الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الإثنين 12 يونيو 2017 / 20:45

آخر المسامير في نعش العلاقة.. اللجوء إلى إيران وتركيا

تريد قطر رسم خرائط جديدة لنفوذها داخل الخريطة العربية الواحدة، والدليل أنّ الدوحة تقوم على تمويل المرتزقة من الجماعات المتطرفة، وشق صف المعارضة المعتدلة في مناطق الصراع والتوتر

مازالت السلطات القطرية في الدوحة ترتكب الانتهاكات الجسيمة، من التصعيد والتحريض الإعلامي، ودعم النشاطات الإرهابية المسلحة، إلى تمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى.. إلخ. وفشلت المحاولات كافة لإثنائها عن دعم التنظيمات الإرهابية، على الرغم من إعلان قوائم بأخطر 59 إرهابيًّا وضعتهم مصر والسعودية والإمارات والبحرين على قوائم المطلوبين، بالإضافة إلى 12 كياناً يمولون التنظيمات الإرهابية، وترتبط بالنظام القطري.

وهي تسعى للعبث بأمن واستقرار دول العربية والخليج بهدف شق الصف الداخلي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، من خلال جماعة الإخوان وداعش والقاعدة، وجماعات الحوثيين، والجماعات المدعومة من إيران وسوريا وليبيا، وإيواء قياداتها الصادر بحقهم أحكام قضائية، والترويج لثقافة هذه الجماعات ونشاطاتها. وقد زعمت الدوحة أن تلك الاتهامات عارية عن الصحة، ما يؤكّد تمسكها بإيواء الجماعات المتطرفة، متحدية كل القرارات وإرادة الدولة العربية، والإصرار على اتخاذها مسارًا معاديًا للدول العربية.

إنّ نشر القائمة الإرهابية فرصة سانحة لتراجع قطر سياستها المراوغة، وتحاصر التنظيمات المتطرفة إلى حد كبير، وتضعف تأثيرها وتقلّص فاعليتها، وتمنع قطر من توفّير مظلة حماية أو منفذ لإفلات المتطرفين، ومحاولة لتغيير التوجه من مسار التصعيد والتحدي لدول الجوار إلى إيجاد الحلول لإخراج المنطقة من المأزق التي تعانيه.

لقد جاءت هذه الخطوة بعد أن استنفدت كل المحاولات الدبلوماسية لإعادة قطر إلى الإجماع الخليجي والعربي، وتبين للجميع أنها وراء أجواء التطرف الديني والطائفي بين شعوب المنطقة، وتقف وراء حالة الفوضى في العديد من دول المنطقة، وتستخدم توليفة التخوين وإقصاء الآخر وشرعنة قتله، ولأن ذلك أيضًا لا يليق بمكانتها كدولة خليجية، ولانتهاكها الصارخ لكل الاتفاقات والمواثيق، ومع ذلك فإنها آثرت المضي قدمًا في مواقفها، متحدية إرادة الإجماع الخليجي والعربي.

ثالثة الأثافي بل آخر المسامير في نعش العلاقة اللجوء إلى "الحليفين" الإيراني والتركي، والإلتفاف حول قطر لرغبة كامنة من هذه الدول لتأمين أنفسهم قبل أن تكشف الأقنعة أو يصبح مصيرهم هو نفس مصيرها، بل اللجوء إلى هؤلاء الحلفاء معناه أنها مازالت تصر على مواصلة سياساتها التي تؤدّي إلى الوقيعة بين شعوب المنطقة، وزعزعة أسس الأمن، بل تتيح الفرصة للأطراف الخارجية كي تواصل تدخلاتها الهدامة في المنطقة، وتنفيذ مشاريعها التوسعية التي تهدد الأمن القومي الخليجي والعربي والتغافل عن معالجة البؤر المظلمة التي خلفتها في المنطقة، وليس من السهل على الإطلاق القبول بالنفوذ وبسط الهيمنة لأجندات إجرامية داخل الخريطة العربية والخليجية الواحدة.

حتمًا هذه الحقيقة جارحة ومؤلمة لكل خليجي، فسياسة قطر انزلقت في وحل عميق، والفكر الإرهابي صار جزءاً أصيلاً من مكونها الداخلي، كما لأنها لا تملك سوى التخبط، دون استراتيجية محددة، ولكن لا بد من لحظة مفصليّة تواجه فيها قطر ذاتها، وتراجع أوراقها، وتسدد فواتير باهظة من فقدان التعايش الآمن والعادل، فالتواطؤ مع عملاء الإرهاب والتطرف الخارجي ساهم في تحرك خلايا الإرهاب النائمة، وزاد من إهدار الدماء واستحكام قواميس التنابذ والكراهية.

لا نبالغ إذا قلنا إن دول المنطقة تعيش أسيرة شعور عميق بالخوف والريبة من سياسة الدوحة وردود فعلهم العشوائي، فكان هذا الإعلان لهذه الكيانات ضرورة ملحة لبناء سياسة الجسور والترابط - المراجعة والتقويم -على أنقاض سياسة الكراهية والجدران، والإلتزام الكامل بكل التعهدات، وحتى لا يتكرر شق الصف بين الفينة والأخرى.

موجة محمومة يشنّها الإعلام القطري، وتلفيق اتهامات لا أساس لها من باب الإسقاط والتضليل، ونشر روابط مزورة باسم صحيفة "الإتحاد" لزرع بذور الفتنة بين الاشقاء في الخليج، ولأنها لا تستطيع مطلقاً تسويغ توجهاتها غير المبررة، فهي تعيق السلام وتمنع الأمن وتنشر الحروب، والهدف من اللعب على التناقضات، بغية القيام بكل الأدوار الكبرى. تريد قطر رسم خرائط جديدة لنفوذها داخل الخريطة العربية الواحدة، والدليل أنّها الدوحة تقوم على تمويل المرتزقة من الجماعات المتطرفة، وشق صف المعارضة المعتدلة في مناطق الصراع والتوتر، لتجييش القيادات وبعث الفتنة الداخلية، وبسط سيطرتها خارج الإقليم الجغرافي البعيد. وكل هذه الأمور لا يمكن تفسيرها عندما تطوق تحت عنوان الاستقلالية ورفض الوصاية كما تدعي حكومة تميم بن حمد، ولا بد من الاعتراف بأن أولويات قطر.. «الأدوار الكبرى» على حساب الأمن القومي العربي.

لايمكن أن ينتصر الإرهاب عندما يتعامل المذنب أو المجرم مع الأحداث الجسام بلغة الفوقية والمكابرة، والتعالي على الحق-وهو الشقيق- وعدم الاعتراف بالجرائم الجسيمة التي تسبّبت بخلق الفوضى وشيوع الفكر المتطرف، فالحدود العربية تتعرض لمحاولة انتهاك حصانتها على أيدي الإرهابيين وعلى أيدي منظري الانقلابات الإقليمية، الخطر نجح، للأسف، في شق الصف، وخلق الانقسامات، وبل نشر القلق والشك والكراهية بين النّاس، ولهذا-لا عجب- أن تكون مقاومة الإرهاب ضرباً من ضروب المستحيل، مادام سياسة قطر تلعب على وتر الإزدواجية في المعايير.