الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الأربعاء 31 مايو 2017 / 14:51

الحديث عن عزل ترامب دليل جهل بالدستور الأمريكي

دعا أستاذ مادّتي التربية والتاريخ في جامعة بنسلفانيا الأمريكيّة جوناثان زيمرمان بعض الصحافيين والكتاب إلى التوقف عن استخدام التعديل الخامس والعشرين في الدستور الأمريكي للحديث عن عزل الرئيس دونالد ترامب.

هذه الآلية وُجدت لحماية الشعب الأمريكي من الرؤساء غير القادرين على تأدية مهماتهم عوضاً عن استخدامها في مواجهة الرؤساء الذين يختلف الشعب معهم في آرائهم

 واستشهد زيمرمان بأحد مسلسلات التشويق الأمريكية التي تظهر الرئيس المفترض رافضاً لشنّ ضربات ضد مجموعة من الدول بعد حصوله على أشرطة تظهر مسؤوليها متورّطين في التحضير لهجوم إرهابي. ورأى ذاك الرئيس أنّ التسجيلات مزيّفة وتبين أنه محق، لكن نائبه وأعضاء إدارته عزلوه لأنه تصرف بطريقة "غير منطقية" عبر الامتناع عن شنّ الهجوم. وقد استندوا إلى التعديل رقم 25 الذي يسمح بتنحية الرئيس "العاجز عن أداء سلطات وواجبات منصبه".

ويضيف الأستاذ الجامعي أنّ هذه الأحداث هي هوليودية بالطبع لكن يجب عليها أن تطلق تحذيراً للأمريكيين حول آلية اللجوء إلى التعديل الخامس والعشرين. فهذه الآلية وُجدت لحماية الشعب الأمريكي من الرؤساء غير القادرين على تأدية مهماتهم عوضاً عن استخدامها في مواجهة الرؤساء الذين يختلف الشعب معهم في آرائهم.

سلوك غير مسؤول؟
ومنذ طرد ترامب مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جايمس كومي من منصبه، دعا بعض النقاد إلى عزله لأنه حاول إعاقة مجرى العدالة. ورأى آخرون أنّ تنحيته يمكن أن تستند إلى صفاته الشخصيّة بغضّ النظر عن انتهاكه للقانون أم لا، مشيرين إلى ما يرونه "سلوكاً غير مسؤول" كدليل على فقدانه إمكانيّة أن خدمة بلاده. لكنّ الأستاذ الجامعي يؤكد أنّ سلوك ترامب لا تنطبق عليه التحليلات المرتبطة بالتعديل. ويعطي أمثلة من التاريخ توضح وجهة نظره.

من ويلسن وروزفلت إلى كينيدي

الرئيس الأمريكي الأسبق وودرو ويلسن عانى من جلطة دماغية تركته مشلولاً على مستوى الجانب الأيسر من جسده. فرانكلين روزفلت وخلال ولايته الرابعة والأخيرة تدهورت حالته لدرجة أنه عجز لاحقاً عن الاستحمام وحتى الحلاقة بنفسه. لكنّ الدستور لم يتضمن حكماً بعزل رئيس عاجز يرفض التخلّي عن منصبه، يشرح زيمرمان. لكنّ هذا الواقع تغيّر بعد اغتيال الرئيس الأسبق جون كينيدي في 22 نوفمبر(تشرين الثاني) سنة 1963. حينها كتب جايمس ريستون في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالاً في اليوم التالي ذكر خلاله أن لا أحد علم حقاً ما الذي كان سيحصل لو تخبّط كينيدي بين الحياة والموت. أي لو بقي الأخير "قوياً بما فيه الكفاية لينجو لكن ضعيفاً جداً كي يحكم".

عدم الكفاءة لا يعني العجز

من هنا، أتى التعديل الخامس والعشرون في سنة 1967 والذي يسمح لنائب الرئيس وغالبية أعضاء حكومته بإصدار توصية بتنحية الرئيس من منصبه نظراً لعجزه عن تأدية مهامه. ولو اعترض الرئيس، يمكن لمجلسي النواب والشيوخ أن يصدّقوا على التوصية بغالبية الثلثين من الأصوات. ولمزيد من الإيضاح، يشدّد زيمرمان على أنّ التعديل كان موجّهاً ليعالج قضايا الرؤساء الذين باتوا ضعفاء جسدياً وذهنياً للحكم لا الرؤساء غير الكفوئين أو غير الشعبيين، كما أظهرت ذلك النقاشات في الكونغرس.

عرّابو التعديل حسموا الموقف

ولفت كاتب المقال النظر إلى أنّ السيناتور عن ولاية نيويورك روبرت كينيدي جادل في أنّ التعديل قد يُستخدم كسلاح سياسي لتنحية أي رئيس ولأي سبب. عندها ردّ عليه السيناتور عن ولاية إنديانا بيرتش باي: "لن نصل إلى وضع ... حين يتخذ خلاله رئيس قراراً غير شعبي، سيُجعل مباشرة غير قادر على تأدية واجباته في منصبه". ويوضح زيمرمان أنّ باي كان المعدّ الأساسي لذلك التعديل.

يتابع الأستاذ الجامعي بافتراض أنّ التحقيقات اللاحقة أكدت وجود تواطؤ بين حملة ترامب وروسيا. هنا يجب التوضيح بحسب رأيه أنّ "العجز هو شيء آخر". وسأل عندها الأمريكيين عن فائدة اللجوء إلى سابقة تتم من خلالها تنحية الرؤساء لعللهم بغضّ النظر عن سوء أو عدم دقة تحديدها: "أين سينتهي ذلك؟". وكتب زيمرمان أنّ أعداء ترامب يلوّحون بالتعديل الخامس والعشرين لأهداف رفضها واضعوه صراحة، مشيراً إلى أنّ التمييز بين العجز من جهة والشعور الشخصي تجاه الرئيس من جهة أخرى، قد يتوقّف عليه مستقبل الرئاسة.