قائد فيلق القدس قاسم سليماني مع مقاتلين في العراق.(أرشيف)
قائد فيلق القدس قاسم سليماني مع مقاتلين في العراق.(أرشيف)
الثلاثاء 6 يونيو 2017 / 20:21

لهاث إيراني لاحتواء التداعيات العراقية

أدى الحرص الإيراني على إضعاف الدولة العراقية ـ لابقاء البلاد ساحة تصفية حسابات وصندوق بريد لتبادل الرسائل مع المجتمع الدولي ـ إلى نتائج عكسية تهدد محاولات استنساخ نموذج مشوه لتجربة الملالي الإيرانية في العراق

يواجه نظام الملالي الإيراني ساعة الحقيقة في العراق مع تزايد دعوات قوى وأوساط عراقية لتأجيل الانتخابات النيابية المقررة العام المقبل وتشكيل حكومة مؤقتة.

بعض بواعث القلق الإيراني يكمن في دلالة الدعوات على وصول التحالف الوطني العراقي الحاكم إلى طريق مسدود بعجزه عن ايجاد حالة من التوافق بين مكونات الشعب العراقي واستسهاله اتباع سياسات الفرز الطائفي.

علاوة على عجزه عن كبح جماح شهوة تمييز طائفة على أخرى بلغ التحالف نقطة اللاعودة في المحافظة على نمط علاقاته الداخلية بعد سنوات من الاستخدام الايراني لسياسة العصا والجزرة في إبقاء السيطرة على الأطراف المشاركة فيه.

بشكل او بآخر ساهمت الازمة البنيوية للتحالف وسياساته المالية ـ التي استسهلت استخدام موارد الدولة في استقطاب المحاسيب وايجاد تشكيلات سياسية صورية تغلب عليها الذهنية الزبائنية وتهريب الأموال إلى الخارج ـ في تعميق المأزق الاقتصادي العراقي الذي تتمثل أبرز مظاهره في تراكم الديون وسحب الحكومة 48 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي ومواجهة صعوبات في دفع رواتب موظفي الدولة مما يهدد بانقطاعها وتراجع اداء قطاعات حيوية مثل القطاع الصحي.

بدورها ساهمت الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن ممارسات التحالف وحكوماته في تعميق أزمته السياسية متعددة الجوانب الأمر الذي يمكن التقاطه بسهولة في الاتهامات المتبادلة بايصال الاقتصاد العراقي إلى ما وصل إليه ورفع المرجع علي السيستاني الغطاء الديني عن قوى الإسلام السياسي الشيعي احتجاجاً على فساد إدارتها وشبهات تصرفها بأموال الدولة.

جدلية التأثير المتبادل بين الاقتصاد والسياسة وانعكاساتها على الحياة المعيشية للعراقيين أدت الى توفير المناخات الملائمة لحركة مدنية ما زال نشطاؤها ينزلون الى الشوارع للتأشيرعلى فساد حكم رجال الدين والدعوة الى الدولة المدنية.

وبذلك أدى الحرص الإيراني على إضعاف الدولة العراقية ـ لابقاء البلاد ساحة تصفية حسابات وصندوق بريد لتبادل الرسائل مع المجتمع الدولي ـ إلى نتائج عكسية تهدد محاولات استنساخ نموذج مشوه لتجربة الملالي الإيرانية في العراق وتكريس تبعيته لمراكز الحكم الإيراني مما أدى الى استنفار طهران لأدواتها في العراق.

تضيف حمى التحركات الإيرانية في العراق للابقاء على موعد الانتخابات النيابية مؤشراً آخر على رغبة الملالي في الاستمرار بلعبة "المأزوم الذي يحاول حل أزماته على حساب أزمات الآخرين"، وقد تنجح طهران من خلال العلاقة المشوهة مع الأطراف الحليفة في الوصول إلى مسعاها والحيلولة دون تأجيل يتيح وقفة لإعادة النظر في ما وصلت إليه الأمور على مدى السنوات الماضية لكن النجاح والفشل في مثل هذه الجزئية لا يبرئ الإيرانيين من مسؤوليتهم عن ما وصل اليه الوضع العراقي ولا يعني وقف تدهور النموذج الإيراني وصورته العراقية.