إجراءات أمنية في لندن بعد الهجوم الإرهابي.(رويترز)
إجراءات أمنية في لندن بعد الهجوم الإرهابي.(رويترز)
الإثنين 5 يونيو 2017 / 18:01

بريطانيا تريد ضرب الإرهاب.. لكنّها أعطت الإخوان حرية الحركة!

تعليقاً على رفع بريطانيا مستوى التحذير من التهديد الإرهابي، كتب الباحث في مؤسسة "هنري جاكسون سوسايتي" طوم ويلسون عن صعوبة توقع ما يمكن أن تضيفه الحكومة البريطانيّة من إجراءات أمنيّة على تلك الموجودة أصلاً.

تصعيد الإجراءات الأمنية والمخابراتية سيساعد بريطانيا في إفشال المخططات. لكنّ ضرب الإرهاب من جذوره سيتطلب محاربة عقيدته بشكل مباشر

 ففي مقاله ضمن مؤسسة الرأي الأمريكية "ذا ناشونال إنترست" رأى أنّ لندن لم تفرض حالة طوارئ شبيهة بتلك الموجودة في فرنسا، لكنّها "تتجه بنفس الاتجاه". وأشار إلى أن هذه الإجراءات غير الاعتيادية لا يمكن الحفاظ عليها لفترة طويلة، قبل أن يسأل عمّا إذا كان على بريطانيا أن تتأقلم مع العيش تحت تهديد الإرهاب كما قال رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس للفرنسيين.

ويكتب يلسون أيضاً عن وجود حدود لزيادة قوات الأمن على الأرض وكذلك على مستوى المراقبة المخابراتية. فسلمان عابدي كان معروفاً لدى السلطات في حين يُعتقد بوجود حوالي 3000 متطرف يقلقون الأجهزة الأمنية البريطانية. وعلى الرغم من ضخامة المهمة الملقاة على عاتقها، استطاعت هذه الأجهزة إحباط 13 مخططاً إرهابياً كبيراً خلال السنوات الأربع الأخيرة. ورأى الكاتب أن هذا العمل ملفت، لكن مع وجود عدد كبير من الإرهابيين الذين يتآمرون على البريطانيين "يستحيل" على الأجهزة كشف جميع أولئك الإرهابيين، وهذا ما حصل في مانشستر أو وستمينستر.

لا يأتون من فراغ

لذلك، يركز ويلسون على ضرورة الوقاية أو ضرب المؤامرات الإرهابية في مرحلتها المبكرة. فالهدف ليس فقط ضرب المخططات بل تخفيض أعدادها في المقام الأوّل. وهذا يعني اكتشاف واستهداف "التطرّف غير العنيف" في الأساس. فبغضّ النظر عن وجود "ذئاب منفردة" وأفراد يكتسبون التطرف بأنفسهم على الشبكة العنكبوتية، لكنّ الإرهابيين ليسوا "شخصيات معزولة آتية من فراغ لا نملك تجاهه تأثيراً أو سيطرة". فالأبحاث حول هذا الموضوع تشير بازدياد إلى تأثير العلاقات المباشرة بين الناس على تكوين جزء من شبكة الإرهابيين.

"صناعة تطرف كاملة"
يشير ويلسون إلى أنّ أكثر من 400 فرد عادوا من سوريا إلى بريطانيا لغاية الآن. وهذا الرقم هو نتيجة حتمية لواقع أنّ حوالي 850 بريطانياً اعتقدوا أنّ الحياة في ظل داعش كانت أكثر جاذبية من الحياة الديموقراطية الموجودة في المملكة المتحدة. وقامت الحكومة البريطانية بمواجهة "التطرف غير العنيف" الذي يمكن أن يولّد "عقيدة أكثر عنفاً". من هنا، يجب التأكد من أنّ استراتيجية الوقاية ضمن مكافحة التطرف يجب أن يتمّ تنفيذها بفاعلية. ومع ذلك، هناك "صناعة تطرف كاملة" تعمل في بريطانيا بدون أي قيود تقريباً.

حاجة للاعتدال والعمل الميداني

يذكر الباحث شبكة من المجموعات الإسلامية المتطرفة والنشرات الإلكترونية والدعاة الذين يبذلون جهوداً كبيرة لضرب مساعي مكافحة التطرف. فهم يعملون لتشريع النظرة المتطرفة إلى العالم ونشر نظريات المؤامرة التي تستهدف المسلمين وتدفع بعضهم إلى اعتناق العنف المتطرف. ويتابع ويلسون مشيراً إلى أنّ جدية المملكة المتحدة في هزيمة الإيديولوجيا التي تغذي الإرهاب يجب أن تترافق مع عرقلة أو تقييد النشاطات التي تشرّع تدمير بعض الأشخاص لطريقة عيش مواطنيها. هنالك حاجة لتحرك الباحثين المسلمين المعتدلين لكنْ هنالك أيضاً عمل ميداني على الأرض يجب تنفيذه.

وجب حظر الإخوان المسلمين
تحت رئيس الوزراء السابق دايفد كاميرون، راجعت الحكومة ما إذا كان يجب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. وفي نهاية المطاف رأت أن لا دليل كافياً لتبرير هذا التوجه. لكن ويلسون يشدّد على أنه لا يمكن إعطاء حرية حركة لهذه المجموعة أو سواها فقط لأنها لا تنخرط في نشاط إرهابي. "بوجود رجال دين يبررون العنف الديفي، الإخوان المسلمون بدون أي شك منظمة راديكالية إسلامية، ومع منظماتها المرتبطة، كان يجب أن يتمّ حظرها عن العمل في المملكة المتحدة".

محاربة العقيدة أهم من الأمن
من جهة مماثلة، هنالك الكثير من المساجد والمؤسسات التعليمية التي تتلقى تمويلاً أجنبياً وتستضيف بشكل اعتيادي خطباء متطرفين وتوزع نشرات متطرفة. ومنها الكثير ما أنتج تلامذة أو أتباعاً ذهبوا ليشنوا هجمات إرهابية أو سافروا لينضموا إلى منظمات إرهابية في الخارج. إذاً بالنسبة إلى الباحث، يجب سحب صفة الأعمال الخيرية من هذه الأماكن ومنع تمويلها الخارجي، كما يمكن لبريطانيا في حالات أكثر خطورة أن تتبع النموذج الفرنسي بإقفال هذه المؤسسات. ويخلص ويلسون إلى أنّ تصعيد الإجراءات الأمنية والمخابراتية سيساعد بريطانيا في إفشال المخططات. لكنّ ضرب الإرهاب من جذوره سيتطلب محاربة عقيدته بشكل مباشر.