلاثاء 30 مايو 2017 / 12:41

الجدران تضيق أمام قطر.. لم يعد ممكناً تحمّل ألاعيبها

تشعر منطقة الشرق الأوسط بتأثير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكثر من أيّ منطقة أخرى في العالم بحسب الباحث البارز في "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" حسين إبيش.

لا أحد يتوقع من الدوحة أن تقود حملة ضرب الإسلام المتطرف والهيمنة الإيرانية على المنطقة، لكنّ حلفاءها الأساسيين يصرّون الآن على أن تتوقف عن تخريب هذه الجهود على الأقل

فضمن مقاله ضمن صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية، ذكر إبيش أنّ عزم ترامب بعد قمة الرياض على إنشاء تحالف دولي قوي لمحاربة الإرهاب والتطرف وضرب الهيمنة الإقليميّة الإيرانية بدأ يأتي بنتائج سياسية واستراتيجية جدية. وأحد أهم مظاهر الأخيرة هو الحملة المتجددة لدفع قطر إلى التعاون مع حلفائها العرب والأمريكيين، عوضاً عن الاستمرار في خطورة سلوكها المزدوج على المستويين الإيديولوجي والديبلوماسي.

ويذكّر إبيش بأنّ الخلاف بين دول مجلس التعاون والدوحة يرجع إلى ما أدلى به أمير قطر من انتقادات لسياسات دول المجلس وأمريكا تجاه طهران، وقد اقترح استيعابها لا مواجهتها فيما أشاد أيضاً بحركة حماس وحزب الله. أمّا بالنسبة إلى إعلان قطر فإن أميرها لم يقل هذه الأمور وأنّه تمت قرصنة وكالة الأنباء القطرية، وهو أمر استبعده الباحث تقنياً مشيراً أيضاً إلى أنّ هذه الملاحظات تعكس "بالضبط" سياسات قطر الخارجية والعملية. لذلك لم تترك الدوحة سبباً وجيهاً للتشكيك بصحة التصريحات الأولى كما شرح.

هل يذكر الشروط؟

ويضيف إبيش أنّ الشيخ تميم، وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، بدا في موقع المرحب بدعوة إيران للحوار بدون ذكر الشروط الجوهرية التي شددت عليها دول مجلس التعاون في رسالة وُجهت شهر يناير(كانون الثاني) الماضي إلى إيران من خلال وزير الخارجية الكويتي: عدم تدخل طهران في شؤون الدول الأخرى، الامتناع عن محاولة تصدير الثورة الإيرانية والتوقف عن ادعاء تمثيلها للشيعة في دول مجلس التعاون الخليجي.

ليس كل تغيير تطوراً
من جهة ثانية، بذلت قطر جهوداً مطولة ومزدوجة النوايا في عدد من المسائل المهمة على حساب شركائها. فبعد سنوات على دعمها مجموعات الإخوان المسلمين في المنطقة، فقدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين صبرها مع الدوحة في مارس(آذار) 2014 وسحبت سفراءها منها. وبعدما وافقت قطر على وقف دعمها للإسلاميين المتطرفين بمن فيهم الإخوان واحترام سيادة شركائها، أعيدت العلاقات الديبلوماسية معها. لكن في السنوات الأخيرة، تراجعت قطر نوعاً ما عن دعمها الحصري للمجموعات الإسلامية وأضافت "عنصراً قومياً عربياً يسارياً عفا عليه الزمن إلى قوتها الدولية الناعمة الهائلة وترسانتها الدعائية". وفي توصيفه لهذا الحدث كتب إبيش أنّ ما جرى تغيير، لكن يصعب تسميته بالتطور. في الوقت نفسه، لم يخفّ يوماً دعم قطر للمنظمات العنيفة المتطرفة مثل حماس أو مؤيدي التطرف مثل داعية الإخوان و"نجم" الجزيرة يوسف قرضاوي.

الجدران تضيق
وفي وقت لا تبدي دول الخليج ارتياحها تجاه التغيرات الأخيرة في سياسة تركيا الخارجية، تعزز قطر اصطفافها مع النظام الإسلامي في أنقرة بما فيه علاقتها العسكرية المتزايدة معه. وأسوأ من كل هذا، تبنّت الدوحة سياسة تسترضي من خلالها طهران، خصوصاً أنّهما تتقاسمان حقل غاز الشمال/حقل فارس الجنوبي. لكنّ الجدران الآن بدأت تضيق على ازدواجيتها غير القابلة للدفاع عنها كما كتب إبيش. فمع أولوية إدارة ترامب ضرب الإرهاب والهيمنة الإيرانية معاً، اقترب تحمل هذه الألاعيب من نهايته.

الحملة ضدها تتسع
يورد إبيش كمثل على ذلك، الحملة الكبيرة التي تتسع في واشنطن تحت قيادة محافظين ومقربين من مجموعات إسرائيلية للضغط على قطر في دعمها المستمر للإسلاميين المتطرفين وخصوصاً الإخوان المسلمين. إنّ مجاهرة الشيخ تميم "الحمقاء" بسياسات بلاده أغضبت شركاءه في دول مجلس التعاون الخليجي التي تبدي حذرها تجاه خداع الدوحة، مثلما تفعل واشنطن.

ليست قطر من تقيّم شروط الحوار
سيكون هنالك في نهاية المطاف حوار عربي مع إيران كما يكتب إبيش. لكن هنالك أسئلة مرتبطة بهذا الحوار على مستوى شروطه. لكنّ قطر ليست في موقع تقييمها خصوصاً أنّ سلامتها المالية تعتمد على تعاونها مع طهران. لقد نفد صبر شركاء الدوحة الخليجيين والأمريكيين، حتى ولو كانت مصلحة قطر القومية تكمن في عدم استفزاز طهران كثيراً. فمع 300 ألف مواطن و 11 ألف عسكري، هي تحتاج أكثر إلى دعم شركائها بمن فيهم 10 آلاف جندي أمريكي على أرضها. "على قطر أن تبدأ باحترام، عوضاً عن تقويض، مصالح حلفائها الحيوية". ويضيف إبيش أن لا أحد يتوقع من الدوحة أن تقود حملة ضرب الإسلام المتطرف والهيمنة الإيرانية على المنطقة، لكنّ حلفاءها الأساسيين يصرّون الآن على أن تتوقف عن تخريب هذه الجهود على الأقل.