الثلاثاء 13 يونيو 2017 / 20:32

قطر والإعلام الإخواني

ما تزال قطر أسيرة قناة الجزيرة الإرهابية ذات القيادة الإخوانية.

لقد كشفت أزمة المقاطعة التي تمر بها قطر حاليا وتذوق مرارتها عن أنها ما تزال أسيرة سياسة تنظيم الإخوان الإرهابي الذي يسيطر على الجهاز الإعلامي القطري بمباركة رسمية من الحكومة القطرية التي كانت -وما تزال- حضنا دافئا لهذا التنظيم الإرهابي الذي يعيش منذ عقود طويلة في دور المظلوم في كل شيء على الرغم من الدماء التي تلوثت بها يده طوال تاريخه الأسود.

وها هو الإعلام القطري يمارس حالياً السياسة ذاتها عبر تحويله نتائج الأزمة التي تسبب بها لنفسه إلى قضية إنسانية. ولم تكن هذه الممارسة أول الممارسات الإخوانية في هذا الشأن، إذ سبقها استغاثة الحكومة القطرية فوراً بإيران وتركيا صاحبتي الأطماع الأكبر في منطقة الخليج العربي تحديداً
لقد شكلت الاتفاقيات العسكرية والأمنية التي وقعتها قطر مؤخراً مع تركيا ثم مع إيران، اختراقا كبيرا للأسس التي قامت عليها منظومة مجلس التعاون الخليجي، لكنها لم تكن في حقيقة الأمر إلا دليلا على الاختراق الإخواني للسياسة القطرية، التي تسعى بشكل واضح إلى إنقاذ مشروع تأسيس كيان دولي للإخوان لا يمانع في سبيل تحقيقه أهدافه من التعاون مع الشيطان، ولا ننسى كيف سعى تنظيم الإخوان الإرهابي إلى تعزيز علاقته بإيران مع بداية استيلائه على الحكم في جمهورية مصر الشقيقة، وذلك من خلال الزيارة الرسمية لوفد سياسيي إيراني إلى مصر، مما أثار حينها علامات استفهام كثيرة حول المنزلق الذي يريد مرسي أن يجر جمهورية مصر نحوه. كما لا ننسى وقوف الحكومة التركية إلى جانب تنظيم الإخوان عقب ثورة الشعب المصري عليه وإخراجه من المشهد السياسي في مصر.

إن لجوء قطر إلى توقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية مع إيران أمر لا مفاجأة فيه، فتنظيم الإخوان الإرهابي الذي تحتضنه قطر كان من أول المهنئين للثورة الخمينية في انقلابها على الشاه عام 1979.

إن الممارسات القطرية خلال السنوات التي تلت انقلاب حمد بن خليفة على والده، كشفت عن شذوذ في طبيعة هذه الممارسات تحت أكثر من غطاء، وشذوذ أكبر في التعامل مع الأزمة التي تسببت بها قطر لنفسها مؤخرا لتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، وبدل أن تفكر في كيفية الوصول إلى حل يخلصها من آثار قرار المقاطعة السيادي الذي اتخذته المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين إلى جانب جمهورية مصر، اتجهت إلى اللعب على وتر العاطفة والتعامل مع قرار المقاطعة على أنه قرار حصار يخالف الأعراف الدولية وحقوق الإنسان.

ولم تكن الخطوة التي أقدمت عليها دول المقاطعة قبل ثلاث سنوات عندما سحبت سفراءها من قطر إلا بمثابة إنذار مبكر لها كي تراجع سياستها المضرة بدول الخليج والمنطقة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لردعها عن ممارساتها غير المقبولة من جيرانها.

تريد قطر اليوم أن تعيش دور الضحية المظلومة، على الرغم من كل الممارسات التخريبية لحكومتها التي أثبتت أن تغير وجه الحاكم فيها لا يعني تغير سياستها الإخوانية العدائية.

يريد الإعلام القطري أن يلعب على وتر العلاقات الإنسانية والأسرية في الخليج على الرغم من أن الحكومة القطرية لم تضع لهذه العلاقات أي شأن أو اعتبار في أثناء محاولاتها الفاشلة لتقسيم جيرانها وزعزعة استقرارها، وهو ما كشفته جلياً التسجيلات الصوتية المسربة بين حاكم قطر السابق والرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وكذلك التسجيلات الصوتية لوزير خارجية قطر الأسبق.

يريد الإعلام القطري الآن أن يذكّر الجميع بوحدة الدم والنسب بين أهل قطر والدول الخليجية التي قاطعت الحكومة القطرية، غاضا الطرف عن التدخل القطري في الشأن البحريني ودعمه حركات التمرد والثورات الطائفية فيها ماديا وإعلاميا، وبمباركة وتأييد إيراني، وكذلك تدخله في الشأن المصري.
إن السياسة القطرية تعيش حالياً في تناقضات لا حصر لها. إذ إن لها أذرعاً إعلامية عديدة، على رأسها قناة الجزيرة الإرهابية المحرضة على الثورات جهاراً، والبعيدة عن المصداقية في تغطياتها، وفي الوقت نفسه، تصر السياسة القطرية على أنها داعمة لاستقرار الدول!

وقطر تدعم الفصائل المتناحرة في كافة الدول العربية وتزودها بالسلاح والأموال، لكنها تريد أن يعيش سكانها في سلام وبمعزل عن الحروب وويلاتها.
وقطر تدعم الثورات والتفجيرات والصراعات في أماكن عديدة، ثم تقول إن هناك مؤامرة دنيئة تريد النيل منها ومحاصرتها.

وقطر تهاجم الدول التي تريد مهاجمتها بتقارير مفبركة وغير نزيهة من خلال قنواتها وأذرعها الإعلامية والحسابات الوهمية في وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تعتبر أي ردة فعل عليها من إعلام الدول الأخرى حربا قذرة تخالف مبادئ الإعلام النزيه!

وقطر تفتح قنواتها الإعلامية أمام أصحاب الرأي المضاد للدول الخليجية والعربية بحجة حرية الرأي، وتسجن في الوقت نفسه شاعراً قطرياً نظم قصيدة عبر فيها عن رأيه بصراحة في سياسة حكومة بلاده.

وقطر تريد الآن أن ينصفها الجميع، لا بالأدلة والبراهين التي تدين ممارساتها الداعمة للإرهاب وتفضحها، بل بمقاييس النزاهة التي تدعيها وتضع مقاييسها وفق هواها ورؤيتها هي.

بئس الرؤية وبئي المقاييس.
لقد بلغ السيل الزبى.